زينة البكري (تم نشر المقال في النسخة الورقية من جريدة 24/24 بتاريخ 7 جانفي 2022)
قبل أشهر قليلة كانت الشابة آمنة حكايمية تمارس حياتها بشكل طبيعي، تعمل وتهتم بأطفالها وتعيل أسرتها، إلا أنها أصبحت اليوم حبيسة جدران منزل والديها وذلك بعد أن أقدم زوجها على اقتلاع عينيها لتفقد بعد هذه الحادثة بصرها إلى الأبد.
وآمنة حكايمية هي واحدة من آلاف النساء اللاتي كن ضحية لجرائم التشفي والانتقام التي انتشرت بشكل كبير في مجتمعنا رغم ترسانة القوانين التي تحمي المرأة من العنف، حيث أن زوجها عمد إلى اقتلاع عينيها عندما قررت تطليقه بسبب الخيانة والعنف الزوجي، وفق ما أكدته آمنة لـ 24/24.
وبعد حوالي 6 أشهر من فقدان آمنة (33 عامًا) وأم لأربعة أطفال لعينيها، لا تزال تنتظر إلى اليوم لفتة جدية من وزارة المرأة أو من وزارة الشؤون الاجتماعية لتمكينها من دخل شهري قار ومن منزل يأويها رفقه أطفالها القصر.
تقول آمنة عن معاناتها لـ 24/24 ‘قبل 6 اشهر كنت أعمل وأعيش حياة طبيعية، أرعى أطفالي بشكل جيد لكنني اليوم أصبحت حبيسة الفراش لا أستطيع التحرك بحرية ولا أرى أطفالي وهو يكبرون أمامي’.
تضيف بألم وحزن ‘اقتلع زوجي عينيّ وحرمني من نظري إلى الأبد … هو ينعم بنظره في السجن وأنا أحارب في منزل أبي لتربية أطفال وإعالتهم وتوفير مقومات الحياة لهم … لكنني لم أعد قادرة’.
تعيش آمنة رفقة والديها وشقيقتها وستة أطفال في منزل من غرفتين حيث تعاني العائلة من ظروف اجتماعية صعبة مع تقدم الأب في السن وارتفاع الأسعار وكثرة المصاريف والأدوية.
بطاقة إعاقة … لا أريدها
في الحقيقة مأساة آمنة لا يمكن وصفها ببعض الكلمات فهي فقدت نعمة البصر التي هي من أعظم نعم الله علينا كما تقول هي، لكنها لازالت تقاوم وتتمسك من أجل أطفالها القصر الذين يحتاجون إليها وإلى وجودها في حياتهم.
هنا تتحدث آمنة عن مساعدة السلطات المعنية لها لتقول ‘عندما فقدت نظري انتظرت دعم الدولة لي من خلال تمكيني من إجراء عملية تجميلية لإصلاح ندوب وجهي ولتركيب عيون اصطناعية لكنها الدولة كافأتني بمدي ببطاقة إعاقة ومنحة شهرية قدرها 180 دينارا’.
تضيف ‘ماذا يمكن أن تفعل منحة مالية بسيطة بـ 180 دينارا؟ هل يمكن أن تعيل أم و4 أطفال يحتاجون إلى الأكل والشرب واللبس ومصاريف المدرسة ويحتاجون إلى الدواء والرعاية الطبية والنفسية بشكل دائم؟’.
تواصل حديثها قائلة: ‘أنا لست معاقة ولا أريد بطاقة إعاقة … أريد دعما حقيقيا من الدولة مثل توفير منحة قارة وتمكيني من منزل صغير يأويني وأطفالي من برد الشتاء وحرارة الصيف… طلبي بسيط جدا’.
وتحدثت آمنة عن تلقيها لبعض المساعدات الظرفية من وزارة الشؤون الاجتماعية مثل تمكين أطفالها من بعض الملابس في العودة المدرسية ومبالغ مالية تتراوح بين 500 إلى 1000 دينار من بعض الجمعيات النسوية لكنها تعتبرها مبالغ مؤقتة.
وعن تمكينها من بطاقة علاج مجاني، أكدت محدثتنا أنها تعالج مجانا داخل المستشفيات العمومية لكنها تتفاجئ في الخارج بأسعار الأدوية المرتفعة مؤكدة أنها غير قادرة على توفير ثمن الأدوية المرتفعة، وفق قولها.
ودعت آمنة حكايمية من وزير المرأة والأسرة والطفولة، آمال موسى ورئيس الجمهورية، قيس سعيد إلى التدخل لفائدتها لمساعدتها ماديا ومعنويا على تجاوز محنتها وتربية أطفالها ، مؤكدة أنها ملت من الوعود.
وجدير بالذكر، فإن العنف المسلط على النساء في تونس يشهد ارتفاعا لافتا سنة تلو الأخرى، رغم ترسانة القوانين، حيث كشفت وزيرة المرأة والأسرة والطفولة، آمال موسى، أن ظاهرة العنف الزوجي تمثل 78% من إجمالي عمليات العنف المسجلة ضد المرأة.
وأضافت آمال موسى في تصريح سابق، ‘أن الوزارة تلقت ما يتجاوز 15 ألف مكالمة للتبليغ عن عنفٍ مرتكبٍ ضد النساء، على الخط الأخضر 1899، وهو ما يكشف تضاعف أرقام العنف المسجلة بما يفوق 7 مرات’.
وحول تطبيق القانون عدد 58، أكدت وزيرة المرأة أن الإشكال يتعلق بتوفير موارد بشرية في جميع المحاكم والوزارات وتكوين القضاة حول القانون المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة.
وشددت وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السنّ، على ضرورة اعتماد مقاربة أخرى للتعامل مع مسألة العنف ضدّ المرأة خاصة وأن العنف يمثّل ظاهرة يشتكي منها المجتمع التونسي.