في مشهدٍ يبعث على الأمل وسط واقع صحي كثيرًا ما طغت عليه الشكوى، تسلّمت جهة زغوان يوم الجمعة المنقضي دفعة جديدة من التجهيزات الطبية والخدماتية، تمثّلت في خمس سيارات خدمة لتسهيل تنقّل الأطباء والأعوان نحو المناطق النائية، وحافلة مخصصة لنقل مرضى الكلى إلى المستشفى الجهوي. هذه الخطوة، التي أعلنت عنها وزارة الصحة، ليست مجرد دعم لوجستي، بل هي إعلان ضمني بأن الصحة لم تعد حكرًا على المركز، بل حقٌ يجب أن يصل إلى الأطراف.
و في المناطق الريفية والنائية، حيث يصبح الوصول إلى الطبيب رحلةً محفوفة بالمشقة، تأتي هذه السيارات لتكسر حاجز المسافة، وتعيد تعريف العلاقة بين المواطن والخدمة الصحية. لم يعد الطبيب ينتظر المريض، بل أصبح هو من يسعى إليه، حاملًا معه أدوات العلاج والطمأنينة.
مرضى القصور الكلوي يعيشون بين جلسات التصفية والانتظار، وغالبًا ما تكون رحلة الوصول إلى المستشفى عبئًا إضافيًا على أجسادهم المنهكة. الحافلة الجديدة ليست فقط وسيلة نقل، بل هي اعتراف بحقهم في التنقّل الآمن والمريح، وفي تلقي العلاج دون إذلال أو تعب.
مع كرسي خاص بذوي الإعاقة في المستشفى الجهوي بزغوان خطوة نحو طب لا يُقصي أحدًا، ويأخذ بعين الاعتبار خصوصية كل مريض، معدات تصوير بالأشعة للأسنان في مستشفيي الفحص والناظور: تعزيز للبنية التحتية التشخيصية، وفتح آفاق جديدة أمام دقة العلاج ، كرسي أسنان جديد في مستشفى صواف: تجديد يرمز إلى رغبة في التحديث، لا مجرد ترميم.
و في تصريحها، أكدت الوزارة أن هذه التجهيزات تهدف إلى تحسين ظروف العلاج وظروف العمل اليومي للطاقم الصحي، وتعزيز جودة الحياة الصحية في الجهة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل هذه الخطوة بداية لمسار إصلاحي شامل؟ أم أنها مجرد ومضة في ظلام التفاوت الجهوي؟
بين الإنجاز والانتظار
ما حدث اليوم في زغوان يستحق الإشادة، لكنه لا يُغني عن ضرورة المتابعة والتقييم. فالتجهيزات وحدها لا تصنع منظومة صحية متكاملة، بل تحتاج إلى إرادة منظمة وتخطيط استراتيجي، وتكوين مستمر للطاقم الطبي، وتفاعل مجتمعي يراقب ويطالب ويقترح.
زغوان اليوم ليست فقط جهة استلمت تجهيزات، بل هي رمز لجهات كثيرة تنتظر أن تُعامل بالعدل الصحي. وما بين كرسي أسنان جديد، وحافلة تنقل مرضى الكلى، وسيارات تخترق العزلة، هناك قصة تُكتب عن حق المواطن في العلاج، وعن دولة تسعى الى أن تُصغي أكثر.
د
