32.8 C
تونس
9 يوليو، 2025
دولي

ضرب القلب لا الوكلاء:خطة زامير لإضعاف إيران من الداخل

في دراسة نُشرت في ماي 2022، قدم الجنرال إيال زامير، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي حاليًا، والذي كان يشغل وقتها نائب رئيس الأركان، رؤية شاملة لما يجب على الولايات المتحدة وإسرائيل فعله لكبح جماح إيران في الشرق الأوسط، وإضعاف نظامها. ونشر الدراسة معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، والذي يصف نفسه على موقعه الرسمي باللغة العربية بأنه أكبر معهد بحثي مخصص حصريًا لدراسات الشرق الأوسط.

قدم اللواء احتياط إيال زامير، النائب السابق لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي، رؤيته لمواجهة النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، ركز فيها على أدوات الضغط العسكري والتفوق التكتيكي، داعيًا لتشكيل تحالف دولي وإقليمي تقوده الولايات المتحدة. وقال زامير إن المنطقة تعيش صراعًا طويل الأمد، ستحدد نتائجه مستقبل الشرق الأوسط، مؤكدًا أن إيران، تحت نظامها الحالي، تسعى للهيمنة الإقليمية وتعمل كقوة هجومية عبر حرسها الثوري ووكلائها، مثل حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، والحشد الشعبي في العراق، وحماس في غزة.

واحدة من أكثر عناصر الخطة التي تحدث عنها زامير طموحًا هي اعتماد مبدأ الردع المباشر المرن ضد إيران نفسها، وليس فقط وكلائها. ويقول إن إيران تعتمد على نظرية التحصّن خلف الوكلاء، وإن الوقت قد حان لكسر هذه القاعدة عبر ضرب أهداف عسكرية واقتصادية داخل الأراضي الإيرانية ردًا على أي هجمات. ويضيف أن على إيران أن تفهم أن قواعد اللعبة لا تكتبها وحدها، وأن أي نيران ترسلها خارج حدودها ستعود لتحرق عباءة قادتها. وأشار إلى أن استهدافًا محدودًا للبنية التحتية النفطية أو العسكرية، كالموانئ والمطارات، كفيل بشل قدرة النظام الإيراني دون الحاجة لحرب شاملة.

في جوهر الرؤية الإسرائيلية التي قدّمها زامير، توجد الحرب الرمادية – أي العمليات العسكرية غير المُعلنة أو ذات الأهداف المنخفضة، التي تنفذها إسرائيل بالفعل داخل سوريا، وتخطط لتوسيعها على مستوى إقليمي، مثلما حدث في عملية استهدفت عناصر حزب الله اللبناني. ووصف زامير هذه الحرب بأنها حملة مستمرة بين الحروب، تهدف لإضعاف إيران ووكلائها دون الوصول إلى مواجهة شاملة، عبر عمليات سرية، ضربات دقيقة، وهجمات إلكترونية، بالتنسيق مع الشركاء. ويشمل هذا النوع من العمليات استهداف شحنات الأسلحة، قادة ميدانيين في الميليشيات، مراكز تصنيع الطائرات المسيّرة، ومستودعات الصواريخ الدقيقة، إلى جانب عمليات سيبرانية تعيق أنظمة القيادة والسيطرة الإيرانية.

في لبنان، دعت الدراسة إلى ربط أي مساعدات اقتصادية أو إنسانية دولية بشرط تقليص نفوذ حزب الله، وحرمانه من تطوير صواريخه الدقيقة، وعزله سياسيًا واقتصاديًا. ويدعو زامير إلى دعم التنظيمات المعارضة لحزب الله وتجفيف موارده، وفي حال وقوع تصعيد عسكري مع إسرائيل، فإن الجيش الإسرائيلي يجب أن يستخدم قوته القصوى لإلحاق ضرر استراتيجي طويل الأمد بقدرات حزب الله العسكرية.

من جانب آخر، أشارت الدراسة إلى أهمية الحرب الأيديولوجية ضد المشروع الإيراني، ووصفها زامير بأنها الركيزة الأولى للحملة الشاملة. واقترحت الخطة استهداف الشيعة العرب أنفسهم، داخل لبنان والعراق وحتى داخل إيران، برسائل إعلامية تفضح قمع النظام، وتعرض بدائل ديمقراطية أو عربية قومية.

أحد المفاتيح التي تركّز عليها خطة زامير هو توسيع الشراكات العسكرية الإسرائيلية في المنطقة، خاصة بعد انتقال إسرائيل إلى مظلة القيادة المركزية الأمريكية. وترى الدراسة في ذلك فرصة لبناء تحالف دفاعي حقيقي مستقبلاً، ضد تهديدات الصواريخ والطائرات المسيّرة. وتقترح الدراسة تطوير آليات دفاع مشتركة، مثل نظام إنذار مبكر للصواريخ، شبكة سيبرانية موحدة، ووحدات تدخل سريع مشتركة، قادرة على التصدي لهجمات مفاجئة.

في اليمن، ترى الخطة ضرورة استعادة الردع تجاه الحوثيين، مع استمرار الضربات الجوية الدقيقة ضد البنية العسكرية، ومنع تهريب التكنولوجيا من إيران. أما في العراق، فدعت دراسة زامير إلى نزع سلاح الميليشيات الموالية لطهران، عبر ضغوط أمريكية واقتصادية. وفي سوريا، تركز الخطة على منع التموضع الإيراني الكامل، عبر استمرار الضربات الجوية على منشآت الحرس الثوري ومخازن الأسلحة على الحدود مع العراق ولبنان، وحتى إسقاط النظام إن لزم الأمر. يختم زامير دراسته بالقول إن إيران تشهد تصدعات داخلية حقيقية – أزمة اقتصادية خانقة، تركيبة إثنية مضطربة، انخفاض في معدل الولادة، وازدياد الضغوط الاجتماعية. ويضيف أن الحرس الثوري قوة كبيرة لكنها مرهقة، والنظام الإيراني هش أكثر مما يبدو. وإذا تحرك التحالف الإقليمي اليوم، فإن فرص النجاح عالية. ويؤكد أن الولايات المتحدة لا تزال اللاعب المحوري، ودون قيادتها الفعلية لهذا التحالف العسكري والسياسي، ستستمر إيران في التمدد مستفيدة من التردد الغربي والانقسامات العربية. كما يرى زامير أن السعي الإيراني نحو السلاح النووي هو عنصر أساسي لضمان النظام وجوده، لأنه من دون هذا المشروع سيبدأ في التصدع بسبب الأزمات الداخلية التي تكبر يومًا بعد يوم. 

ضرب ساعة يوم القيامة الإيرانية

على صعيد اخر كشفت صحيفة هآرتس اليومية أن أحد العناصر المهمة، وإن كانت رمزية، في خطط الحرب الإسرائيلية على إيران هو قصف وتدمير الساعة الرقمية الكبيرة في ميدان فلسطين في طهران، وتصويرها ثم بث الصور في إسرائيل وإيران وبقية العالم كجزء من الحرب النفسية، لكن القوات الجوية أخطأت الهدف. ومع ذلك، لم يستسلم وزير الدفاع يسرائيل كاتس وتعهد بتدمير الساعة. وامتثالا لأوامره، استعدت القوات الجوية لتوجيه ضربة ثانية في اليوم الأخير من الحرب، إلا أن محلل الشؤون الاستخباراتية والعسكرية يوسي ميلمان أكد في مقاله بالصحيفة أن المحاولة وجميع الأهداف الأخرى أُلغيت بسبب وقف إطلاق النار الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وأجبر -من ثم- الطائرات الحربية على العودة إلى قواعدها.

ووفق التحليل، فإن مؤقت العد التنازلي في الساعة الرقمية، التي نُصبت في عام 2017، تم ضبطه حتى 2040، وهو العام الذي أعلن المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي أن إسرائيل ستُدَمر فيه. واعتبرت الصحيفة اليسارية اليومية، التي تصدر في تل أبيب، أن هذه الساعة وسيلة دعائية للنظام تعكس أيديولوجيته التي تلعب دورا رئيسيا في معاداة إسرائيل. وقالت إن تدمير الساعة كان من المفترض أن يبعث رسالة مجازية مفادها أن إيقاف مؤشر الساعة عن الحركة نحو موعد القضاء على إسرائيل يشبه إيقاف الزمن ومعه خطة التدمير.

ويزعم ميلمان أن فشل إسرائيل في تدمير الساعة الإيرانية ليس له أي أهمية عملياتية، وإن كانت أهميته تكمن -بالتأكيد- في الطريقة التي سيستغل بها جيشها وقادتها الوقت المتاح لهم لتنفيذ المهام في المستقبل. وبحسب المقال التحليلي، فإن المساعدات، التي حصلت عليها من الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى، منحت إسرائيل فرصة ذهبية لتغيير وضعيتها ومسار الشرق الأوسط.

واستنادا إلى ذلك، يشير المحلل الاستخباراتي إلى أنه بإمكان إسرائيل الآن الاستفادة من إنجازات الحرب، حتى وإن كانت محدودة، وذلك من أجل التوصل إلى ترتيبات تضمن لها البقاء إلى الأبد، على عكس ما ترمي إليه الساعة الإيرانية.ويعتقد أن من الممكن إبرام صفقات أو تفاهمات أو حتى اتفاقات سلام على الأقل في معظم الجبهات الست التي تخوض إسرائيل -منذ السابع من أكتوبر 2023 – حروبا فيها، وهي قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا واليمن وإيران. ويقول إن هناك سبيلين أساسيين لتحقيق ذلك، الأول هو التوصل إلى حل، ولو جزئيا وتدريجيا، للقضية الفلسطينية. وهو ما قد يُحدِث سلسلة من ردود الفعل الإيجابية التي قد يكون لها تأثير على معظم العالم العربي والإسلامي.

Related posts

إيران تعدم 4 جواسيس لإسرائيل

Walid Walid

إصابة 38 ضابطا وجنديا في 24 ساعة بمعارك غزة

Walid Walid

فضائح مكتب نتني-اهو.. تجنيد “جواسيس” في الجيش وابتزاز ضابط للحصول على وثائق سرية.

محمد بن محمود

Leave a Comment