37.2 C
تونس
19 أغسطس، 2025
وطنية

تحت مجهر “24/ 24” : المحاسبة خيار وطني: لا صوت يعلو فوق صوت الشعب

استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد يوم الجمعة 15 أوت الجاري بقصر قرطاج رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري. وتناول اللقاء سير عدد من المرافق العمومية إضافة إلى مشروع قانون المالية للسنة القادمة. وقد مثّل الاجتماع مناسبة جديدة شدّد خلالها رئيس الدولة على ثوابت المرحلة الراهنة، مؤكدا أن لا صوت يعلو فوق صوت الشعب، وأن المحاسبة واسترجاع أموال التونسيين تبقى خيارا وطنيا لا تراجع عنه.

سير المرافق العمومية ومشروع قانون المالية

استعرض رئيس الجمهورية قيس سعيّد، خلال استقباله لرئيسة الحكومة، جملة من الملفات الوطنية الهامة التي تتعلق بسير عدد من المرافق العمومية، إلى جانب مشروع قانون المالية للسنة القادمة. وقد كان هذا اللقاء مناسبة شدّد خلالها رئيس الدولة على أن التحديات مهما تعاظمت فإن إصرار الشعب التونسي والدولة على رفعها يظل أكبر وأقوى.

تونس بين التحديات والإصرار الشعبي

وقال رئيس الجمهورية إن تونس تعيش اليوم لحظات فارقة في تاريخها، لحظات يميّز فيها الشعب بين من اصطفّ إلى جانبه ووقف مع مطالبه المشروعة في الشغل والحرية والكرامة الوطنية، وبين من اختار الاصطفاف في الجهة المقابلة، في صفوف من سماهم بفلول الردة ومن تحالف معهم داخليا وخارجيا. وأكد أن هؤلاء، مهما حاولوا التشويش أو تعطيل المسار، فإن قلوبهم شتى، في حين يظل الشعب التونسي متماسك الإرادة موحد الصفوف، ماضيا بثبات نحو بناء دولة جديدة قائمة على السيادة الشعبية والعدل والمحاسبة.

الحقوق الاجتماعية: من الشعارات إلى التجسيد

وأشار رئيس الجمهورية إلى أن كل ما تحقق في الجانب الاجتماعي وما هو بصدد الإنجاز ليس سوى خطوات ضمن مسار أشمل غايته الاستجابة الكاملة لمطالب الشعب التونسي. واعتبر أن الحقوق الأساسية التي طالب بها التونسيون في مختلف المحطات التاريخية وعلى امتداد العقود الماضية، وعلى رأسها الحق في العمل والحرية والكرامة الوطنية، لم تعد اليوم شعارات بل هي مسار فعلي تعمل الدولة على تجسيده رغم العراقيل ومحاولات التعطيل.

قانون المالية أداة سيادية واستجابة للإرادة الشعبية

وفي حديثه عن مشروع قانون المالية للسنة القادمة، شدّد رئيس الجمهورية على أن هذه الأداة ليست مجرد وثيقة تقنية أو مالية، بل هي تجسيد عملي لخيار الدولة السيادي واستجابة للإرادة الشعبية. وأوضح أن التوجهات الاقتصادية والمالية يجب أن تكون في خدمة المواطن قبل أي اعتبار آخر، وأن العدالة الجبائية ومقاومة الفساد واسترجاع أموال الشعب هي أولويات لا مجال للتراجع عنها.

المحاسبة ليست تصفية حسابات بل استحقاق وطني

كما أكد رئيس الدولة أنه لا توجد أي نية لتصفية الحسابات مع أي طرف كان، ولكن في المقابل لا مجال للتراجع عن مبدأ المحاسبة. فالمحاسبة بالنسبة إليه ليست خيارا سياسيا أو تكتيكيا، بل هي استحقاق وطني وأخلاقي. وشدد على أن كل مليم هو من حق الشعب التونسي، وأن الدولة ستعمل على استرجاعه دون تردد، مذكّرا بأن السيادة المالية والاقتصادية لا يمكن أن تتحقق إلا بقطع دابر الفساد وبمنع أي طرف من أن يحل محل الدولة سواء عبر التمويل غير الطوعي أو عبر الانخراط غير الإرادي في مسارات مشبوهة.

إعادة هيكلة الإدارات ومحاسبة المسؤولين المقصرين

كما جدّد رئيس الجمهورية تعليماته بضرورة مضاعفة الجهود لإعادة هيكلة عديد الإدارات التي لم يعد لوجودها أي جدوى عملية، داعيا إلى الجرأة في اتخاذ القرارات وعدم التردد في استبدال كل مسؤول ثبت إخلاله بواجباته أو غابت عنه اللحظة التاريخية التي تعيشها البلاد. وأوضح أن المرحلة تقتضي مسؤولين متجذرين في الوطنية، قادرين على تحمل الأمانة والالتحام بالشعب في معركته من أجل التحرر الوطني.

الشباب رصيد وطني في بناء الدولة الجديدة

وأشار الرئيس قيس سعيّد إلى أن الكثير من الشباب الذين طالت بطالتهم قد تكون تنقصهم الخبرة التقنية، لكنهم يمتلكون رصيدا كبيرا من الوطنية والإرادة، وهو ما يجعلهم مؤهلين للإسهام الفعلي في بناء تونس الجديدة. وشدد على أن إشراك هؤلاء الشباب في مواقع المسؤولية لم يعد خيارا بل أصبح ضرورة حتمية لإضفاء نفس جديد على مؤسسات الدولة وتطهيرها من كل مظاهر التسيب أو الارتباط بمصالح ضيقة.

الشعب يحافظ على سيادة تونس

كما ذكّر رئيس الدولة بأن الشعب التونسي يقدم في كل يوم دروسا تاريخية في إجهاض كل المحاولات اليائسة التي تستهدف استقرار الدولة وسيادتها، وأن هذا الشعب أثبت أنه عصي على كل محاولات التوظيف أو الاستتباع، سواء من الداخل أو الخارج. وأكد أن تونس ماضية في معركتها التحررية بثبات، وأن المستقبل لن يكون إلا بيد الشعب التونسي، بعيدا عن أي إملاءات أو تدخلات.

المرحلة الراهنة لحظة فرز حقيقية بين مشروع وطني ومشاريع مضادة

وختم رئيس الجمهورية بالتأكيد على أن اللحظة التي تعيشها البلاد اليوم ليست عادية، بل هي لحظة فرز حقيقية بين مشروع وطني أصيل يقوم على الاستجابة لمطالب التونسيين في العدالة والمحاسبة والسيادة، وبين مشاريع مضادة تسعى لإعادة إنتاج الماضي بكل ما فيه من إخلالات وفساد. وأوضح أن التاريخ لن يرحم من يضيّع هذه الفرصة التاريخية، وأن تونس لن تقبل أن تعود إلى الوراء مهما كانت الضغوط.

Related posts

الحمامات: إيقاف محكوم ب 18 حُكم يقضي بسجنه 210 سنة

Na Da

المرصد التونسي لحقوق الإنسان: ” تونس بلد عبور وليست أرض لجوء وإعادة توطين”

marwa

458 قتيلا بسبب حوادث الطرقات خلال النصف الأول من 2025

صابر الحرشاني

Leave a Comment