27 أغسطس، 2025
عالمية

رحلات الطيران تواجه مزيدا من المطبات الجوية بسبب التغيّر المناخي


تشكّل الاضطرابات الجوية التي تُعكّر صفوَ رحلات الطيران مصدر خوف وانزعاج لكثر من المسافرين، ويَتوقع الخبراء أن يؤدي الاحترار الناجم عن التغيّر المناخي إلى زيادة تواترها.

وتمثّل المطبات الهوائية التي تواجهها الطائرات السبب الرئيسي للحوادث المسجّلة بسبب الطقس خلال الرحلات الجوية، وفق البيانات الرسمية، مع أن عدد هذه الحوادث لا يزال منخفضا نسبيا. فبين عامي 2009 و2024، أُصيب 207 أشخاص أثناء رحلات جوية مضطربة.

وأصيب مثلا 40 راكبا عام 2024 في رحلة تابعة لشركة “يوروبا” للطيران (Air Europa) بفعل اضطرابات جوية، وتوفي راكب كبير السنّ في رحلة تابعة للخطوط الجوية السنغافورية.

وأوضح أستاذ الميكانيكا في جامعة سانت توماس جون أبراهام أن “المصابين يكونون عادة من الركاب  الذين لم يضعوا أحزمة الأمان أو من أفراد طاقم الطائرة”، شارحا أن “الطائرات الحديثة مقاومة للاضطرابات الجوية، لذا فإن الخطر الرئيسي يكمن في إصابة الركاب، وليس في سقوط الطائرة”.

إلاّ أن الطائرات يجب أن تخضع للفحص بعد تعرضها لاضطرابات جوية “شديدة” التي يُسجَّل حدوثها نحو خمسة آلاف مرة كل سنة فوق الولايات المتحدة مثلا، وفقا لروبرت شارمان من المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي.

وأشار محمد فؤاد من جامعة ريدينغ إلى ثلاثة أنواع من الاضطرابات هي المطبات الحرارية والاضطرابات الميكانيكية ومطبات الهواء الصافي.

ترتبط المطبات الحرارية بالتيارات الصادرة عن السحب والعواصف الرعدية، والتي يمكن رصدها بصريا أو بالرادار، بينما تحصل الاضطرابات الميكانيكية فوق السلاسل الجبلية. أما اضطرابات الهواء الصافي فلا تكون ظاهرة، وهي بالتالي أكثر خطورة.

وتنشأ هذه الاضطرابات غالبا من الرياح الغربية السريعة الموجودة في الغلاف الجوي العلوي، على ارتفاع الطائرات التجارية نفسه (10 إلى 12 كيلومترا).

ويؤدي الاحترار المناخي إلى زيادة سرعة هذه الرياح الغربية وامتدادها، ما يُنتِج تغيرات مفاجئة في التيارات الهوائية العمودية – ما يُسمى بالجيوب الهوائية. ويؤدي كل هذا إلى نشوء مطبات الهواء الصافي.

وفي العام الفائت، نشر محمد فؤاد وزملاؤه بحثا في مجلة “جيوفيزيكل ريسيرتش” حللوا فيه بيانات الاضطرابات الجوية من عام 1980 إلى عام 2021.

وقال “نلاحظ زيادة واضحة في وتيرة المطبات الهوائية في مناطق عدة، من بينها شمال الأطلسي، وأميركا الشمالية، وشرق آسيا، والشرق الأوسط، وشمال إفريقيا”، بزيادات تتراوح بين 60 في المئة و155 في المئة.

وأرجع تحليل معمق آخر هذه الزيادة في بعض المناطق إلى ارتفاع انبعاثات الغازات المسببة للاحترار.

مزيد من العواصف الرعدية

لطالما كان الشتاء أسوأ موسم للاضطرابات الجوية، لكن الاحترار المناخي بات يُفاقم مطبات الهواء الصافي في الصيف والخريف، مما يضيّق هذه الفجوة.

وليست الرياح الغربية وحدها المتأثرة بالتغير المناخي الذي يُسهم في تفاقم العواصف الرعدية.

وقال روبرت شارمان “قد يُفاقم التغير المناخي أيضا تواتر وشدة العواصف الرعدية في السيناريوهات المستقبلية، وتُعدّ الاضطرابات الجوية التي تُصادف بالقرب من العواصف الرعدية عاملا رئيسيا في الحوادث المرتبطة بالاضطرابات”.

أما محمد فؤاد فيعمل على تحسين مسارات الرحلات الجوية لتجنب مناطق الاضطرابات الجوية وعلى تحسين دقة التنبؤات الجوية.

وتتجه بعض شركات الطيران نحو استراتيجيات تتضمن زيادة استخدام أحزمة الأمان، على سبيل المثال، من خلال إيقاف خدمة المقصورة مبكرا.

ويجري أيضا اختبار تقنيات واعدة، وفقا لشارمان، من بينها الرادار الذي يُصدر أشعة ليزر في الغلاف الجوي لرصد التغيرات الطفيفة في كثافة الهواء وسرعة الرياح.

كما يُعدّ خفض انبعاثات غازات الدفيئة أمرا بالغ الأهمية.

ويُعدّ الطيران مسؤولًا عن نحو 3,5 في المئة من الاحترار المناخي الناجم عن أنشطة الإنسان. وتستكشف شركات الطيران أنواعا أنظف من الوقود، لكن التقدم المُحرز كان “مخيبا للآمال”، وفقا للاتحاد الدولي للنقل الجوي.

Related posts

خلال ليلة واحدة.. روسيا تسقط 121 طائرة مسيّرة أوكرانية

محمد بن محمود

الرئيس الأرجنتيني الجديد : إنتهى عهد الإنحطاط

Walid Walid

نتنياهو يحذر نصر الله: ‘أي خطأ.. سيكلفك ثمنا لا يمكنك حتى تخيله’

محمد بن محمود

Leave a Comment