في خطوة صهيوني مثيرة للجدل ، هدد وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن غفير الأسير الفلسطيني مروان البرغوثي بعد اقتحام زنزانته، وسط صدمة عائلته من ملامحه، ومخاوف على مصيره. وقال بن غفير للبرغوثي إنه سيمحو كل من يعبث مع شعب إسرائيل، وأضاف موجها حديثه للبرغوثي إنكم لن تنتصروا، ويجب أن تدركوا ذلك. ويأتي ذلك في إطار السياسات الاستفزازية للوزير الإسرائيلي اليميني المتطرف، وغداة مصادقة رئيس أركان الجيش إيال زامير على الفكرة المركزية لخطة إعادة احتلال قطاع غزة بالكامل، بما في ذلك مهاجمة منطقة الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة التي بدأت مطلع الاسبوع .
وقالت القناة السابعة الإسرائيلية الخاصة إن الوزير بن غفير اقتحم قسم العزل الفردي الذي يقبع فيه الأسير البرغوثي، وقال له: من يقتل أطفالنا أو نساءنا فسنمحوه، أنتم لن تنتصروا علينا.
ونشرت القناة مقطعا مصورا لبن غفير وهو يقوم بالزيارة الاستفزازية للبرغوثي الذي بدا في المقطع بجسد هزيل ويعاني وضعا صحيا سيئا، وقالت القناة إن زيارة بن غفير للسجن كانت لمتابعة تشديد ظروف احتجاز الأسرى الفلسطينيين.
ومنذ تولي بن غفير مهامه وزيرا للأمن نهاية 2022، شهدت أوضاع الأسرى الفلسطينيين في سجون إسرائيل تدهورا ملحوظا، حيث لوحظ انخفاض كبير في أوزانهم نتيجة السياسات التي فرضها في السجون.
وفي 17 جويلية الماضي، تفاخر بن غفير بتجويع الأسرى الفلسطينيين في السجون، وذلك عندما وصل إلى المحكمة العليا لحضور جلسة استماع بشأن التماس جمعية حقوق المواطن، حول ظروف معيشة واحتجاز الأسرى الفلسطينيين.
والبرغوثي يعتبر من أبرز قادة الحركة الأسيرة الفلسطينية بالسجون الإسرائيلية، وهو معتقل منذ عام 2002 ومحكوم بـ5 مؤبدات. واعتقلت إسرائيل البرغوثي في افريل 2002، وحكمت عليه بالسجن المؤبد 5 مرات و40 سنة، بتهمة المسؤولية عن عمليات نفذتها مجموعات مسلحة محسوبة على حركة فتح، وأدت لمقتل وإصابة إسرائيليين.
تغير الملامح
وأعربت عائلة البرغوثي عن صدمتها من تغير ملامح وجهه، والإنهاك والجوع اللذين يعيشهما مثل باقي الأسرى. وقالت عائلة البرغوثي إنها تخشى على حياة ابنها داخل السجن. وبدوره أعرب رائد أبو الحمص رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية عن القلق على حياة البرغوثي بعد اقتحام بن غفير زنزانته وتهديده، في تجاوز لكافة الخطوط الحمراء.
وقال أبو الحمص -في بيان- إن وصول المتطرف بن غفير إلى زنزانة القائد أبو القسام (البرغوثي) بمثابة تهديد علني، وما صدر عنه من ألفاظ ونقاش بمضمونها وأسلوبها مؤشر خطير على النوايا التي يخفيها هذا العنصري المأزوم. وأضاف: بن غفير هو من مارس تعذيب الأسرى أمام عدسات الكاميرا، وله أسبقيات كثيرة تعج بالحقد والعنصرية، وأن يتجرأ على قائد بحجم أبو القسام فيه تجاوز لكافة الخطوط الحمراء، ونحن في حالة قلق على حياته. ودعا أبو الحمص الشعب الفلسطيني للانتصار لأبي القسام وتضحياته.
وإثر تداول المقطع المصور، تتالت الإدانات الفلسطينية حيث اعتبرت الخارجية الفلسطينية اقتحام بن غفير زنزانة البرغوثي وتهديده استفزازا غير مسبوق وإرهاب دولة منظما. ومن جانبه وصف حسين الشيخ نائب الرئيس الفلسطيني تهديد بن غفير للبرغوثي، في سجنه، بأنه قمة الإرهاب النفسي والمعنوي والجسدي.
حماس تندد
بدورها، اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن اقتحام بن غفير زنزانة البرغوثي وتهديده يكشف فاشية الاحتلال وقالت إن الحادث يعد امتدادا لجرائم الحرب في معتقل سديه تيمان الذي شهد انتهاكات مروعة بحق الأسرى. وأكدت حماس أن اقتحام زنزانة البرغوثي سيزيده إصرارا على مواصلة نضاله المشروع من أجل حرية شعبه وكرامته.
ودعت الشعبَ الفلسطيني إلى تصعيد الضغط الشعبي وأوسع حالة تضامن مع أسرانا الأبطال والوقوف في وجه جرائم الاحتلال وطالبت الأممَ المتحدة وأحرار العالم للتحرك العاجل لتوفير الحماية للأسرى ومحاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم.
فتح تحمّل إسرائيل مسؤولية حياة مروان البرغوثي
بدورها حملت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن حياة عضو اللجنة المركزية للحركة الأسير مروان البرغوثي، مؤكدة أن تهديدات الاحتلال لن تفت من عضده وصموده وإرادته.
وأضافت في بيان صادر عن مفوضية الإعلام والثقافة والتعبئة الفكرية اليوم الجمعة، أن تهديد الوزير في حكومة الاحتلال المتطرف إيتمار بن غفير للأسير القائد مروان البرغوثي يعد انتهاكاً سافراً لكافة المواثيق والتشريعات الدولية، وأهمها اتفاقية جنيف الرابعة.
وأكدت حركة فتح أن هذا التهديد يأتي ضمن إجراءات قمعية ممنهجة تمارسها منظومة الاحتلال الاستعمارية بحق أسرانا وأسيراتنا في المعتقلات بقيادة وزير متطرف موصوم دولياً بالفاشية والإجرام، وفقاً لوكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية وفا.
ودعت فتح، المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية ذات الصلة إلى وقف انتهاكات منظومة الاحتلال الاستعمارية تجاه أسرانا وأسيراتنا في المعتقلات، ومنهم، الأسير القائد البرغوثي، مردفة أن منظومة الاحتلال بإجراءاتها القمعية والتنكيلية تضرب بعرض الحائط القانون الدولي والاتفاقات والمعاهدات ذات العلاقة.
مروان البرغوثي.. هل يكون مفتاح حكم غزة وحل الدولتين؟
وفي الوقت الذي أعلنت فيه إسرائيل تحويل محيط قطاع غزة إلى محيط أمني، تبرز مشكلة أساسية لم تجد حلاً حتى الآن: من سيحكم غزة بعد انتهاء الحرب؟.
وبحسب تقرير لشبكة سي.إن.إن الإخبارية الأمريكية، فإن القيادي في حركة فتح مروان البرغوثي، الذي يقبع في السجون الإسرائيلية قد يكون الخيار الأفضل لتحقيق السلام. ففي الوقت الذي تؤكد فيه إسرائيل أنها لا تنوي حكم غزة بشكل مباشر، تقول الشبكة إن الفلسطينيين بدورهم يرفضون أي قوة خارجية تتولى إدارة القطاع، وهو ما يجعل مستقبل الحكم في غزة موضع تساؤلات عميقة، وتحدياً حقيقياً أمام كل الأطراف.
من البديل المقبول؟
وسط ذلك تطرح الشبكة الإخبارية الأمريكية تساؤلات حول ما إذا كان هناك حل قد تقبله إسرائيل، ويحظى في الوقت نفسه بمصداقية وشرعية شعبية لدى الفلسطينيين.
ووفقًا لاستطلاعات رأي فلسطينية، برز اسم تصدر كل نتائج الاستطلاعات باعتباره الأكثر شعبية بين الفلسطينيين، وهو مروان البرغوثي، الذي لا يزال خلف القضبان منذ قرابة عقدين. وفي دليل على شعبيته، لفتت الشبكة الأمريكية إلى أن جدران الفصل الإسرائيلية ما تزال مغطاة بصور البرغوثي، الذي يرى فيه البعض مانديلا فلسطين، فيما يعتبره آخرون في الدولة العبرية إرهابيًا مسؤولًا عن مقتل إسرائيليين خلال الانتفاضة الثانية.
مكانة خاصة
وذهب التقرير إلى أنه عبر التاريخ، برزت شخصيات قادت نضالات ثورية تحولت لاحقًا إلى رموز سياسية قادرة على التفاوض من أجل السلام، رغم أن بعضهم كان يُصنف سابقاً كـأشرار وإرهابيين، من بينهم نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا، وجيري آدامز في إيرلندا الشمالية. ويقول الباحث الفلسطيني خالد الشقاقي – الذي أجرى استطلاعات الرأي الأخيرة – لصحيفة الغارديان إن البرغوثي هو الزعيم الفلسطيني الأكثر شعبية على قيد الحياة، مشيرًا إلى أن الاحترام الكبير الذي يحظى به يمكن أن يمنحه مكانة سياسية تمكّنه من التفاوض على تسوية مع إسرائيل.ويُذكر أن البرغوثي كان مؤيداً قوياً لاتفاقيات أوسلو للسلام، ووفقًا لنجله، فإنه لا يزال ملتزماً بحل الدولتين، وهو ما يجعل من طرح اسمه احتمالاً سياسيا جاداً لما بعد الحرب، كما تقول الشبكة الأمريكية.
ترحيب حذر
ولعل اللافت كما يرى التقرير، أن البرغوثي رغم كونه محكوماً بالمؤبد في سجون الصهاينة يُنظر إليه من قبل بعض القيادات الإسرائيلية كخيار واقعي قد يفتح طريقًا نحو تسوية.
وقال الرئيس السابق لجهاز الشاباك الإسرائيلي، عامي أيالون، في تصريح لمجلة الإيكونوميست: من مصلحتنا أن يشارك البرغوثي في الانتخابات الفلسطينية القادمة، وكلما كان ذلك أسرع كان أفضل.
ويرى التقرير أن غياب قيادة فلسطينية فعالة منذ وفاة عرفات عام 2004 شكّل عائقاً كبيراً أمام أي تقدم في عملية السلام، في حين أن القيادة الحالية برئاسة محمود عباس، تعاني من ضعف في الشعبية، بحسب التقرير الأمريكي.
كما أن قدرة حركة حماس على الأرض بفعل الحرب، ومقتل عدد كبير من قادتها، وعلى رأسهم يحيى السنوار وإسماعيل هنية، إلى جانب تصاعد احتجاجات داخلية ضد استمرارها بالحكم، كلها عوامل ساهمت بشكل كبير في تراجع شعبية الحركة.
ورغم هذه التطورات، ما تزال إسرائيل تتردد في إطلاق سراح البرغوثي.
وربما يعود هذا التردد كما تقرأ سي.إن.إن، إلى أن وجود قائد فلسطيني قوي يتمتع بشرعية شعبية واسعة لا يصب في مصلحة حكومة إسرائيل الحالية، خاصة في ظل تداعيات هجوم 7 أكتوبر 2023، التي لا تزال تلقي بظلالها على الداخل الإسرائيلي.
ورغم ذلك ترى الشبكة الأمريكية أن السيناريو الأفضل لفلسطين، والمنطقة، وربما للعالم، هو التوصل إلى حل سياسي يرسم مسارًا نحو سلام دائم، وقد يكون مروان البرغوثي هو القائد الفلسطيني الوحيد القادر على تحويل هذه الرؤية إلى واقع.