31.7 C
تونس
12 أغسطس، 2025
دولي

رؤساء سابقون لاجهزة الامن الاسرائيلي: الكيان المحتل على اعتاب الهزيمة

 في تحول غير مسبوق، أطلق أكثر من 600 مسؤول أمني سابق من بينهم رؤساء أركان سابقون ورؤساء جهاز الشاباك والموساد وضباط كبار في الجيش، بيانًا عاجلًا حذّروا فيه من أن الكيان الإسرائيلي بات على حافة الهزيمة في حربه على غزة المستمرة منذ أكتوبر 2023. وأكد هؤلاء الخبراء، الذين يمتلكون خبرة أمنية مشتركة، أن الحرب العسكرية استنفدت أهدافها وأن الاستمرار فيها سيؤدي إلى نتائج كارثية على الأمن القومي للكيان، داعين إلى وقفها فورًا والتوجه إلى اتفاق سياسي يضمن تحرير الرهائن المتبقين.

هذا النداء الجماعي ظهر في رسالة مفتوحة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث طالب القادة الأمنيون السابقون بضرورة التدخل والضغط على حكومة بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب والتوصل إلى صفقة شاملة لإعادة الرهائن، وجاء في الرسالة أن “كل ما كان يمكن تحقيقه بالقوة قد تحقق”، وأن الإصرار على استمرار القتال لم يعد له جدوى، وفي فيديو مشترك نشر مؤخرًا، قال عدد من هؤلاء القادة إن الكيان الإسرائيلي يقف على “شفا الهزيمة”، وإنه كان من الممكن إنهاء الحرب “بالأمس” دون الحاجة إلى استمرار النزيف العسكري والسياسي.

من بين هؤلاء القادة برزت أسماء بارزة مثل إيهود باراك رئيس الوزراء ورئيس الأركان الأسبق، وموشيه يعلون، ودان حالوتس، إضافة إلى رؤساء سابقين للشاباك مثل أرجمان وعامي أيالون ويورام كوهين، ورؤساء سابقين للموساد مثل تامير باردو وإفرائيم هاليفي وداني ياتوم، إلى جانب مفوضين سابقين للشرطة من بينهم دودي كوهين وموشيه جرادي، وقد أجمع هؤلاء على أن القيادة السياسية الحالية تجرّ الكيان الإسرائيلي إلى مأزق استراتيجي عميق.

العملية العسكرية التي أطلقها الكيان الإسرائيلي في شهر ماي 2025 تحت مسمى “عربة جدعون” شملت اجتياحًا بريًا واسعًا مدعومًا بضربات جوية مكثفة، وتمكنت قواته من السيطرة على نحو 70٪ من قطاع غزة، وحسب تقييمات القادة الأمنيين السابقين، تم تحييد معظم القدرات العسكرية لحركة حماس وتفكيك بنيتها الإدارية، غير أن استمرار الحرب لم يسهم في إطلاق سراح جميع الرهائن إذ لا يزال ما يقارب 50 رهينة محتجزين، وهو ما دفع هؤلاء المسؤولين إلى التحذير من أن الأهداف العسكرية قد تحققت بالفعل وأن أي تصعيد إضافي سيكون سياسيًا أكثر منه أمنيًا.

ورغم هذه التحذيرات، يصر نتنياهو على أن أي توقف للحرب قبل تحقيق ما يسميه “النصر الكامل” سيعدّ هزيمة تاريخية، وأن تحرير الرهائن لن يتم إلا من خلال سحق حماس نهائيًا. وفي الوقت نفسه، تدرس حكومته خيارات لتوسيع السيطرة العسكرية على كامل قطاع غزة، ما أثار قلقًا واسعًا داخل الكيان الإسرائيلي وخارجه من تداعيات هذه الخطوة على الوضع الإنساني والأمني، وقد جاء ذلك وسط أزمة سياسية داخلية متصاعدة بعد إقالة المدعية العامة غالي بهاراف-ميار في خطوة أثارت احتجاجات واسعة قبل أن يتم تجميد القرار بقرار من المحكمة العليا.

الوضع الإنساني في غزة يزداد سوءًا مع تجاوز عدد الضحايا 60 ألف قتيل معظمهم من النساء والأطفال، وانتشار المجاعة التي أودت بحياة المئات بسبب سوء التغذية، إضافة إلى مشاهد مروعة لرهائن يعانون من الهزال الشديد، وهو ما أدى إلى تصاعد الغضب الشعبي داخل الكيان الإسرائيلي نفسه وتزايد الضغط الدولي على حكومة نتنياهو لإنهاء الحرب، كما دفعت هذه التطورات بالمحكمة الجنائية الدولية إلى تسريع تحقيقاتها بشأن اتهامات بارتكاب جرائم حرب، فيما حذّرت منظمات حقوقية من أن استمرار الحرب يمثل تهديدًا خطيرًا للاستقرار الإقليمي.

يرى المحللون أن الاستمرار في الحرب لا يخدم سوى المصالح السياسية الداخلية للحكومة اليمينية المتطرفة، بينما يتفق القادة الأمنيون السابقون على أن المكاسب العسكرية قد تحققت بالفعل وأن أي خطوات إضافية لن تغيّر الواقع الأمني، وفي المقابل، يرون أن الحل يكمن في اتفاق سياسي عاجل يشمل وقف إطلاق النار وإطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين دفعة واحدة، بما يشبه التسويات التي جرت في صفقات تبادل سابقة.

هذا الجدل يعكس مأزقًا استراتيجيًا عميقًا يواجه الكيان الإسرائيلي، حيث تتزايد الضغوط الداخلية والدولية معًا لإنهاء الحرب التي تحولت إلى عبء سياسي واقتصادي وأخلاقي، وبينما يتمسك نتنياهو بخطابه القائم على “النصر الكامل”، يتضح أن القيادات الأمنية السابقة تقدم قراءة مختلفة تنطلق من خبرة طويلة وتجارب متراكمة في مواجهة الأزمات، ومن الواضح أن هذا الصراع بين الرؤيتين سيحدد مستقبل الحرب ومصير المنطقة بأسرها.

وبناءً على ذلك، فإن الموقف الراهن يضع الكيان الإسرائيلي أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الاستمرار في حرب استنزاف قد تؤدي إلى نتائج كارثية على الصعيدين الداخلي والخارجي، أو القبول بخيار التهدئة الذي قد يمنحه فرصة لإعادة ترتيب أوراقه قبل الانزلاق إلى هزيمة سياسية وأمنية أكبر.

Related posts

هل تشارك مصر تركيا في تصنيع سلاح يكسر التفوق الإسرائيلي؟

محمد بن محمود

إسرائيل تستهدف القصر الرئاسي في سوريا

محمد بن محمود

نتانياهو يرد على ماكرون بأن “الانتصار” في العام 1948 أنشأ دولة إسرائيل لا قرار الأمم المتحدة

محمد بن محمود

Leave a Comment