صعدت إسرائيل، الأسبوع الماضي، حملتها الإعلامية ضد الأمم المتحدة واتهامها بأنها المسؤولة عن تجويع السكان في قطاع غزة، الذي أسفر حتى الآن عن موت 133 غزيا، بينهم 87 طفلا. وتروج إسرائيل الاتهامات المزعومة ضد الأمم المتحدة بواسطة إحاطات صحافية يقدمها ضباطها ومسؤولون في “مؤسسة غزة الإنسانية” التي أسسها ضباط سابقون في الجيش الإسرائيلي.
وأكدت صحيفة “هآرتس” يوم الأحد الماضي، على أن “الحكومة الإسرائيلية هي التي تنفذ جريمة التجويع في غزة. ومن خلال سلسلة خطوات عديمة المسؤولية وخلافا لنصائح جميع الخبراء، فككت إسرائيل منظومة الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية التي نجحت في منع مجاعة قاتلة في قطاع غزة طوال معظم الحرب”.
ونشر الجيش الإسرائيلي، الخميس الماضي، صورا التقطت من طائرة مسيرة لمنطقة المواد الغذائية في الجانب الفلسطيني لمعبر كرم أبو سالم، وزعم أنها دليل على فشل الأمم المتحدة في نقل هذه البضائع إلى السكان الغزيين، وكرر صحافيون كثيرون إسرائيليون بمعظمهم هذه المزاعم.
وفي مقطع فيديو نُشر الأسبوع الماضي، ادعى المتحدث باسم “مؤسسة غزة الإنسانية”، التي وصفتها الصحيفة بأنها ذراع إسرائيلي، أنه “توجد خلفي شاحنات للأمم المتحدة محملة بمواد غذائية ومساعدات توشك أن تفسد. وهذه ليست مشكلة بتوزيعها وإنما مشكلة في القدرة على التنفيذ”. وخلال نهاية الأسبوع الماضي، نشرت هذه “المؤسسة” عشرة بيانات على الأقل هاجمت فيها الأمم المتحدة.
وانضمت النيابة العامة إلى هذه الحملة ضد الأمم المتحدة، يوم الجمعة الماضي، وكررت المزاعم ضد الأمم المتحدة في ردها على التماس قدمته أربع منظمات حقوقية إسرائيلية، طالبت بفتح المعابر من أجل منع التجويع في غزة. وقدمت النيابة ردها بعدما طلبت من المحكمة عشر مرات بتأجيل ردها على الالتماس. وقالت في ردها إنه في الأشهر دخلت شاحنة إغاثة واحدة لإطعام 34 ألف شخص، ما يؤكد سياسة إسرائيل في تجويع الغزيين.
وأضافت الصحيفة أن الاتهامات ضد الأمم المتحدة مفندة، لأنه ليس لدى المنظمة أي قوة في غزة، بينما للجيش الإسرائيلي عدة فرق عسكرية في القطاع، وهو الذي يفرض إملاءاته على السكان وعلى المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، سواء من حيث إدخال مواد غذائية أو طواقم طبية أو الوقود للمستشفيات.
وأشارت الصحيفة إلى أن قافلة الشاحنات التي أشار إليها المتحدث باسم “مؤسسة غزة الإنسانية” حصلت على تصريح بالحركة مساء ذلك اليوم، وجرى تحميلها في الصباح، لكن الجيش الإسرائيلي منع تحركها حتى الساعة السادسة مساء، وعندها غيّر الجيش مسار القافلة. وعندما وصلت إلى موقع إنزال حمولتها، أصدر الجيش أمرا بإخلاء المنطقة وتعين على الشاحنات التوجه إلى مخزن آخر، “ما أثبت أن المشكلة المركزية هي الجيش الإسرائيلي”.
رقابة عسكرية اسرائيلية مشددة على صحافيين أجانب يطلبون الدخول لغزة
قيود تلزم الجهات التي تطلب الدخول إلى القطاع باطلاع الجهات الأمنية الإسرائيلية مسبقا بأي نشاط، والكنيست يدفع مشروع قانون يقضي بإغلاق بث وسائل إعلام أجنبية بدون مصادقة المحكمة، والمحكمة العليا ترفض السماح بدخول صحافيين إلى القطاع
ووُضعت هذه الوثائق بهدف ضمان أن يكون أي نشاط مدني في القطاع خاضعا لرقابة وتنسيق مشددين مع الجهات الأمنية الإسرائيلية، بادعاء “الحفاظ على الحد الأقصى لأمن الدولة وإحباط محاولات سوء استغلال تصاريح إنسانية”، حسب ذكر موقع “واللا” الإلكتروني يوم الأحد الماضي.
وتقضي القيود بأن المصادقة على دخول أشخاص مهنيين أو منظمات إغاثة أو وفود دولية إلى القطاع تلزم بإجراءات تسجيل وتصريح متشددة، تشمل تقديم قوائم بأسماء جميع المشاركين في الأنشطة، وتفاصيل هدفها، والوسائل التكنولوجية التي يحملونها، وتفاصيل الاتصالات والمعدات واسم الجهة المرافقة المسؤولة عن النشاط.
وينفذ هذه القيود وحدة “منسق أعمال الحكومة في المناطق” المحتلة، والقيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي والشاباك، وفيما يخضع أي تصريح لفحص أمني دقيق، ويشمل احتمال إلغاء التصريح في أي مرحلة في حال خرق القيود.
وتقضي الوثائق بمنع نقل أي “عتاد مشبوه أو تسرب معلومات حساسة أو تخوف من نشاط لم يُصادق عليه لجهات محلية”. كما تلزم الجهات التي تطلب الدخول إلى القطاع باطلاع الجهات الأمنية الإسرائيلية مسبقا بأي نشاط، وبضمن ذلك تقدير تقارير مفصلة حول النشاط، والالتزام بالعمل بشفافية كاملة. وتهدد إسرائيل بسحب تصاريح الدخول إلى القطاع بادعاء عدم الالتزام بالقيود المفروضة.
وتهدف هذه القيود إلى منع كشف الوضع الكارثي وجرائم إسرائيل في قطاع غزة. ونقل “واللا” عن المحامية يعارا فينكلر، من الحركة من أجل حرية المعلومات، قولها إن “انعدام الشفافية في الجيش الإسرائيلي بخصوص إجراءات دخول مدنيين إلى غزة ولبنان هو إهمال إجرامي. وحقيقة أن الإجراءات ليست منشورة أمام الجمهور والجنود تسببت بموت وشكلت خطرا على حياة البشر”.
وأضافت أن “الشفافية والإشراف على دخول وخروج الصحافيين، وبضمن ذلك أنهم يخضعون للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، يجب أن تكون واضحة للجميع. ويجب أن يعلم الجمهور إذا كان صحافي يُخضع نفسه لتعليمات المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي”.
وتنشر وسائل إعلام دولية، بينها مجلة “دير شبيغل” الألمانية وهيئة البث الأسترالية وشبكة BBC البريطانية شهادات صحافيين من غزة حول النقص بالمواد الغذائية، فيما عبرت وكالات الأنباء رويترز وأسوشيتد برس و BBC بيانا مشتركا عبرت فيه عن القلق على الصحافيين في القطاع. وأكد “واللا” على أن إسرائيل لا تسمح منذ بداية الحرب لوسائل الإعلام الإسرائيلية والعالمية بتغطية ما يحدث في قطاع غزة رغم الانتقادات الدولية.
وصادقت اللجنة للأمن القومي في الكنيست، الأسبوع الماضي، على إعداد مشروع قانون بإغلاق بث وسائل إعلام أجنبية بدون مصادقة المحكمة، للتصويت عليه بالقراءة الأولى. وفي موازاة ذلك، رفضت المحكمة العليا عدة التماسات طالبت بالسماح بدخول صحافيين إلى القطاع.