36.5 C
تونس
15 أغسطس، 2025
دولي

في ضرورة الاستعداد الجيد للعودة المدرسية

لم يعد يفصلنا عن العودة المدرسية سوى اسابيع قليلة وهي فترة قصيرة لكنها قد تكون مساحة زمنية ثمينة إذا ما أُحسنا استثمارها.

ومن المعلوم ان العطلة الصيفية بما تحمله من راحة واستجمام، تحمل أيضا مخاطر نسيان ما تم تحصيله خلال العام الدراسي المنقضي، وهو أمر لا يخلو من انعكاسات على الانطلاقة الجديدة. لذلك قد يكون من المناسب التفكير في هذه الأسابيع القليلة باعتبارها جسرا بين عامين دراسيين، جسر يمكن عبوره بخطوات هادئة ومدروسة.

و ربما لا يشعر التلميذ اليوم بضغط العودة، فحرارة الصيف وأنشطة العطلة تصرف الانتباه عن أجواء المدرسة، لكن الواقع يقول إن الاستعداد المبكر قد يجعل الفارق بين بداية متعثرة وبداية سلسة.

و على سبيل المثال، قد تكون المراجعة الخفيفة وسيلة فعالة للحفاظ على ما تم اكتسابه، حتى لو اقتصرت على بعض التمارين أو قراءة ملاحظات مختصرة. وقد يكون هذا الجهد المحدود كافيًا لتجنب صدمة العودة إلى الكتب بعد أسابيع من الانقطاع.

ومن المرجح أن الجانب النفسي لا يقل أهمية عن الجانب المعرفي. فالتلميذ الذي ينتقل من جو الحرية التامة في العطلة إلى نظام اليوم المدرسي الصارم قد يواجه صعوبة في التأقلم إذا لم يتهيأ لذلك تدريجيًا، حيث يمكن في هذا السياق البدء بإعادة ضبط أوقات النوم والاستيقاظ قبل أسابيع من العودة، أو تخصيص ساعات محددة خلال النهار لأنشطة تعليمية أو مطالعة حرة. وهذه التعديلات البسيطة قد تساهم في تهيئة الذهن والجسم لاستعادة إيقاع الحياة المدرسية.

وقد يكون من المفيد التذكير بدور الأولياء في هذه المرحلة، فمسؤولية الاستعداد لا تقع على التلميذ وحده، فتجهيز الأدوات المدرسية، ومتابعة الجدول الزمني للعودة، والتحاور مع الأبناء حول توقعاتهم ومخاوفهم، كلها خطوات تساعد على بناء مناخ إيجابي لاستقبال السنة الجديدة. ويفضل بعض الأولياء تأجيل هذه التحضيرات إلى الأيام الأخيرة، لكن التجربة تشير إلى أن التدرج في الإعداد يخفف الضغط ويتيح مجالًا للاختيار الأفضل سواء في المستلزمات أو في التخطيط المالي.

ومن غير المستبعد أن يشكل الجانب المادي تحديًا لبعض العائلات، خاصة في ظل ارتفاع أسعار المستلزمات المدرسية، و لذلك قد يكون من الحكمة الشروع مبكرا في اقتناء ما يلزم، مستفيدين من التخفيضات أو العروض التي تسبق ذروة الطلب، و ويمكن أن يكون هذا التخطيط المبكر وسيلة لتجنب المصاريف المفاجئة وضبط الميزانية بشكل أفضل.

ان العودة المدرسية هي انطلاقة لموسم طويل تتداخل فيه الأهداف التعليمية مع التحديات الاجتماعية والاقتصادية. وفي هذا السياق، يمكن القول إن حسن الاستعداد قد ينعكس على الأداء طيلة العام، فالانطلاقة القوية تمنح الثقة وتشجع على مواصلة الجهد، بينما البداية المرتبكة قد تترك أثرها لأسابيع وربما أشهر.

وقد يكون من المناسب الإشارة إلى أن الاستعداد لا يقتصر على الكتب والدفاتر، بل يشمل أيضًا التحضير الذهني لتقبل محتوى جديد ومواجهة مستويات أصعب من التعلم، و وهذا يتطلب من التلميذ، بدعم من أسرته، أن يضع لنفسه أهدافًا واضحة للعام الجديد، حتى لو كانت بسيطة في صياغتها، مثل تحسين مستوى مادة معينة أو المشاركة بشكل أكبر في الأنشطة المدرسية.

أما من الناحية المجتمعية، فإن عودة التلاميذ إلى مقاعد الدراسة تعني أيضًا استعادة نشاط قطاعات واسعة مرتبطة بالمدرسة، من النقل إلى المكتبات  و غيرها وهو ما يجعل هذا الحدث محطة اقتصادية واجتماعية إلى جانب كونه تربويا

من المرجح أن هذا الشهر المتبقي سيشهد في كثير من البيوت خليطًا من الحماس والقلق، وهذا طبيعي في كل بداية جديدة، لكن المهم هو أن يتحول هذا الشعور إلى طاقة إيجابية تحفز الجميع على تنظيم الوقت والموارد والاستعداد الذهني. ولعل أفضل ما يمكن القيام به في هذه الفترة هو تقسيم المهام على أسابيع.

و قد لا توجد وصفة سحرية تضمن بداية مثالية، فكل تلميذ يختلف في شخصيته وظروفه، لكن الإعداد المسبق يظل عاملًا مشتركًا في قصص النجاح المدرسي، وحتى إذا لم تحقق كل الأهداف المرجوة، فإن مجرد الاستعداد يترك أثرًا إيجابيًا، لأنه يمنح التلميذ والأولياء إحساسًا بالتحكم في مجريات الأمور بدل الانجرار وراء ضغط اللحظة.

ربما يكون هذا الشهر الأخير فرصة أيضًا لتقوية الروابط العائلية، عبر أنشطة جماعية تجمع بين الترفيه والفائدة، كزيارة معارض الكتب أو ممارسة أنشطة رياضية أو ثقافية، فالتلميذ الذي يشعر بالدعم الأسري خلال هذه المرحلة يدخل العام الجديد بروح أكثر تفاؤلًا وثقة.

وفي النهاية، يبدو أن العودة المدرسية هي عملية متكاملة تبدأ قبل أسابيع من ذلك التاريخ، حيث ان الاستثمار في هذه المرحلة التحضيرية قد يكون هو الفارق بين عام دراسي مليء بالإنجازات وآخر مثقل بالصعوبات. 

Related posts

الخارجية الأميركية تجيز صفقة بيع محتملة لمعدات عسكرية لمصر

Walid Walid

ترامب يرغب أن يصبح البابا القادم للفاتيكان خلفا للراحل فرنسيس!

محمد بن محمود

الأردن تطالب بنشر صواريخ الباتريوت على حدودها

Walid Walid

Leave a Comment