قدّم الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي قراءة أولية لمشروع قانون المالية لسنة 2026، معتبراً أنّ النسخة المتداولة إعلامياً تكشف عن تشتّت في الرؤية الاقتصادية وغياب التنسيق بين وزارتي المالية والاقتصاد والتخطيط، رغم أنّ السنة المقبلة تمثّل بداية تنفيذ المخطط الاقتصادي والاجتماعي الجديد 2026-2030.
وأوضح الشكندالي أنّ المعطيات المالية التي أُدرجت بالمشروع تفتقر إلى الشفافية، إذ لم تُنشر بعدُ نتائج تنفيذ ميزانية الدولة إلى موفى سبتمبر 2025، وهو ما يجعل من الصعب على النواب مناقشة أهداف القانون وسياساته.
وبيّن أنّ الأهداف الاقتصادية والاجتماعية المضمّنة في المشروع «في سقف عالٍ جداً»، في حين أنّ السياسات المقترحة ضعيفة ولا تُمكّن من تحقيقها، معتبراً أنّ القانون لم ينجح في ترجمة شعارات السيادة الوطنية والاعتماد على الذات على أرض الواقع.
وأشار الشكندالي إلى أنّ الدور الاجتماعي للدولة في مشروع قانون المالية اقتصر على ثلاثة محاور فقط:
الانتدابات في الوظيفة العمومية لفائدة أصحاب الشهائد العليا والنواب العرضيين.
الترفيع في الأجور بين 2026 و2028 دون مفاوضات اجتماعية فعلية.
دعم أنظمة الضمان الاجتماعي عبر إتاوات جديدة على التسجيل العقاري وفواتير المساحات الكبرى وشحن الهواتف.
واعتبر أنّ هذه الإجراءات لا تعالج فعلياً العجز الهيكلي في الصناديق الاجتماعية، الذي تتحمّل الدولة جزءاً كبيراً من مسؤوليته بسبب تخلّفها عن خلاص ديونها تجاه هذه المؤسسات، على غرار الشركة التونسية للكهرباء والغاز والخطوط التونسية.
كما انتقد الشكندالي غياب سياسات حقيقية لدفع النمو الاقتصادي، مشيراً إلى أنّ التركيز على الامتيازات الموجهة للشركات الأهلية وبعض خطوط التمويل المحدودة للشركات الصغرى والمتوسطة «لن ينعش الاقتصاد»، خاصة مع لجوء الدولة إلى قرض مباشر بقيمة 11 مليار دينار لتمويل عجز الميزانية، ما قد يؤدي إلى تعميق أزمة السيولة وتقليص فرص تمويل القطاع الخاص.
وختم الشكندالي بالقول إنّ هذا التمشي يحوّل وجهة الموارد المالية من الاستثمار الخاص إلى نفقات الدولة، مؤكداً أنّ الرهان على الشركات الأهلية كبديل كامل للقطاع الخاص «مغامرة قد تُكبّل النمو وتضر بمصالح المجموعة الوطنية».
