29.9 C
تونس
23 يوليو، 2025
دولي

وسط جدل في واشنطن لـتخفيف العداء معه هل استعاد حزب الله قوته ؟

بعد اشهر من اغتيال زعيمه وامينه العام حسن نصر الله  ، أشارت صحيفة وول ستريت جورنال إلى أن حزب الله نجح في تهريب بعض صواريخ كورنيت وأسلحة متطورة، واستناداً إلى مصدر مطلع على عمليات الحزب، أكدت الصحيفة أن حزب الله يُنتج طائرات بدون طيار وصواريخ متوسطة المدى. وذهبت الصحيفة أبعد من ذلك لتؤكد أن حزب الله تمكن من إعادة هيكلة شبكات التهريب الخاصة به إلى حد ما، وتمكن من تهريب بعض صواريخ كورنيت وغيرها من الأسلحة المتطورة.

مقاربة الصحيفة هذه لتطورات الوضع الأمني والتسلح لحزب الله، جاءت ضمن مقالة تطرقت إلى الوضع العسكري في إيران، إذ تحدثت الصحيفة عما أشارت إليه بالنمط الجديد من مصادرة الأسلحة عالية القيمة، والذي يكشف أن طهران تبذل جهودًا جديدة لتسليح حلفائها من الميليشيات في مختلف أنحاء المنطقة. ونقلت وول ستريت جورنال أنه خلال هذا الأسبوع اعترضت القوات المتحالفة مع الحكومة اليمنية شحنة كبيرة من الصواريخ وقطع غيار الطائرات بدون طيار ومعدات عسكرية أخرى، كانت في طريقها إلى الحوثيين على ساحل البحر الأحمر.

نقل أسلحة للحزب

وأضافت الصحيفة نقلاً عن المختص في شؤون الميليشيات الحليفة لإيران في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى مايكل نايتس أن إيران تعيد بناء وجودها في بلاد الشام بإرسال صواريخ إلى حزب الله وأسلحة من العراق إلى سوريا.ومن جهة أخرى، أضافت الصحيفة أن إيران كثّفت جهودها لنقل الأسلحة إلى حزب الله. وقال مايكل كارداش، نائب رئيس قسم إبطال مفعول القنابل السابق في الشرطة الإسرائيلية: هناك اتجاه متزايد في الأشهر الأخيرة لمحاولات التهريب عبر سوريا أو انطلاقًا منها إلى حزب الله. وأوضح أن سقوط نظام بشار الأسد، المتحالف مع إيران، واستبداله بحكومة معادية، قد عطّل خط أنابيب الأسلحة، مما اضطر المهربين إلى استخدام شحنات صغيرة بدلًا من إرسال حمولات شاحنات كما كان في السابق.وبحسب الصحيفة، ورغم الجهود المكثفة لمنع حزب الله من إعادة بناء ترسانته، فقد تمكن حزب الله، على غرار الحوثيين، من تحقيق بعض النجاح.

جدل في امريكا  

بدوره ذكر موقع  ريزبونسيبل الأميركيّ أنّ التصريحات الأخيرة الّتي أدلى بها أحد كبار الدبلوماسيين في الولايات المتحدة تشير إلى أنّ واشنطن قد تكون منفتحة على نهجٍ أكثر تصالحيّة تجاه حزب الله. وخلال زيارةٍ إلى بيروت الأسبوع الماضي، حيث ضغط خلالها من أجل نزع سلاح الحزب، وصف توم باراك، سفير واشنطن لدى تركيا والمبعوث الأميركيّ الخاص إلى سوريا، حزب الله بأنّه حزب سياسي… وله أيضًا جناحٌ مسلّح. وأضاف: حزب الله يحتاج إلى أن يرى أنّ له مستقبلًا، وأنّ هذا المسار لا يُقصَد منه أن يكون ضده فحسب، وأنّ هناك تقاطعًا بين السلام والازدهار بالنسبة إليه أيضًا. وقد أثارت هذه التصريحات انتقادات، ولا سيّما من القوى المؤيّدة لإسرائيل في واشنطن، التي رأت فيها انحرافًا عن الموقف الأميركيّ الرسميّ القائم منذ زمنٍ طويل، والقائل إنّ حزب الله منظمة إرهابيّة.

وتابع الموقع: لم يُعلَن عن ردّ الحكومة اللبنانيّة بعد، غير أنّ تأكيد باراك، عقب اجتماعاته مع كبار المسؤولين، على حلّ قضية سلاح حزب الله بالحوار الوطنيّ الذي يضمّ الحزب نفسه من دون فرض أطرٍ زمنيّة، يشير إلى تأييده للموقف الرسميّ اللبنانيّ. ولطالما أكّد رئيس الجمهوريّة العماد جوزيف عون أنّ نزع سلاح حزب الله يجب أن يتمّ عبر الحوار، وأنّ نهجًا أكثر حزمًا قد يزجّ البلاد في حربٍ أهليّة. وقال مسؤولٌ في حزب الله للموقع: الردّ اللبناني وضع شروطًا مسبقة قبل أيّ حوار؛ فقد أكّد مسؤولو الدولة ضرورة اتخاذ ثلاث خطوات أولًا: وقف الانتهاكات الإسرائيليّة، وانسحاب إسرائيل من كلّ الأراضي اللبنانيّة المحتلّة، وإعادة الأسرى اللبنانيين المعتقَلين لدى إسرائيل.

وأضاف الموقع أنّ تصريحات باراك تتناقض تناقضًا صارخًا مع تصريحات أورتاغوس التي وصفت حزب الله بأنّه سرطانٌ يجب استئصاله. وليس مستغربًا أن تثير نبرته المتفائلة شكاوى مبطَّنة من الدوائر المؤيّدة لإسرائيل في واشنطن. ففي مقالٍ بعنوان الآن ليس الوقت المناسب للتخفيف من حدّة التوتّر مع حزب الله ـ أو بيروت، انتقد ديفيد شينكر من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى فشل باراك في تحديد موعدٍ نهائيّ لنزع سلاح الحزب، مُشيرًا إلى وصفه حزب الله بأنّه حزبٌ سياسيّ ذو جناحٍ متشدّد، ومتّهمًا إياه بأنّه متساهل على نحوٍ لا يُفسَّر تجاهه.

تخفيف العداء؟

وبحسب المصدر نفسه، اشتكى حسين عبد الحسين من مؤسّسة الدفاع عن الديموقراطيّات من أنّ المبعوث الأميركيّ نسف ثلاثة عقودٍ من السياسة الأميركيّة حين توقّف عن وصف حزب الله بالمنظمة الإرهابيّة. وربما دفعت هذه الشكاوى المتحدثةَ باسم وزارة الخارجيّة، تامي بروس ـ التي يحظى رئيسها، وزير الخارجيّة ماركو روبيو، بدعمٍ طويل الأمد من مانحين مؤيّدين لإسرائيل ـ إلى إعادة تأكيد موقف واشنطن بأنّ حزب الله، بجناحَيْه السياسيّ والعسكريّ، منظمة إرهابيّة. ومع ذلك، قال باراك أمام مجموعةٍ من الصحافيين في نيويورك، ردًّا على سؤالٍ عن إمكان حذف الحزب من قوائم الإرهاب: أنا لا أتهرّب من الجواب، لكن لا يمكنني الإجابة عن هذا السؤال، مضيفًا أنّ الأمر يستلزم في نهاية المطاف موافقة الحزب على تسليم أسلحته الثقيلة إلى الجيش.

وأوضح الموقع أنّ سياسةً تخفّف من أولويّة العداء لحزب الله قد تخدم المصالح الأميركيّة في النهاية. فعلى الرغم من أنّ الحزب تعرّض لضربةٍ عسكريّة شديدة في حرب الخريف الماضي مع إسرائيل، أظهرت نتائج الانتخابات البلديّة في أيّار أنّه ما زال يحظى بدعمٍ كاسح داخل المجتمع الشيعي. والواقع أنّ اختيار نهجٍ أكثر مواجهة -بالضغط على الدولة اللبنانيّة لنزع سلاح الحزب بالقوة بدلًا من الحوارـ ينطوي على خطرٍ حقيقيّ بإغراق البلاد في فوضى طائفيّة، وهو ما سيشكّل فشلًا سياسيًّا كبيرًا لواشنطن. وفي تصريحاتٍ للموقع، قال بول بيلار، المحلّل السابق في وكالة الاستخبارات المركزيّة الأميركيّة والزميل غير المقيم في معهد كوينسي: ليست للولايات المتّحدة أيّ مصلحة إيجابيّة في الفوضى الدائمة في لبنان، مضيفًا أنّ هذا الاضطراب ليس إلا دليلًا على عجز واشنطن عن إحلال السلام في المنطقة، وهو بالتالي وصمة عار في جبينها.

الهاجس السوري

وتابع الموقع، أنّ اتخاذ موقفٍ أقلّ مواجهة تجاه حزب الله يزداد منطقيّةً في ضوء الخطاب التصالحيّ الذي تبنّاه الحزب نفسه أخيرًا حيال الولايات المتّحدة. ففي خطابٍ ألقاه في أيّار الماضي، ميّز نائب الأمين العام للحزب، الشيخ نعيم قاسم، بوضوحٍ بين الولايات المتّحدة وإسرائيل، مؤكّدًا أنّ الرئيس دونالد ترامب يملك فرصةً للاستثمار في لبنان والمنطقة إذا تحرّر من قبضة إسرائيل. ومع ذلك، فإن تحقيق الرؤية التي وضعها باراك ليس مضمونًا على الإطلاق.

وأشار أيضًا إلى أنّ الحظر الذي فرضه مصرف لبنان هذا الأسبوع على مؤسّسة القرض الحسن الماليّة التابعة لحزب الله قد يثير شكوك الحزب في النوايا الأميركيّة، خصوصاً أنّ باراك نفسه أشاد بهذه الخطوة. كذلك تواصل إسرائيل هجماتها شبه اليوميّة على لبنان، وقد تصاعدت أخيرًا؛ إذ أدّت غارةٌ جويّة على وادي البقاع إلى استشهاد اثني عشر شخصًا. إن استمرار هذه الهجمات يقوّض أيّ محاولةٍ لإطلاق حوارٍ بين الحكومة والحركة الشيعيّة بشأن ترسانة الحزب، فيما اشترط حزب الله وقف هذه الاعتداءات للقبول بالحوار. وتتعلّق قضيّةٌ أخرى، أقلّ بروزًا، بسوريا وحكومتها في ظلّ هيمنة هيئة تحرير الشام، التي يعدّها الحزب والمجتمع الشيعي تهديدًا وجوديًّا كبيرًا. وقد أثارت بعض تصريحات باراك الأخيرة مخاوف من حقبةٍ جديدةٍ من الهيمنة السوريّة على لبنان.

واختتم الموقع بالقول إنّ تحذير باراك، رغم إيضاحه لاحقًا أنه لم يقصد تهديد لبنان، زاد مخاوف حزب الله من احتمال استعادة سوريا دورها المتضخّم في البلاد. وقال مسؤولٌ في الحزب: هذه التصريحات، وتولّي باراك ملفَّ لبنان بالتوازي مع الملفّ السوري، تثير الشك في أن واشنطن تريد فرض وصايةٍ سوريّة على لبنان شبيهة بما كان عليه الوضع في عهد آل الأسد. ويضيف ذلك بُعدًا جديدًا إلى النقاش الأوسع حول سلاح حزب الله وسياسة واشنطن حيال لبنان. وإذا كان المسؤولون الأميركيّون يفكّرون حقًّا في منح سوريا نفوذًا واسعًا في لبنان تحت حكومةٍ تقودها هيئة تحرير الشام، فإنّ ذلك لن يقوّض مساعي التوصّل إلى اتفاقٍ لنزع سلاح حزب الله فحسب، بل قد يشعل أيضًا فتيل عنفٍ طائفيّ يُنذر بعواقب كارثيّة.

Related posts

تعتيم وتهديد للإعلام الأجنبي

محمد بن محمود

“الفيلق الأفريقي”.. ما قصة القوات الروسية في ليبيا؟

محمد بن محمود

زيد سفوك : أربيل، البوابة الأوسع لحضارة الشرق الجديدة

محمد بن محمود

Leave a Comment