تعتزم شركة “شاندونغ هايوانغ للمواد الكيميائية” الصينية إنجاز مشروع صناعي على الأراضي التونسية، باستثمار ضخم تبلغ يقارب 300 مليون دينار .
حيث سيتم إنشاء وحدة إنتاجية متخصصة في تصنيع مشتقات البروم بطاقة إنتاجية تقدّر بـ92 ألف طن سنويًا، وهو خطوة استراتيجية نحو تعزيز قدرات البلاد الصناعية في قطاع الصناعات الكيميائية ذات القيمة المضافة العالية.
ويمثل المشروع نقلة نوعية في تموقع تونس ضمن الخارطة الإقليمية والدولية لصناعات الكيمياء المتخصّصة، و ذلك في ظل التوجّه العالمي نحو تنويع مصادر المواد الأولية التي تُستخدم في قطاعات متعددة، على غرار الصناعات الصيدلانية والفلاحية و النفطية والإلكترونية.
كما يساهم هذا المشروع في تنشيط الدورة الاقتصادية من خلال خلق مواطن شغل مباشرة وغير مباشرة وتطوير المهارات التقنية لدى الكفاءات المحلية، إضافة إلى إحداث تأثير إيجابي على الميزان التجاري عبر تقليص التوريد وزيادة إمكانيات التصدير.
البروم عنصر كيميائي هام
يُعتبر البروم عنصرًا كيميائيًا هامًا ينتمي إلى مجموعة الهالوجينات، ويمتاز بخواص تفاعلية تجعله أساسًا لإنتاج مشتقات صناعية ذات قيمة عالية على غرار بروميد الصوديوم والبوتاسيوم والمركبات العضوية البرومية المستخدمة في مجالات متنوعة مثل الصناعات البترولية والمبيدات والمثبطات الحرارية والأدوية.
ونظرًا لأهميته الصناعية، يشهد البروم اهتمامًا متزايدًا في مشاريع استثمارية واعدة، خاصة في الدول التي تطمح إلى تعزيز قدراتها في الصناعات الكيميائية المتقدمة مثل تونس.
وتختص هذه الشركة، التي تعتبر من أبرز المؤسسات الفاعلة في قطاع المواد الكيميائية على الصعيدين الصيني والدولي، في إنتاج البروم بطاقة سنوية تقدر بحوالي 80 ألف طن، إلى جانب 170 ألف طن سنويًا من مشتقاته، مما يجعلها تتبوأ المرتبة الأولى في السوق الصينية والثالثة على المستوى العالمي في هذا المجال.
وتعكس هذه المرتبة مكانة الشركة ضمن المشهد الصناعي العالمي، كما تُترجم حجم خبرتها وقدرتها على تنفيذ مشاريع معقّدة ذات بُعد تقني عالي.
ويُعد هذا الاستثمار مؤشّرًا إيجابيًا على تحسّن مناخ الأعمال في تونس ونجاحها في استقطاب شركات عالمية تسعى إلى التوسع في أسواق ذات موقع جغرافي استراتيجي وإطار قانوني محفّز ويد عاملة مؤهلة، وذلك بفضل موقعها الجغرافي المطل على المتوسط، كما توفر مناطق صناعية مهيّأة ووجود اتفاقيات شراكة مع الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الإفريقية، حيث تُمثل تونس منصة واعدة للإنتاج وإعادة التصدير نحو أسواق متعدّدة.
نجاح المشروع مرتبط بالإجراءات
ورغم ما يحمله المشروع من آفاق واعدة، إلا أن نجاحه يبقى مرتهنًا بمدى تيسير الإجراءات الإدارية، وضمان الاستقرار التشريعي، وتوفير البنية التحتية الملائمة، كما أن نجاح التجربة قد يُمهّد الطريق أمام مزيد من الاستثمارات الأجنبية في قطاع الصناعات الكيميائية المتقدمة، ما يُعزّز مكانة تونس كمحور صناعي متكامل في شمال إفريقيا.
البعد البيئي وأهمية الشراكة العلمية
لا يمكن الحديث عن مشروع صناعي من هذا الحجم دون التطرّق إلى الجوانب البيئية، خاصة وأن الصناعات الكيميائية تطرح دائمًا تحديات على مستوى إدارة النفايات والتأثير على المحيط الطبيعي. وفي هذا السياق، من الضروري أن يلتزم المشروع بأعلى معايير السلامة البيئية المعتمدة دوليًا، وأن يتم اعتماد تقنيات إنتاج نظيفة ومستدامة تقلل من البصمة الكربونية وتضمن سلامة الموارد الطبيعية المحلية، خاصة الموارد المائية والهواء والتربة.
كما أن فتح قنوات التعاون مع الجامعات التونسية ومراكز البحث العلمي سيكون له دور محوري في دعم هذا المشروع، سواء عبر تطوير حلول مبتكرة لمعالجة الفضلات الصناعية، أو من خلال تكوين الكفاءات المحلية في مجالات الهندسة الكيميائية والسلامة البيئية. ومن شأن هذا التكامل بين القطاع الصناعي والمجال الأكاديمي أن يخلق منظومة متكاملة للابتكار والبحث والتطوير، تعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني ككل.
وبذلك، يُمكن القول إن مشروع “شاندونغ هايوانغ” لا يمثل مجرد استثمار صناعي، بل يُعد فرصة استراتيجية لتونس من أجل بناء نموذج تنموي قائم على التصنيع الذكي، والاستدامة البيئية، والشراكة المعرفية.
والأمل أن يتم تركيز الإدارة المركزية بمعتمدية دقاش لإنعاش الاقتصاد بالجهة وتوفير مواطن شغل على عكس شركة الأملاح والتي تقوم بالتحويل خارج المنطقة ولا توجد إدارة بدقاش لذلك فإن الجهة لا تنتفع من هذه الشركة .
