33.2 C
تونس
5 أغسطس، 2025
سياسة وطنية

بعد نهاية الدورة البرلمانية الثالثة انتظارات الثورة التشريعية مستمرة

بعد نهاية الدورة البرلمانية الثالثة ما تزال الانتظارات قائمة بشأن قيام الثورة التشريعية التي تكون تتويجا لجهدا مشتركة بين الحكومة و البرلمان.

وأنهى مجلس نواب الشعب دورته البرلمانية الثالثة ، و ستبقى اللجان قيد العمل وفق منطوق دستور 2022، في انتظار دورة جديدة يُرتقب أن تشهد قرارات حاسمة لتحسين النجاعة التشريعية والرقابية والدبلوماسية للبرلمان.

الشروع في التقييم الذاتي

ومن أبرز ملامح هذه الدورة، تشكيل ثلاث لجان تقييم داخل المجلس، تكفّلت بمتابعة مدى نجاعة أداء المجلس في ثلاثة محاور أساسية: التشريع، والرقابة، والدبلوماسية البرلمانية.

وقد قطعت هذه اللجان شوطًا متقدما من عملها، ومن المنتظر أن تضع اللمسات الأخيرة على تقاريرها في الأيام الأولى من الدورة البرلمانية المقبلة.

وسيتولى مكتب المجلس لاحقًا عرض هذه التقارير على الجلسة العامة، التي من المنتظر أن تحوّل التوصيات الواردة بها إلى قرارات ملزمة، في خطوة ترمي إلى تطوير الآليات وتحسين المردودية الداخلية للمؤسسة التشريعية.

18 قانون

و في الجانب التشريعي، بلغ عدد مشاريع القوانين التي صادق عليها البرلمان خلال هذه الدورة البرلمانية الحالية 18 مشروعا وردت من الوظيفة التنفيذية، شملت مجالات مختلفة من المالية العمومية إلى البنية التحتية، ومن الطاقة والنقل إلى التنمية الجهوية والحماية الاجتماعية.

وقد شكل مشروع قانون المالية لسنة 2025 أحد أبرز الملفات التي استأثرت بالنقاش داخل البرلمان، لما يمثّله من خارطة طريق اقتصادية واجتماعية للدولة خلال السنة الجارية. وإلى جانبه، وافق المجلس على اتفاقيات تمويل عديدة ة، بينها اتفاق مع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية يهدف إلى تمويل المشروع المندمج للفلاحة الجبلية الصغرى في الشمال الغربي، وهو من المشاريع الهادفة إلى تقليص الفجوة التنموية في المناطق الداخلية وتعزيز الأمن الغذائي.

وامتدّ العمل التشريعي أيضا إلى المصادقة على اتفاق قرض مع البنك الإفريقي للتنمية بخصوص مشروع يعنى بتعزيز الفلاحة شبه الغابية وإصلاح المنظومات الغابية والرعوية المتدهورة، كما وافق المجلس على اتفاق تمويل مع البنك الأوروبي للاستثمار يتعلق بمشروع مضاعفة الطريق الوطنية رقم 13، الرابطة بين ولايات القصرين وصفاقس مرورا بسيدي بوزيد والقيروان، في مشروع يرمي إلى ربط الجهات وتنشيط الدورة الاقتصادية بها.

و تمّت المصادقة على قانون يتعلّق بتنقيح مرسوم “فداء”، وهي المؤسسة المحدثة سنة 2022 للإحاطة بضحايا الاعتداءات الإرهابية من الأمنيين والعسكريين والديوانة، وكذلك أولياء الحق من شهداء الثورة وجرحاها، كما وافق المجلس على اتفاقيات قرض موجهة لدعم تنافسية المؤسسات وخلق فرص تشغيل جديدة، وعلى ملحق تعديلي لاتفاق سابق يتعلق بتمويل ميزانية الدولة.

وشملت المصادقة أيضا قانونا يتعلّق بإخضاع رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم وأعضائه لنفس الأنظمة القانونية المطبقة على رئيس وأعضاء مجلس نواب الشعب، وذلك في انسجام مع النصوص المنظمة للهياكل المنتخبة الجديدة.

وواصل البرلمان دعم مسار اللامركزية من خلال المصادقة على مشروع قانون أساسي يتعلّق بالمجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم، كما صادق على اتفاق قرض مع الوكالة الفرنسية للتنمية للمساهمة في ربط عدد من الأحياء السكنية بقنوات التطهير، إلى جانب اتفاقية قرض مع الصندوق الكويتي للتنمية لتجديد وتطوير خطوط السكك الحديدية المخصصة لنقل الفسفاط، أحد أبرز الموارد الوطنية التي ما تزال تعاني من صعوبات لوجستية تعيق مردوديتها الاقتصادية.

كما تمت المصادقة على مشروع قانون يتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة، في إطار السعي إلى حماية اليد العاملة وضبط العلاقة الشغلية داخل المؤسسات، ووافق البرلمان أيضا على اتفاقيات تتعلق بالبنية التحتية للطرقات، وعلى قانون أساسي يقر الاعتراف المتبادل برخص السياقة بين تونس وإيطاليا. وشملت المصادقة كذلك اتفاقيات لتمويل توسيع وتأهيل الطريق الوطنية رقم 20 بولاية قبلي، إضافة إلى اتفاق ضمان مع المؤسسة الإسلامية لتمويل التجارة من أجل استيراد الغاز الطبيعي لفائدة الشركة التونسية للكهرباء والغاز.

اقتراحات بالجملة…

وفي مقابل ما تم إنجازه من جانب الوظيفة التنفيذية، شهدت الدورة أيضا حركية من داخل المجلس، حيث تم إيداع 84 مقترح قانون من قبل النواب، كلها قيد الدراسة داخل اللجان المختصة. وتميّزت هذه المقترحات بتنوعها، إذ شملت مسائل اجتماعية ومهنية وتشريعية، من بينها مقترحات لإحداث نحو 30 بلدية جديدة، إلى جانب مشروع قانون يتعلق بالحق في الحضانة العمومية للأطفال دون سن الرابعة.

ومن الملفات التي حظيت باهتمام النواب كذلك، مشروع يتعلق بتنظيم مهنة المحاماة، وآخر بتسوية مخالفات الصرف، وهي قضايا تحظى بمتابعة كبيرة داخل الأوساط القانونية والاقتصادية، كما طرحت مقترحات لتجريم الاعتداء على الإطار التربوي، وضبط النظام الأساسي الخاص بقطاع الصحة، إضافة إلى مقترح قانون أساسي للميزانية .

ويُنتظر أن تمثّل هذه المقترحات أرضية عمل للجان خلال الدورة المقبلة، خاصة وأن عددًا منها يهم قطاعات استراتيجية ويستجيب لمطالب شعبية متزايدة في الإصلاح والمساءلة.

و تجدر الاشارة الى انه تمت المصادقة على مقترح قانون واحد مقدم من قبل النواب خلال الدورة الحالية يتعلق بتنقيح الفصلين 96 و 98 من المجلة الجزائية.

انتظارات

و يتطلع الشارع إلى مخرجات تقارير لجان التقييم الثلاث، التي سيُبنى عليها جزء كبير من ملامح الدورة القادمة، سواء في ما يتعلق بترشيد الأداء التشريعي أو بضبط ضوابط الرقابة وتفعيل الأدوات البرلمانية التي كفلها القانون والنظام الداخلي. كما يُنتظر أن تسهم هذه التوصيات في تعزيز موقع البرلمان داخل منظومة الحكم، وتحسين العلاقة التفاعلية بين السلط، بما يخدم المصالح العامة ويستجيب لتحديات المرحلة.

ورغم الزخم الكمي في النصوص المصادق عليها، تبقى الآمال معلّقة على مدى تفعيل هذه القوانين وتحويلها إلى إجراءات ملموسة على أرض الواقع، لا سيما في ظلّ سياق اقتصادي دقيق، يتطلب وضوحًا في الرؤية السياسية، وانسجامًا في الأداء المؤسساتي، وسرعة في التنفيذ. ويُعوّل المواطن على أن تكون الدورة البرلمانية المقبلة نقطة انطلاق فعلية نحو إصلاح حقيقي، يُؤسّس لمؤسسة برلمانية فاعلة، منفتحة، وملتزمة بمسؤولياتها الدستورية.

Related posts

خلال أداء اليمين: “قيس سعيد يؤكد وقوف تونس مع كل الشعوب المضطهدة وأولها الشعب الفلسطيني حتى يستعيد حقه كاملا على كل ارض فلسطين وعاصمتها القدس”

Na Da

وفاة و9 إصابات في حادث خطير

root

حركة النهضة تُطالب باطلاق سراح الموقوفين و اقالة وزير الداخلية

root

Leave a Comment