19.3 C
تونس
9 أكتوبر، 2025
أخبار الجهات

واقع قطاع السكر بباجة: مساحاتقليلة ، مصنع مهدد بالتوقف ومنظومة السكر في خطر

يعتبرمصنع السكر بباجة منأقدم المؤسسات الصناعية التونسية المحدثة بعد الاستقلال حيثتم تأسيسه يوم 29 جويلية 1960  ورغم قدم هذه المنشأة إلا أنها تواجه صعوبات عديدة منذ سنة 2005 بسبب ارتفاع سعر مادة قصب السكر بالأسواق العالمية وتواصل الحكومات المتعاقبة الاعتماد على دعم مادة السكر بالأسواق المحلية وهو ما أدى إلى تراجح حجم الإنتاج إضافة إلى تقلص الموارد البشرية.

بداية الأزمة

رغم أنه يعتبر قطاعا استراتيجيا إلا أنّ إنتاج السكّر لم يتم إيلاءه قبل الثورة أهمية قصوى وانطلاقا من سنة 2000 بدأ نشاط مصنع السكر بباجة يتراجع رويدا رويدا ليصل إلى أدنى مستوى له خلال سنة 2005نظرا لارتفاع سعر مادة قصب السكر بالأسواق العالمية وتمسك الدولة بدعم مادة السكر بالأسواق المحلية وسارعت الدولة إلى التدخل للحد من تفاقم عجز المؤسسة وذلك باقتراح مشروع خوصصتها سنة 2009 غير أنه بقي مؤجلا بسبب اندلاع الثورة.

إعادة هيكلة المؤسسة

عاشت الشركة سنة 2011 أزمة مالية خانقة كادت تعصف بوجودها مما فرض خلال سنة 2012 وضع استراتيجية لإعادة هيكلتها وتحويلها إلى قطب صناعي وتنموي عبر الرفع التدريجي لطاقة الانتاج التي لا تتعدى160 الف طن سنويا مقابل حاجيات وطنية تقدر بـ  350 ألف طن بما يمكن من استغناء الدولة عن توريد 200 ألف طن من السكر سنويا كما تم برمجة كلفة استثمار بكلفة 20 مليون دينارلتحديث التجهيزات وتوسعة المصنع لتوفير100 موطن شغل إضافية وإحداث وحدات صناعية جديدةكوحدة لتعليب السكر السائب و”الطوابع” ومصنع للأكياس البلاستيكية وهو ما سيمكن من إحداث ما بين 100و150يد عاملة مختصة من أصحاب الشهائد العليا وخرّيجي مدارس التكوين المهني في الاختصاصات التكنولوجية والفنية . ورغم تحفّز المستثمرين للاستثمار في هذا المشروع  إلاّ أنّ الواقع الاقتصادي الصعب بعد الثورة وارتهان قرار إعادة هيكلة المؤسسة لقرارات سياسية أسقط كل شيء في الماء .

قطب ثلاثي لإنتاج السكر

يعتمد إنتاج السكر في تونس على مشاركة 3 أقطاب رئيسية وهي الديوان التونسي للتجارة ومصنع السكر بباجة ومصنع السكر بن بشير بجندوبة الذي اختص بتكرير اللفت السكري وتبلغ طاقة إنتاجه سنويا ما يقارب 2000 طن في حين عهد إلى مصنع السكر بباجة بتكرير السكر الخام المورد ويبلغ إنتاجه ما بين 150 و160 ألف طن سنويا وهو بذلك يؤمن 50 % من حاجيات السوق الداخلية والصناعيين من السكر الأبيض معبأة داخل أكياس سعتها 50 كغ وفي المقابل يتولىالديوان التونسي للتجارة توريد نصف الحاجيات الوطنية المتبقية عن طريق طلبات العروض الدولية .

تكلفة باهضة وأزمة الشركة تتفاقم

يتوقف نشاط مصنع السكر بباجة حاليا على تكرير السكر الخام المورد وتحويله إلى سكر أبيض ويتولىالديوان التونسي للتجارة الإشراف على عملية توريد السكر الخام ونقله عبر الشاحنات من ميناء بنزرت إلى المصنع وقد تم إسناد منحة تكرير تقدر بـ 200 مي للكيلوغرام الواحد من السكر الخام لفائدة المصنع على أن يتولى ديوان التجارة ترويج الكميات المنتجة بالأسواق الداخلية إلا أن قيمة هذه المنحة ظلت في كثير من الأحيان متأرجحة باعتبار ارتباطها بمدى تقدم عملية تكرير السكر .ونتيجةلتواصل ارتفاع أسعار مادة قصب السكر بالأسواق العالمية فقد شهدت كلفة إنتاج الكغ الواحد من السكر ارتفاعا ليصل إلى قرابة 2000 مي وتدخل الديوان التونسي للتجارة للتكفل بتحمل فارق التكلفة تماشيا مع سياسة الدولة الداعمة لمادة السكرالموجهة إلى الأسواق المحلية وهو ما نتج عنه عجزا ماليا كبيرا في الموازنة المالية للديوان مما انعكس سلبا على بقية الأطراف المتدخلة بمنظومة السكر وكان من نتائجها توقف الشركة التونسية لتوزيع البترول عن تزويد مصنع السكر بباجة بمادة ” الفيول ” لتشغيل وحدات تصنيع السكر بسبب عدم خلاص ديونه البالغة 14 مليون دينار وفي المقابل بلغت ديون مصنع السكر تجاه الديوان التونسي للتجارة خلال سنتي 2020 و 2021 بعنوان منحة التكرير ما يقارب 15 مليون دينار وازدادت الأزمة تفاقما ليتوقف المصنع عن العمل لأكثر من شهر وذلك انطلاقا من يوم 5 أوت الماضي بسبب توقف عملية توريد السكر الخام لتكريره وعدم توفر قطع الغيار للقيامبعملية صيانة الآلات نتيجة غياب السيولة الماليةلخلاص المزودين.

عودة تدريجية

بعد أن تم توفير السيولة المالية لشراء قطع الغيار اللازمة لصيانة الآلات والقيام بالتجارب الأولى وإعادة تشغيلها وتزامنا مع وصول أول شحنة للسكر الخام تقدر بـ 30 ألف طن استأنف مصنع السكر بباجة نشاطه من يوم 7 أكتوبر الماضي وانطلق في تكرير الكميات الأولى الموردة وتحويلها إلى سكر أبيض وذلك بطاقة إنتاج تقدر بـ 650 طن يوميا ويبقى الأمر رهين تواصل توريد كميات إضافية أخرى من السكر الخام لتجاوز النقص الحاد من هذه المادة بالأسواق المحلية .

تعثر برنامج إحياء اللفت السكري

في ظل تواصل الاعتماد المطلقعلى توريد قصب السكر لتكريره ونظرا إلى ارتفاع أسعاره بالأسواق العالمية من سنة إلى أخرى بدأ التفكير في إعادة إحياء زراعة اللفت السكري التي شهدت مقاطعة من قبل الفلاحين منذ سنة 1999 بسبب تواضع المرابيحوقد تم وضع برنامج استثماري لإعادة  إحياء هذه التجربة حيث تم برمجة زراعة 250 هكتار من اللّفت السكري بولاية باجة وقرابة 1200 هكتار بولاية جندوبة إلا أن هذه المساحات تبقى محدودة جدا بسبب ارتفاع كلفة الإنتاج وشح المياه وعدم مواكبة التطور على المستوى الفني والتكنولوجي والذي يساعد في تحسين مردود الهكتار الواحد الذي يبلغ 62 طنوتأخر القيام إصلاحات تستهدف معدات وتجهيزات تكرير اللفت السكري بمصنع بن بشير بجندوبة .

تمويلات بقيمة 5 مليون دينار

لتطوير زراعة اللفت السكري وفي إطار معاضدة الجهود في مجال إنتاج المواد الفلاحية الأساسية وعلى غرار ما تم إقراره في قطاع الحبوب بالنسبة لصغار الفلاحين خصص البنك التونسي للتضامن اعتمادا بقيمة 5 مليون دينار لتمويل الفلاحين المهتمين بزراعة اللفت السكري بولايات باجة وجندوبة وبنزرت حيث تم تمويل دفعة أولى لقرابة 250 فلاحا الذين أمضوا عقود إنتاج مع الشركة العامة للصناعات بالشمال “جينور” قصد تمكينهم من قروض تكميلية من قبل البنك التونسي للتضامن الذي تعهّد بإسناد قروض استثمار لأصحاب المستغلات الفلاحية بمناطق إنتاج اللفت السكري توجه أساسا لاقتناء تجهيزات الميكنة الفلاحية ومعدّات الري لتحسين مردودية هذه المستغلات وستمكن هذه الحوافز والتشجيعات من توسعة المساحات المبذورةمن اللفت السكري بالولايات الثلاثة مما سيمكن من توفير 50 %المتبقية من حاجيات السوق الداخلية والصناعيين من السكر الأبيض والقطع نهائيا مع توريد السكر الخام ووقف نزيف العملة الصعبة .

Related posts

ارتفاع كميات “السميد” و”الفارينة” المحجوزة خلال مداهمة مستودع عشوائي بولاية منوبة (صور)

root

وفاة شاب أضرم النار في جسده بالقيروان

Na Da

المنستير: إحباط عملية هجرة غير نظامية

رمزي أفضال

Leave a Comment