35.8 C
تونس
12 أغسطس، 2025
وطنية

في انتظار المصادقة عليها مطلع السنة: توتر بين نواب الشعب والمحليات حول مخططات التنمية

دخل المخطط التنموي مرحلة النقاش في مستوى مجالس الأقاليم بمرافقة من وزارة الاقتصاد والتخطيط، وظهرت في الأفق توترات بين نواب الشعب والمحليات بشأنه، في انتظار حسم سلطة الإشراف وتصويت الغرفة الثانية.

و أنهت المجالس المحلية ومجالس الجهات إعداد المخططات التنموية، وانطلقت منذ أيام الندوات الإقليمية التي تشرف عليها وزارة الاقتصاد والتخطيط، وتهدف هذه الندوات إلى تأليف تقارير تنموية على مستوى كل إقليم، تمهيدا لإعداد مخططات تنموية إقليمية تستكمل بها المراحل القاعدية في إعداد مخطط التنمية 2026-2030.

وقد مثلت هذه المرحلة خطوة متقدمة ضمن مسار التخطيط، بعد أن نظمت المحليات ورشات تشخيص تشاركي، وتبعتها مراحل صياغة تقارير محلية ثم تقارير جهوية، وبعد تأليف المخططات الإقليمية، تتولى وزارة الاقتصاد والتخطيط صياغة مشروع المخطط الوطني، وإحالته إلى المجلس الوطني للجهات والأقاليم، قصد مناقشته والمصادقة عليه في غضون جانفي أو فيفري القادمين على أقصى تقدير.

توترات بين النواب و اعضاء المحليات

و رافقت هذا المسار توترات متزايدة في عدد من الجهات، بسبب غياب التنسيق بين نواب الشعب والمجالس المحلية، حيث عبّر عدد من نواب الشعب، وخاصة أعضاء الغرفة الأولى، عن رفضهم لما اعتبروه إقصاء ممنهجا من المسار التنموي داخل محلياتهم، وأكدوا أن دورهم التمثيلي يخول لهم حضور مختلف مراحل الإعداد والمشاورة، خصوصا في ما يتعلق بالمشاريع التنموية ذات الطابع الجهوي والمحلي.

ومن جهة اخرى تمسّك أعضاء من المجالس المحلية بعدم إشراك نواب البرلمان في أعمالهم، واعتبروا أن القانون لم يمنحهم أي صفة داخل المجالس القاعدية، وأن التداول في الشأن التنموي يندرج ضمن صلاحيات نواب المحليات دون سواهم، في إطار سلسلة مؤسساتية تتدرج من المجلس المحلي إلى الجهوي ثم الإقليمي فالغرفة الثانية.

و تكشف العديد من التصريحات هنا و هناك أن العديد من المجالس المحلية قد امتنعت عن دعوة النواب لحضور الورشات أو الجلسات، مما زاد في حدّة التوتر، وولّد شعورا بالتهميش لدى بعض نواب الشعب، الذين لجؤوا إلى التراسل مع وزارة الإشراف للاستفسار حول غيابهم عن المسار، كما  شهدت مواقع التواصل والفضاءات الجهوية نقاشات محتدمة، ووجّهت اتهامات متبادلة بين الطرفين، وسط دعوات إلى تحديد دقيق للأدوار والتمثيليات داخل المجالات المحلية.

ورأى بعض المتابعين أن غياب المجالس البلدية المنتخبة ساهم في تغذية هذا التوتر، ، مما دفع مختلف الأطراف إلى محاولة سد هذا الفراغ عبر فرض الحضور في المسارات التنموية، وتوقّع بعض الفاعلين أن يساهم تركيز المجالس البلدية المنتخبة مستقبلا في تهدئة هذا الصراع، بعد أن يتضح المشهد التمثيلي وتُرسم الحدود بين المسؤوليات المحلية والجهوية والوطنية، وتُستكمل هندسة السلطة المحلية بكامل هياكلها كما ضبطها الدستور والقانون الانتخابي.

مقاربة تصاعدية

ومن جهة اخرى واصلت وزارة الاقتصاد والتخطيط مرافقتها للمجالس الجهوية والمحلية في مختلف مراحل الإعداد، وقدّمت دعما فنيا ولوجستيا، ووزعت أدلة مرجعية موحدة لضمان انسجام المنهجية، كما واكبت الندوات الإقليمية لتيسير الربط بين المقترحات المرفوعة من الجهات والتوجهات الوطنية الكبرى.

و تولت الوزارة متابعة تطابق المقترحات مع الخطط القطاعية والقدرات المالية المتاحة، ومن المنتظر أن تجمع المخرجات النهائية من الأقاليم، وتُعدّ مشروع المخطط الوطني، ثم تحيله على المجلس الوطني للجهات والأقاليم، باعتباره المؤسسة المخوّلة للتداول في المشاريع التنموية والمصادقة عليها.

و تطلبت مرحلة إعداد المخطط التنموي مجهودا تنظيميا وعمليا واسعا، وشهدت مشاركة آلاف المتدخلين في المحليات والجهات، وسُجّلت فيها تفاوتات في الأداء والجاهزية، إلا أن العملية استكملت مراحلها وفق الرزنامة المضبوطة، مما سمح بمرور المخططات إلى المستوى الإقليمي في الموعد المحدد.

ينتظر المتابعون من المجلس الوطني للجهات والأقاليم أن يضطلع بدوره كاملا في مناقشة المخطط، وأن يُجري التعديلات الضرورية وفق ما تتيحه صلاحياته، ويأمل كثيرون أن تنطلق عملية المصادقة في آجالها، حتى يتسنى للحكومة إدراج التوجهات العامة للمخطط ضمن قانون التخطيط الخماسي وبرمجة المشاريع الكبرى.

يبقى الرهان قائما على قدرة الدولة على التوفيق بين المطالب المحلية والقيود المالية التي تفرضها التوازنات المالية الكبرى، وعلى التفاعل الذكي مع المقترحات التي رفعتها الجهات، في ظل وضع اقتصادي دقيق ومناخ اجتماعي متقلب.

يعتمد نجاح المخطط على صدقيته وجدواه، وعلى كونه نتاجا لمسار تشاركي حقيقي، كما يتوقف على إرساء تناغم مؤسساتي يضمن التعاون بين النواب والمجالس المحلية، حيث يحمل المخطط التنموي في عمقه تعبيرا عن رؤية الدولة لمستقبل الجهات، وتجسيدا للعدالة التنموية في توزيع الموارد والاستثمارات. لذلك، تبدو حاجة البلاد ماسة إلى تجاوز النزاعات التمثيلية والانخراط في العمل الجدي، حتى يتحول هذا المخطط إلى أداة فعلية لتغيير الواقع التنموي في البلاد.

وفي انتظار ذلك، يتواصل النقاش داخل الجهات، وتتواصل المرافقة من سلطة الإشراف، ويترقّب الجميع محطة الحسم السياسي النهائي لهذا المخطط، الذي سيوجه الاستثمار العمومي خلال السنوات الخمس القادمة، ويحدد وجهة التنمية الوطنية في مرحلة دقيقة من تاريخ البلاد.

Related posts

مسؤول بوزارة الطاقة لـ 24/24: “سيتم  رفع الدعم عن المحروقات في تونس تدريجيا” 

سنية خميسي

الخطوط التونسية تتسلم طائرة جديدة

رمزي أفضال

وزارة التربية تتقدم بمقترح جديد لنقابة التعليم الأساسي

سنية خميسي

Leave a Comment