عبر رئيس الجمهورية قيس سعيد في مراسم أداء أعضاء هيئة الانتخابات المعيّنة مؤخراً اليمين الدستورية في قصر قرطاج عن رفضه وجود مراقبين و ملاحظين دوليين لمراقبة سير العملية الانتخابية و الاستفتاء مستندا في ذلك على أن تونس ليست دولة محتلة بل قادرة على الأخذ بزمام الأمور و انجاح مسارها الديمقراطي. وتساءل قيس سعيد ألم ترسلوا مراقبين، من قبل وأرسلتم برقيات التهاني وأنتم تعلمون أنها انتخابات مزيفة وعرفت تونس مشاركة مراقبين أجانب وأمميين في مختلف المحطات الانتخابية خلال العشر سنوات الماضية وأشادوا في تقاريرهم بنزاهتها وديمقراطيتها.
هذه التصريحات أثارت حفيظة العديد من المتابعين للشأن العام الذين ادانوا هذا الخطاب مؤكدين تأثيره على مستقبل العلاقات التونسية مع المنظمات الدولية..
من جهته أكد رئيس “الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات” عتيد، بسام معطر لـ24/24 إن حضور الملاحظين الدوليين أو المحليين فيه أهمية كبرى للعملية الانتخابية، تتجلى في التقارير التي يصدرونها, باعتبارهم محايدين عن العملية السياسية فإن تقاريرهم تكتسي مصداقية كما أن لديهم من المشروعية أن يلاحظوا كل شيء سلبي يحدث كما أنهم يثمنون أي شيء إيجابي.
بالإضافة الى أن دورهم يتمثل في إعطاء أكثر مصداقية على العملية الانتخابية، كما أن الناخب أو المواطن بعد اطلاعه على تقارير الملاحظين المحليين أو الدوليين تتكون له فكرة حول حياد هذه الانتخابات ونزاهتها وشفافيتها وديمقراطيتها.
وأكد معطر أن الجمعية التي يترأسها “لديها تجارب هامة في عملية الملاحظة الانتخابية وشهدنا أن المواطن عند اطلاعه على التقارير تتكون له فكرة وتشجعه للقيام بواجبه الانتخابي”، قائلا إن “المقصود هو الملاحظ وليس المراقب، فدورنا ملاحظة سلامة العملية الانتخابية وليس التدخل فيها، والملاحظون الدوليون أو المحليون يتابعون الانتخابات ثم يعدون تقاريرهم من دون تدخل في مسارها.
لأن عملية ملاحظة الانتخابات معمول بها في أغلب دول العالم، خاصة في الدول الديمقراطية، ونحن الملاحظون التونسيون تتم دعوتنا لملاحظة الانتخابات في دول أخرى وذلك لإعطاء مصداقية وشرعية أكبر على العملية الانتخابية, فنحن لا نبحث عن مقبولية الانتخابات عند الدول الأجنبية، ولكن نبحث عن تثمين صورة الديمقراطية عبر الملاحظ الأجنبي لأن التعريف الحقيقي للديمقراطية ليس لدينا ما نخفيه، بل بالعكس يجب تثمين التجربة وتوفير كل أسباب نجاحها ففي النهاية الملاحظ الدولي أو المحلي سيكون مرآة أخرى بصورة أكثر موضوعية ونزاهة.
قيس سعيد بصدد اعدام العلاقات مع المنظمات الدولية برفضه حضور المراقبين و هذا نكوس ستكون له انعكاساته السلبية على الاقتصاد التونسي
في ذات السياق أكد الباحث في العلاقات الدولية والدبلوماسي التونسي السابق بشير الجويني لـ 24/24 : ان تونس في كل الحالات منذ 2011 و بعد دستور 2014 التحقت بنادي الدول الديمقراطية و هذا الانجاز له التزاماته كما لديه جملة من الحقوق و الواجبات , و الجدير بالذكر أن تونس في الـ10 سنوات الأخيرة تحصلت على حقوقها في دعم التجربة التونسية و الاشادة بها في كل أنحاء العالم , من مساعدات و دعم مادي و لوجيستي , و اقتصادي من شركاءها في الاتحاد الأوروبي و من أمريكا , من أجل دعم هذه التجربة بمختلف الاشكال و الدعائم. و بالتالي كل تراجع عن أي مكسب من مكاسب دستور 2014 و ثورة 2011 تتم قراءته في باب التضييق على المجتمع المدني و على الحريات و التضييق على كل مظاهر الديمقراطية التمثيلية كما يعرفها العالم.
و شدد الجويني على أن موقف قيس سعيد الرافض لحضور مراقبين دوليين كما جرت به العادة لملاحظة سير العمليات الانتخابية و من ثمة رفع التقارير الازمة سيكلف تونس الكثير و سيعمق حالة العزلة الدولية التي تُعاني منها تونس و يُعانيها نظام قيس سعيد الذي أصبحت تضيق به يوما بعد يوم امكانيات التواصل مع مختلف الدولة حتى الشقيقة و الصديقة منها , على غرار المشاكل مع ليبيا و الجزائر , في خرق واضح لثوابت الدبلوماسية التونسية .
و ختم الجويني ان رئيس الجمهورية بصدد نسف و اعدام العلاقات مع المنظمات الدولية و مع المجتمع الدولي و مع شركاء و أصدقاء تونس و هذا في حد ذاته نكوس ستكون له انعكاسات سلبية على الاقتصاد التونسي و على كل الميادين التي تشكو بطبعها أزمات متفاقمة. لأن مراقبة الانتخابات عُرف دولي مضمّن بالقانون الانتخابي التونسي. وغلق الأبواب في وجه المراقبين الدوليين قد يجعل من المجتمع الدولي يشكك في مصداقية الانتخابات ونتائجها.
عدم حضور مراقبين قد يؤثر في نزاهة العملية الانتخابية
و قال العضو السابق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات بلقاسم أن “المعايير الدولية في الانتخابات تفرض وجود مراقبين تابعين لهيئة الانتخابات وأيضاً ملاحظين أجانب وهي عادة محمودة في أي انتخابات في العالم، لتعزيز شفافية العملية الديمقراطية بيْد عدم حضور مراقبين قد يؤثر في نزاهة العملية الانتخابية، و حيادية وحرفية الملاحظين الأجانب، إذ إنهم “لا يتدخلون في العملية الانتخابية، ويقومون بمهمتهم في كنف الحرية والشفافية، ويقدمون تقاريرهم النهائية التي يمكن لهيئة الانتخابات أن تستأنس بما جاء فيها.