27 C
تونس
2 أغسطس، 2025
وطنية

تعطيل المرافق العمومية: رئيس الجمهورية يتوعد اللوبيات واذرعها

استقبل الاثنين الماضي رئيس الجمهورية قيس سعيّد، رئيسة الحكومة السيدة سارة الزعفراني الزنزري في قصر قرطاج، في لقاء خُصّص لمتابعة سير عدد من المرافق العمومية ومظاهر الخلل التي تمس الحياة اليومية للمواطن التونسي، مثل الانقطاعات المتكررة في الماء والكهرباء، وتراكم الفضلات، والاعتداء على الملك العام، وتعطيل المشاريع التنموية. وقد حمل اللقاء رسائل واضحة لمن يتسبب في هذا الوضع، ولمن يراهن على الفوضى خدمة لمصالح لوبيات تسعى لزعزعة الدولة.

المرافق العامة في أزمة: انقطاعات وتراكم نفايات

تناول اللقاء بين رئيس الجمهورية ورئيسة الحكومة مشكلات حيوية تمسّ حياة المواطنين بشكل مباشر، وفي مقدمتها الانقطاع المتكرر للماء والكهرباء، وهي ظاهرة باتت تتكرّر بشكل مزعج في عدد من الولايات، وأثارت استياءً واسعًا في الشارع التونسي. هذه الانقطاعات، التي تأتي في فترات حرجة، خاصة في فصل الصيف، تسببت في تعطيل الحياة اليومية وعرقلة الإنتاج والخدمات الأساسية.

كما تطرّق الرئيس قيس سعيد إلى قضية النظافة العمومية، خاصة في المدن الكبرى والضواحي، حيث تتراكم الفضلات المنزلية والنفايات الصناعية في الأحياء، ما يعكس غياب التنسيق والرقابة بين الهياكل البلدية والجهوية. هذه الظاهرة، التي أصبحت مزمنة، لا تسيء فقط إلى المشهد الحضري، بل تمس بصحة المواطنين، وتهدد النظام البيئي برمّته.

فوضى مقصودة أم ضعف في اجهزة الدولة؟

في موقف لافت، لم يحمّل الرئيس سعيّد المسؤولية فقط إلى ضعف الإدارة أو تقصير في أداء بعض الجهات، بل ذهب أبعد من ذلك، مؤكدًا أن هناك من يقف وراء هذه المظاهر غير الطبيعية بقصد واضح لتعطيل مؤسسات الدولة، وخلق مناخ من التذمر الشعبي والاحتقان الاجتماعي.

وأكد أن هذه الممارسات ليست نتيجة خلل عشوائي، بل تعبّر عن خطة ممنهجة يقف خلفها من وصفهم بـاللوبيات وأذرعها ، التي تتعمّد التنكيل بالمواطنين، وتستخدم الوسائل المتاحة لها داخل الإدارة والاقتصاد لخلق اختناق عام. هذه المجموعات، حسب تعبيره، لا تهتم بمصالح تونس، بل تسعى لفرض أجندات خفية تعرقل مشاريع التنمية وتمنع تحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي.

 القانون سيف مسلّط على المخرّبين

أكد رئيس الجمهورية أن الدولة التونسية ليست في حالة ضعف ولن يستقوي عليها أي طرف وانها تملك الوسائل القانونية والشرعية لفرض احترام القانون، وأنها لن تتساهل مع أي جهة، طبيعية كانت أو معنوية، تسعى إلى تخريب مؤسساتها أو تعطيل مصالح المواطنين. وشدد على أن من يعمد إلى تعطيل المشاريع، أو من يشارك في تسيير مرافق حيوية بطريقة تخريبية، يجب أن يُحاسب وفقًا للقانون.

وفي هذا السياق، وجه سعيّد رسالة واضحة لكل من يتموقع في الإدارة أو في مراكز القرار ويتصرّف وكأنه بمنأى عن المحاسبة: “لا أحد فوق الدولة، ومن يتقاعس عن أداء واجبه أو يتعمّد إرباك السير العادي للدواليب، لا مكان له داخل المؤسسات”. وهذا الخطاب يعكس توجهًا جديدًا في التعاطي مع الخلل الإداري، عنوانه الحزم والمحاسبة.

إعادة هيكلة المؤسسات: نحو دولة فاعلة ومسؤولة

جزء مهم من اللقاء خُصّص لمتابعة تقدم مسار إعادة هيكلة عديد المؤسسات العمومية، وهي خطوة أساسية تم الشروع فيها بهدف إصلاح الإدارة، وترشيد الموارد، وحماية المال العام. وأكد سعيّد على أن إصلاح المؤسسات لا يجب أن يكون هدفًا تقنيًا فقط، بل خيارًا وطنيًا ضروريًا لبناء دولة قوية، عادلة، وعصرية.

وشدّد رئيس الجمهورية على أن كل مسؤول سيتم اختياره مستقبلاً يجب أن تتوفر فيه مقاييس واضحة وهي الوطنية، النزاهة، الاستعداد للتضحية، والعمل الميداني. وأضاف بأن “من يجلس وكأنه في قاعة انتظار، أو جالس على مقعدين”، في إشارة إلى من يتردد أو يفتقر للوضوح في انتمائه أو في أدائه، “لا حاجة للدولة التونسية به”.

الشباب محور المستقبل: لا تنمية دون إشراك الأجيال الصاعدة

من أبرز ما أكده سعيّد خلال اللقاء، أن الدولة التونسية لا يمكن أن تنهض دون إشراك الشباب في مسارات التنمية والإصلاح. وأشار إلى أن فتح الآفاق أمام الجيل الجديد هو من أولويات الدولة، سواء عبر خلق فرص عمل حقيقية، أو إتاحة المجال أمامهم للإبداع والمبادرة في شتى المجالات.

وأكد أن شباب تونس لا يحتاج إلى شعارات، بل إلى سياسات فعلية تحترم طموحهم وتستثمر في طاقتهم، مشددًا على أن بناء الدولة الحديثة لا يكون إلا بالشباب الوطني، النزيه، المؤمن ببلاده.

المعركة من أجل دولة القانون والمواطنة

خلاصة هذا اللقاء تحمل رسالة أساسية تونس في مفترق طرق، وهي بحاجة اليوم إلى رجال ونساء يؤمنون بها، يعملون من أجلها، ويواجهون من يسعون إلى إرباكها وتخريبها. فالمعركة لم تعد تقنية أو بيروقراطية، بل معركة وطنية من أجل بقاء الدولة وهيبتها.

رئيس الجمهورية قدّم رؤية واضحة، مفادها أن احترام القانون، والمحاسبة، وإعادة هيكلة المؤسسات، وفتح المجال أمام الشباب، هي مفاتيح المرحلة القادمة. وفي مواجهة التحديات الراهنة، لا يمكن أن يكون هناك حياد، بل يجب أن يختار الجميع بين خدمة الوطن أو ترك المكان لمن هو أهل لذلك.

 نحو مسار إصلاحي شامل

من خلال هذا اللقاء، وجّه الرئيس قيس سعيّد إشارات واضحة إلى أن الدولة ستدخل مرحلة جديدة تقوم على الصرامة في تطبيق القانون، والسرعة في تنفيذ الإصلاحات، والمحاسبة الجدية لكل من يتورّط في إضعاف الدولة أو العبث بمصالح المواطنين. ويبقى التحدي الأبرز هو ترجمة هذه التوجهات على أرض الواقع، وسط مشهد سياسي واجتماعي واقتصادي دقيق.

لكن الرسالة الأهم، التي يريد رئيس الجمهورية إيصالها، هي أن الدولة لن تكون رهينة لمصالح فئوية أو للوبيات المال، بل ستظل في خدمة المواطن التونسي، البسيط والصادق، الذي يستحق دولة قوية، وعادلة، وفاعلة. 

Related posts

تونس : 10 وفيات و 9892 اصابة جديدة بكورونا (صور)

root

الجمعة: انطلاق جلسات مناقشة مشروع ميزانية الدولة

Na Da

العاصمة: أصحاب المحلات والباعة ينفذون وقفة احتجاجية

marwa

Leave a Comment