حاورته يسرى حطاب
أعلنت قوى وشخصيات تونسية معارضة عن تشكيل “جبهة الخلاص الوطني” رسميا لتكون تجمعاً سياسياً يُناهض سياسات الرئيس قيس سعيد التي تعتبرها “أحادية” و”تكرس الحكم الفردي و حول اهم اهداف هذا الطيف السياسي و قراءاته للوضع العام كان لـ 24/24 الحوار التالي مع أبرز أعضائها الناشط السياسي جوهر بن مبارك
قراءتك للوضع العام في البلاد؟
الوضع كان صعب على امتداد عشر سنوات, كان الانتقال الديمقراطي فيها صعب , و الفاتورة كانت على حساب التونسيين الذين دفعوا ثمن العملية السياسية , اخفقاتها و فشلها في العديد من المحطات , صحيح ان هذه التجربة نجحت في تحقيق بعض المكاسب المهمة للشعب لكن تردي الاوضاع الاقتصادية و الاجتماعية حال دون استكمال الطريق , هذه التراكمات وضفها قيس سعيد لتنجب 25 جويلية رغم ان سعيد كان طرفا فيها ,باعتبار صعوده الى الحكم منذ 2019 و هو بدوره ساهم في تعفين الوضع السياسي و الاقتصادي الذي بان خورها اِبان أزمة الكوفيد , استغل كل الظروف لينقض على مؤسسات الدولة و قام بحل كل المؤسسات المنتخبة ,حيث هدم مفهوم الجمهورية و مفهوم دولة القانون الشيئ الذي انعكس سلبا و أدى الى اختناق سياسي أفرز عزلة داخلية و أخرى خارجية انعكست بدورها سلبا على الاستثمار و على قيمة الدينار الذي يشهد انهيار قياسي و تاريخي و النتيجة انهيار في المقدورة الشرائية للمواطن التونسي ضف الى ذلك غلاء الاسعار و شح المواد الاساسية على غرار الأدوية و المواد المشتقة من الحبوب و الزيت النباتي. كل هذا و رئيس الدولة مازال سجين عالمه الدستوري الشكلي المؤسساتي دون توفر الحد الأدنى من العقلانية.
تقييمك لأداء الحكومة؟
انهيار غير مسبوق في الاعتمادات المالية و عجز الميزان التجاري بالإضافة الى توقف المشاريع التنموية في كامل انحاء البلاد , ارتفاع نسب البطالة و عدم قدرة الدولة حتى على توفير أجور موظفيها, حتى ان أجور الشهر الفارط كانت عن طريق قرض من الاتحاد الأوروبي قيمته 300مليون أورو و لا نعرف من أين ستوفر الحكومة أجور الشهر القادم.. هذه هي انجازات حكومة بودن و التي تستعد لإضراب عام في كل المؤسسات حتى ان أحد مسؤولي صندوق النقد الدولي وصف الوضع الاقتصادي التونسي بالكارثي رغم تحفظهم.
ما سبب اخفاق جبهة الخلاص الوطني في توحيد المعارضة ؟
النتيجة التي بلغتها جبهة الخلاص الى حد الاَن غير كافية لكننا مازلنا نعمل صلب الجبهة على استقطاب بقية الاحزاب و لدينا حوارات لا تنتهي مع الشخصيات الوطنية و اعتقد انه في نهاية الأمر عندما تتضح الصورة أكثر فأكثر بالنسبة لهذه القوى الرافضة لـ” الانقلاب “, و المتعارف غليه ان في مثل هذه المعارك المصيرية لا وجود الا لخطين لا ثالث لهما و هما خط الحرية و الاستبسال في الدفاع عن الديمقراطية و الجمهورية و خط “الانقلاب” و الاستحواذ على السلطات و تغييب الحوار و التشاركية , و اعتقد انه في نهاية المطاف ستتوحد الصفوف , و الجدير بالذكر ان ليس بالضرورة تجمع الكل في هيكل سياسي موحد بل الاهم و الذي عملنا عليه طيلة أشهر صلب المبادرة الوطنية “مواطنون ضد الانقلاب” الا و هي وحدة الموقف او ما يُسمى بجبهة الموقف و التي استفادت كثيرا من الاخطاء الفادحة التي ما فتئ يرتكبها رئيس الجمهورية . الذي يسير بالبلاد نحو كارثة معلنة .
رغم محاولاتكم ايقاف الرئيس عن تنفيذ مشروعه الا انكم فشلتم في ذلك؟
المعارضة تصب في نفس الهدف الا و هو الموقف المتصلب ضد قيس سعيد و ضد الاجراءات الاعتباطية التي يتخذها يوما بعد يوم و اعتقد اننا وصلنا الى هذه المرحلة و هي التحقق من أن نظام سعيد شارف على نهايته باعتبار كمية الضغط الموجهة للرئيس و هو ما يُفسر اضطرابه و تشنجه و عدم قدرته على التحرك رغم انه يحاول إظهار انه ماض في تحقيق مشروعه دون قيد و لكن عناوين برامجه الاساسية فشلت و بوادر فشل العناوين المتبقية واضحة , شعبيته تدنت و مثبتة في عمليات صبر الآراء.
رئيس الجمهورية دعا الشعب التونسي الى الاستفتاء , ولكن على ماذا؟ أين الدستور التي ستقام عليه عملية الاستفتاء , حتى اللجنة التي ستقوم بصياغة هذا الدستور غير موجودة , و بالتالي لا وجود الا لأوهام بذهن سعيد ,حتى انه هناك بعض ارقام صبر الاراء تؤكد ان 77بالمائة من التونسيين لا يعرفوا نشيء عن هذا الاستفتاء و لن يُشاركوا فيه , 18بالمائة يعرفون ان هناك استفتاء لكنهم لن يُشاركوا, و بالتالي نسبة ضعيفة جدا تُعبر عن رغبتها في المشاركة و أجزم انها ستكون محطة فاشلة بل أكثر من ذلك نتوقع ان سعيد لن يبلغ مرحلة الاستفتاء و لا حتى كتابته , الا في فرضية واحدة الا وهي ان الدستور جاهز ومن صنع سعيد بمفرده منذ سنوات و هذه هي الحقيقة .
يُفسر البعض سبب فشل جبهة الخلاص الوطني في توحيد المعارضة بوجود بعض المكونات السياسية التي شاركت في الحكم و ساهمت في انهيار البلاد؟
خلال العشر سنوات الفارطة تقريبا كل القوى السياسية شاركت بشكل أو باَخر في الحكم , قوميين ,ليبيراليين, و الطرف الوحيد الذي شارك بشكل كبير و هيمن على ادارة المرحلة السابقة فهو الاتحاد العام التونسي للشغل ,فهو الطرف المهيمن في الحكم و في ادارة دواليب البلاد على امتداد ال10سنوات الاخيرة , صحيح من موقع اَخر و لكن مؤثر و بشكل كبير على تكليف الحكومات و اختيار الوزراء , على سياسات الحكومات , على تعيين الوزراء , عزل الوزراء , المنظمة الشغيلة كانت حاضرة في صيغة الحكم و بشكل كبير ,حزب نداء تونس ايضا, حركة الشعب ايضا شاركت في الحكم مع التيار الديمقراطي , محمد عبو شارك في حكومتين. الطيف السياسي الوحيد الذي لم ينخرط في الحكم هو حزب العمال .
كل الذين يقولون ان من شارك في الحكم في العشرية الماضية لا يمكن ان يكون جزء من الحل في الحاضر واهمون و يتناسون انهم هم في حد ذاتهم جزء من هذه العشرية حتى قيس سعيد الذي حكم لمدة سنتين عين رؤساء حكومات و اقالهم و عرقل تشكيل المحكمة الدستورية و قال ان اجالها انتهت ,المسؤولية جماعية.
اتهامات لجبهة الخلاص بتبييض احزاب ساهمت في تردي و تعفن الوضع العام في البلاد؟
في اطار ترتيب الاولويات اجلت جبهة الخلاص نقدها و تسعى الان الى توحيد الصفوف نحو الخطر الداهم و الاولوية القصوى هي مقاومة الانفراد بالسلطة و هدم مكتسبات الدولة الوطنية و الانتقال الديمقراطي, سعيد هو المعضلة رقم 1 ,و كل الجهود مركزة و كل الأصدقاء و كل من يحارب هذا المد الشعبوي الذي يُهدد المجتمع , لان الخوف كل الخوف على المجتمع اكثر من القوانين و المؤسسات لانها ستعود و يُصلح حالها و لكن وحدة التوانسة اليوم في الميزان لان الرئيس يسعى بكل جهده الى تقسيم و تشتيت المجتمع .
جبهة الخلاص تضم كل من يُرتبون الاولويات بهذه الطريقة و اولا انهاء قوس “الانقلاب” , ثانيا بناء البديل عن طريقة ادارة البلاد في العشرية الفارطة .
قراءتك لتلميحات الصادق بالعيد حول نقاط سيُبنى عليها الدستور الجديد؟
اولا الصادق بلعيد متناقض تماما مع خطاب قيس سعيد , الرئيس يُعطي الأولوية لما يُسميه الشعب في مفهومه الهلامي , حتى أن كل فرد يُحكم و يتخذ قرارات أو ما يُسمى بالبناء القاعدي , و من جهة أخرى الصادق بلعيد يتحدث عن نظام النخب و الأقليات حيث يُعيدنا الى ديمقراطية أثينا و يعود بنا 2500عام الى الوراء ….مجلس اثينا حيث تقتصر المشاركة في الشأن العام على المثقفين و الاثرياء و العلماء و حرمان العبيد من ذلك لان مواطنتهم ناقصة , و ها هنا بلعيد يضرب مبدأ المساواة في المواطنة .
و هذا يتضارب مع أفكار سعيد الشعبوية التي بدورها تجاوزها التاريخ , نحن اليوم بين قيس سعيد و الصادق بلعيد في صراع الاركاييكا ..و الأدهى انهما لا يعلمان عن اختلاف وجهتيهما شيء , و عندما يتوجهان ستنفجر الوضعية .
هل كانت جبهة الخلاص تتوقع موقف الاتحاد الرافض للحوار بصيغته الحالية ؟
طبعا كنا نتوقع هذا الموقف من الاتحاد رغم أنه أقل من المأمول , كنا غلى يقين ان اتحاد الشغل لن يتمادى في مواقفه تجاه سياسة سعيد ,الاتحاد يزكي اجراءات 25 جويلية و لازال يُطالب بتحسين شروط المشاركة في حوار الرئيس تحت ظل الأمر 117 و “انقلاب” قيس سعيد, الاتحاد في نهاية المطاف عاد اليه جزءا من رشده و تماسك امام هجمة الرئيس و رفض اذلاله.
انطباعاتك حول موقف عميد المحامين ابراهيم بودربالة و دوره في المرحلة الحالية؟
بودربالة لا يملك الحجم و السُمك المعنوي و السياسي حتى يلعب دورا اساسيا ,هذا الرجل يتحرك بشكل انفرادي , لا يعبر عن موقف المحامين حتى انه لم نرى بيان من هيئة المحامين و حتى من الهياكل الممثلة للمحامين تُساند , بودربالة يحسن ترشيد مصروف بيته لكنه لا و لن ينجح في ادارة امور سياسية , الاتحاد اكبر بكثير من بودربالة و لا يمكن له بأي شكل من الشكال أن يؤثر في قراراته. ابراهيم بودربالة ليس أهلا لقيادة عملية اصلاحية هو شخص يبحث لنفسه عن موقع بعد تراجع حظوظه في مواصلة المشوار على رأس هيئة المحامين , فقد ثقة المحامين انفسهم.