33.2 C
تونس
5 أغسطس، 2025
أخبار الجهات

رغم تراجعها بنسبة فاقت 60 % : يقظة كبيرة لتجنب تكرر سيناريو حرائق الغابات

مع ارتفاع درجات الحرارة خلال نهاية شهر جويلية شهدت الغابات التونسية المتواجدة اساسا بمناطق الشمال الغربي سلسلة من الحرائق بكل من ولايات باجة وسليانة وهو ما شكل كابوسا مرعبا لسكان الغابات وأعاد إلى الأذهان سيناريو حرائق صيف 2022. 

مساحات غابية شاسعة  

تقدر مساحة الغابات في تونس بـ 5.7 مليون هكتار وهي بذلك تمثل 34 % من المساحة العامة للبلاد وتتوزع بين 1.25 مليون هكتار غابات و 4 مليون هكتار مراعي و450 ألف هكتار منابت حلفاء أي ما يمثل 163.610 كلم مربع . وتستأثر الدولة بملكية 90 % من الغابات في حين لا يملك القطاع الخاص سوى 10 % منها. ويبلغ عدد سكان الغابات نحو مليون ساكن وهو ما يعادل 7 % من مجموع السكان وتساهم الغابات بـ 1.33 % من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد وتؤمن 14 % من الناتج المحلي الفلاحي ومثلها من مدخرات الطاقة في حين تقدر القيمة الاقتصادية للغابات والمراعي سنويا بنحو 100 مليون دينار. كما تعد أيضا مورد رزق لآلاف من سكان المناطق الريفية والغابية حيث توفر قرابة 6 مليون يوم عمل سنويا وخاصة للفئات الهشة ذلك أن 40 % من هؤلاء السكان يتأتى دخلهم أساسا من الغابات حيث يعتمدون على استغلال منتجاتها مثل الصنوبر والفلين والزعتر والإكليل الجبلي والزان والسرو والعرعار والخروب والزقوقو والبندق إلى جانب العسل والفطر الجبلي كما تمنح للأسر وخاصة النسوة فرصة استغلال النباتات لتقطيرها واستخراج الزيوت وبيعها إضافة إلى إمكانية صناعة الفحم انطلاقا من المخزون الهام للحطب المتوفر بالغابات وتوفير مداخيل إضافية لتحسين مستوى عيشهم .

خسائر ضخمة

بين التقرير السنوي للغابات في تونس لسنة 2023  توثيق 693 حريقا من قبل الحماية المدنية من بينها 436 حريقا تسببت في إتلاف 5687 هكتارا. وبلغ إجمالي المناطق الغابية المحروقة في تونس بين 2016 و2023 حوالي 56 ألف هكتار، أي ما يعادل 4.7٪ من إجمالي مساحة الغابات في البلاد ، علما وأن أكثر من 40 %  من المساحات الغابية في تونس تُصنف كغابات ذات نوعية رديئة ومأهولة بشجيرات منخفضة. ويستعيد التونسيون ذكرى صيف 2022 حين اندلع حريق ضخم بجبل “بوقرنين” والذي أتى على مساحة 500 هكتار من غابات الصنوبر واستغرقت السيطرة عليه ثلاثة أيام متتالية.   

تراجع بـ 60 % في عدد الحرائق

مع بداية سنة 2024 أخذ حجم حرائق الغابات منحى تنازليا حيث لم تتجاوز المساحات المتضررة من النيران 733 هكتارا . وسجلت حرائق الغابات في تونس خلال صيف 2025 الحالي تراجعاً ملحوظا حيث تم تسجيل انخفاض بنسبة فاقت 60 % في عدد الحرائق مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023 ، فيما تراجعت المساحات المتضررة بأكثر من 70% . وقد تم تسجيل أكبر الحرائق بكل من جبل “ سيار” بمنطقة سيدي إسماعيل بولاية باجة ،وبجبل “ الدحارة ” التابع لمعتمدية برقو من ولاية سليانة ، وبجبل ” منصور ” الرابط بين ولايتي زغوان وسليانة وبمنطقة “ الدولاب ” الجبلية التابعة لمعتمدية سبيطلة بولاية القصرين

ويمكن أن يساهم تراجع نسبة حرائق الغابات في تونس في تشجيع حملات التشجير من أجل إعادة إحياء المناطق المتضررة خلال السنوات الماضية.

الديوان الوطني للحماية المدنية يتدعم

تراجع عدد حرائق الغابات يعود أساسا إلى تحسن أنظمة الإنذار المبكر والمراقبة الجوية عبر الطائرات المسيرة وتكثيف الحملات التوعوية الموجهة للمواطنين وسكان المناطق الجبلية ، إلى جانب تعزيز التنسيق بين الحماية المدنية والغابات والجيش الوطني وتفعيل خطط التدخل السريع ورفع جاهزية فرق الإطفاء الميدانية . وأوضح وزير الداخلية خالد النوري خلال الجلسة العامة للمجلس الوطني للجهات والأقاليم المنعقدة نهية شهر جويلية الماضي أن الديوان الوطني للحماية المدنية عزز قدراته الميدانية من خلال تدعيم 125 وحدة قارة بمختلف الجهات وتركيز تسع فرق متنقلة بالمناطق الغابية وإحداث 16 مركزا موسميا بالمناطق ذات الكثافة الزراعية ، إضافة  إلى تثبيت ثمانية مراكز متقدمة للنجدة والإسعاف على الطرقات، خاصة بالمناطق المصنفة ” سوداء ” والتي تعمل وفق نظام 24/24 لتأمين سرعة التدخل والاستجابة في الحالات الطارئة.

تطوير منظومة الرقابة بالأقمار الصناعية

لإعادة إرجاع الغابة إلى سالف عهدها يؤكد خبراء البيئة على أنه يجب توفير استثمارات ضخمة ذلك أن كلفة الهكتار الواحد تتراوح بين 20 و50 ألف دينار. وقد تم خلال سنة 2024  تشجير سوى 5447 هكتارا من الغابات ، ويتواصل خلال السنة الحالية 2025 تنفيذ مشروعين يهتم الأول باستعادة النظم الإيكولوجية للغابات المتدهورة في تونس واستصلاحها والذي ينتهي سنة 2030  وسيستفيد منه 37 ألف من سكان الغابات موزعين بين 25 ألف بجندوبة و12 ألف بالقصرين حيث سيتم اعتماد التواجد المتواصل خلال فترة الحرائق في المجال الغابي سواء عن طريق أعوان الغابات أو المتطوعين لمعاضدة جهود الدولة في حماية الثروة الغابية ، أما الثاني فيشمل فيهتم بإعادة تشجير الغابات التونسية التي تضررت من الحرائق وذلك بالشراكة مع وزارة الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية ومع الإدارة العامة للغابات حيث سيتم في مرحلة أولى زراعة 11 ألف شجرة ” كلاتوس ” بمنطقة سجنان كجزء أول من برنامج شامل لإعادة تشجير الغابات وذلك بغراسة ما يقارب 100 ألف شجرة في جميع أنحاء الجمهورية خلال سنوات 2024 ــ 2025 ــ 2026  . كما يشمل البرنامج الوطني للغابات والمراعي ومشاريع التنمية غراسة 6.7 مليون شتلة إضافة إلى 2.3 مليون شتلة في إطار الشراكة مع المجتمع المدني والشركات والبنوك والبلديات . ويشدد خبراء البيئة على ضرورة تعزيز قدرات جهاز إدارة الغابات وتطبيق القانون بشكل قوي وفاعل إضافة إلى تطوير منظومة رقابة الأقمار الصناعية لرصد الحرائق مبكرا.

Related posts

القيروان : عدد الزوار تجاوز مليون و 200ألف شخص ..

yosra Hattab

نابل : وحدات الحماية المدنية تسيطر على حريق بغابة البندق

marwa

وزارة البيئة تتدخل لرفع فواضل البناء والهدم في لفائدة عدد من الولايات

Na Da

Leave a Comment