صابر الحرشاني
كشف مشروع الميزان الاقتصادي الذي احيل الى مجلس نواب الشعب النقاب على عدد من البرامج و المشاريع التي تنوي الحكومة القيام بها خلال السنة المقبلة.
وقد ورد مشروع الميزان الاقتصادي الذي تحصلت ”24/24” على نسخة منه في أكثر من 260 صفحة، وهو وثيقة مهمة لفهم التوجهات العامة و السياسات العمومية الى جانب الوضع الاقتصادي و منوال النمو.
وتوزع المشروع على 3 جزاء رئيسية وهي التوازنات العامة، والخيارات الوطنية، و دعائم التنمية الاقتصادية و الاجتماعية.
و الميزان الاقتصادي هو وثيقة رسمية تعدّها وزارة الاقتصاد والتخطيط في تونس سنويا، وتُعتبر أداة تحليل وتخطيط تستند إليها الحكومة لتقدير أداء الاقتصاد الوطني خلال السنة المنقضية وتوقّع نتائجه للسنة المقبلة. يحتوي الميزان الاقتصادي على جملة من المؤشرات الأساسية مثل نسبة النمو، معدل التضخم، حجم الاستثمارات، تطور الصادرات والواردات، مستوى التشغيل والبطالة، إضافة إلى توازنات الميزانية والتمويلات الخارجية. وتكمن أهميته في كونه مرجعًا لتقييم السياسات الاقتصادية وتوجيه القرارات الحكومية ومشاريع القوانين المالية. كما أن الاطلاع عليه يساعد على فهم الوضع الاقتصادي العام للبلاد، وتوجهات الدولة في التنمية والاستثمار، ومدى واقعية الأهداف المعلنة في الميزانية وقانون المالية.
و تتم المصادقة على مشروع الميزانية الاقتصادي برمته بمعية ميزانيات المهمات و ذلك قبل الانتقال الى المصادقة على فصول مشروع قانون المالية.
و يُعدّ كلّ من الميزان الاقتصادي وقانون المالية الأدوات التي تعتمدها الدولة في تسيير شؤونها الاقتصادية، لكن لكلّ واحد منهما طبيعة مختلفة ووظيفة محددة. فالميزان الاقتصادي هو وثيقة تخطيطية وتشخيصية تُعدّها وزارة الاقتصاد والتخطيط، تُقدّر من خلالها الوضع العام للاقتصاد الوطني وتستشرف اتجاهاته المستقبلية من حيث النمو، الاستثمار، الإنتاج، والتشغيل، وهو بمثابة خارطة طريق ترسم ملامح السنة الاقتصادية القادمة.
أمّا قانون المالية، فهو وثيقة تشريعية تُعدّها وزارة المالية وتُعرض على البرلمان للمصادقة، وتحدّد فيها الدولة إيراداتها ونفقاتها للسنة القادمة، أي كيف ستُموّل المشاريع وكيف ستنفق الموارد. وباختصار، الميزان الاقتصادي يقدّم الرؤية العامة للاقتصاد، بينما قانون المالية يترجم تلك الرؤية إلى إجراءات مالية وتنفيذية ملموسة.
النتائج المنتظرة موفى 2025
و ينطلق مشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2026 من تحديد مؤشرات التوازنات العامة في علاقة بالوضع الاقتصادي، ومنوال النمو، و السياسة المالية و تمويل الاقتصاد، و الجهاز النقدي و المالي.
و استنادا الى نتائج الفترة المنقضية و افاق تطور قطاعات الانتاج تم تحديد منوال النمو في موفى السنة الحالية في سياق تحقيق نسبة نمو في حدود 2.6 بالمائة مقابل 3.2 بالمائة مقدرة اوليا و 1.5 بالمائة سنة 2024، و الترفيع في نسبة الاستثمار لتبلغ 15.5 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي، و التحكم في العجز الجاري في حدود 3.3 بالمائة من الناتج المحلي اضافة الى التحكم في معدل التضخم في حدود 5.3 بالمائة.
و بناء على ذلك فإن الرهان الذي يضعه مشروع الميزان الاقتصادي يتعلق اساسا بدعم قدرة الاقتصاد على الصمود امام الصدمات و تسريع نسق الاصلاحات الداعمة للنمو فضلا عن تعزيز تناسق و تكامل السياسات الاقتصادية و الاجتماعية و تطوير اليات استباقية ومرنة للتعاطي مع الازمات بما يضمن استدامة الاستقرار الاقتصادي و الاجتماعي.
وضمن هذه الوثيقى تقر وزارة الاقتصاد ىو التخطيط ان سنة 2026 تعد مرحلة محورية في تجسيد الخيارات الوطنية و التي ترمي الى توفير مقومات العيش الكريم و تحقيق العدالة و الانصاف و فتح افاق ارحب لكل الفئات و دعم الشركات الاهلية الى جانب احكام توظيف الامكانيات و الطاقات المتاحة و تعزيز التنمية المجالية الشاملة.
تطلع الى نمو بنسبة 3.3 بالمائة
و تضع الحكومة هدفا لتحقيق 3.3 بالمائة في نسبة النمو للناتج المحلي الاجمالي بالاسعار القارة و تم ضبط هذه التقديرات على العديد من الاسس، من بينها تطور القيمة المضافة للقطاع الفلاحي بنسبة 2.9 بالمائة على اساس المحافظة تقريبا على مستويات انتاج سنة 2025 نفسها من الحبوب و زيت الزيتون المقدرة على التوالي بـ18 مليون قنطار و 1.7 مليون طن و تطور انتاج التمور و تحسن منظومة الاعلاف.
و تستند هذه التقديرات ايضا الى الاجراءات و السياسية المبرمجة على غرار مواصلة دعم قدرات الانتاج و الحد من تأثير التحديات المناخية و تحسين ادارة الموارد المائية بالاضافة الى مزيد العناية بمنظومات الحبوب و اللحوم و الالبان و افرادها بسياسة دعم خاصة لتحسين المردودية و تغطية الحاجيات الداخلية للتوقي من مخاطر الاسواق العالمية.
ومن المؤشرات الاخرى التي تم الارتكاز عليها في التقديرات المتعلقة بتحقيق نسبة النمو المذكورة، تواصل تعافي القطاع الصناعي و التطور الملحوظ للقيمة المضافة بنسبة 4.8 بالمائة بعلاقة مع تحسن الانتاج في جل الانسطة الصناعية حيث ينتظر ان تشهد السنة المقبلة تواصل الاداء الجيد لقطاع الصناعات الميكانيكية و الكهربائية فضلا عن تعافي قطاع النسيج.
و ينتظر ان يتطور الانتاج الوطني من الفسفاط ليبلغ 5.5 مليون طن بما من شأنه ان يدعم في سنة 2026 القيمة المضافة لقطاع المناجم وسط توقعات بان يتواصل ايضا المنحى الايجابي لتطور قطاع البناء و الاشغال العامة لا سيما في ظل تسريع انجاز المشاريع بما فيها المشاريع المعطلة التي يمكن ان تساهم في تطور القيمة المضافة بدورها.
و يفصل الجزء الثاني من مشروع الميزان الاقتصادي الخيارات الوطنية و يبوبها في 5 ابواب كبرى، و هي التشغيل و النهوض بالشركات الاهلية و الادماج الاجتماعي، و تنمية رأس المال البشري، و دعم الاستثمار و تحسين تنافسية القطاعات الاقتصادية، و دفع التنمية الجهوية، و تكريس شمولية التنمية بابعادها الاقتصادية و الاجتماعية و البيئية.
برامج اجتماعية
و بخصوص محور التشغيل و النهوض بالشركات الاهلية و الادماج الاجتماعي، يتطرق التقرير الى اهم البرامج و المشاريع المتعلقة بالتشغيل و خلق فرص العمل اللائق ، و بالنهوض بالشركات الاهلية، و بالتغطية الاجتماعية الشاملة، ومزيد تطوير دور المرأة اقتصاديا و اجتماعيا و النهوض بالاسرة و الاحاطة بكبار السن.
ومن بين البرامج و المشاريع التي تنوي الحكومة تنفيذها في هذا المجال المصادقة على الاستراتيجية الوطنية للتشغيل و الانطلاق في اعداد النخططات الجهوية للتشغيل بكل من ولايات قفصة و القصرين و سيدي بوزيد و الكاف و سليانة و جندوبة و ارساء و تفعيل منصة الشركات الاهلية قصد تطوير الاجراءات الادارية المتعلقة باحداث الشركات الاهلية و رقمنتها، و مواصلة اعتماد الية تكفل الصندوق الوطني للتشغيل بمصاريف التكوين او التاهيل لتلبية مواطن شغل مشخصة للمؤسسات و الانشطة الاقتصادية لفائدة المنتدبين الجدد و الانطلاق في تفعيل برنامج تشجيع انتداب حاملي شهادات الدكتوراه في القطاع الخاص.
كما تنوي الحكومة في هذا المجال اعتماد مشروع قانون التوظيف بالخارج و اصداره و النصوص الترتيبية الخاصة به و دعم المسالك النظامية لهجرة العمل و ارساء شراكة مع بلدان القبول و جعلها عنصرا قارا في المفاوضات الثنائية و متعددة الاطراف بين تونس و مختلف البلدان بغاية تيسير التنقل و فتح ابواب الهجرة المنظمة لليد العاملة.
ومن البرامج الاخرى النهوض بالاشخاص ذوي الاعاقة من خلال استكمال تطوير التشريع بما يتلائم مع الاتفاقيات الدولية و التوسع التدريجي في بعث مؤسسات ايواء تعنى بالاشخاص ذوي الاعاقة، و تعزيز القدرة الشرائية للمواطن من خلال الترفيع في اجور العمال و الانطلاق في تقديم خدمات صندوق التأمين على فقدان مواطن الشغل و الاحاطة الاجتماعية بالعمال المسرحين لاسباب اقتصادية و حمايتهم.
و تنوي الحكومة ايضا المصادقة على الاستراتيجية الوطنية للنهوض بريادة الاعمال النسائية في افق 2032 و تطوير الاطار التشريعي في مجال الاسرة من خلال المصادقة على مشروع قانون يتعلق بنظام النفقة و جراية الطلاق و المصادقة على مشروع قانون يتعلق بوضع نظام خاص بالتوفيق الاسري.
اما بخصوص تنمية رأس المال البشري يتعرض التقرير الى البرامج و الخطط في السنة المقبلة في 7 محاور اساسية وهي المنظومة التربوية و التعليمية و التكوينية، و البحث العلمي المتميز في خدمة الاقتصاد و التنمية، و الخدمات الصحية الشاملة، ورعاية الطفولة و حمايتها، و الشباب، و النهوض بالرياضة الى جانب تطوير المنظومة الثقافية و دعم اشعاعها وطنيا و دوليا.
النهوض بجودة التربية
ومن المرتقب وفق مشروع الميزان الاقتصادي مواصلة الجهود للنهوض بجودة المنظومة التربوية و التعليمية و التكوينية في اطار الحرص على تجسيد مبادئ العدالة و الانصاف و بناء مجتمع معرفي و متطور و ستشمل الاصلاحات بالخصوص استكمال ارساء المجلس الاعلى للتربية و التعليم من خلال اعداد و نشر النظام الداخلي للمجلس و تهيئة مقره مراجعة كراس الشروط المتعلقة بتنظيم المؤسسات الخاصة للتعليم العالي الى جانب اعداد تصور جديد لمنظومة التكوين المهني و التقني يعتمد على تحقيق التكامل بين مساري التعليم التقني و التكوين المهني بما يفضي الى خلق شهادة عليا للتكوين.
و بهدف بلوغ بحث علمي متميز في خدمة الاقتصاد و التنمية سيتم تمويل 15 مشروع في اطار برنامج التشجيع على التمييز العلمي و دعم برامج و مشاريع تشاركية على غرار البحث في مجالات العلوم الانسانية و الاجتماعية و البيئية و الشح المائي و التنمية العادلة و الشاملة الى جانب اطلاق برامج بحث موجهة نحو تاهيل القطاعات التقليدية ذات الامكانيات غير المستغلة.
و على المستوى الصحي تخطط الحكومة الى تجسيم التوجهات الرامية الى تطوير الخدمات الصحية و تقريبها الى المواطن من خلال تعزيز البنية التحتية و الرقمنة الشاملة للخدمات الصحية مع دعم دور القطاع الخاص في التكوين شبه الطبي الى جانب تطوير المنظومة الدوائية الوطنية و تطوير قدرتها التنافسية و توجيهها نحو التصدرير.
و بين البرامج و المشاريع المبرمجة في هذا الاطار تعزيز البنية الصحية و تقليص التفاوت الجهوي ، و تحديث التجهيزات الطبية و دعم التكنولوجيا الصحية و تعزيز حوكمة المنظومة الدوائية و تطوير التصنيع المحلي عبر مراجعة الاطار القانون المنظم للصيدلية المركزيو و تسوية مستحاقتها المالية الى جانب تحديث قائمة الادوية الاساسية بناء على التوصيات و البروتوكولات العلاجية المتعتمدة و اعتماد صيغة تسجيل رقمية حديثة.
و تتجه الخيارات بخصوص الشباب نحو مواصلة تأكيد مشاركة الشباب في الشأن العام و تطوير منظومة التنشيط التربوي و الاجتماعي و تأهيل البنية الاساسية الشبابية و تعصير تجهيزاتها الى جانب رصد مشاغلة و تطلعاته مع مراعاة تساوي الفرص بين الجنسين و ايلاء الاهتمام اللازم بالفئات الهشة و الشباب بالوسط الريفي و الشباب من ذوي الاعاقة و على مستوى الرياضة سيتم اصدار القانون الاساسي المتعلق بالهياكل الرياضية و القانون المتعلق بمكافحة اعمال العنف و الشغب في المجال الرياضي و قانون جديد لتنظيم العاب الحظ و الرهان الرياضي و الانطلاق في تركيز منظومة لبيع التذاكر الالكترونية و مراجعة كراسات شروط القاعات الخاصة للرياضة و مراكز التربصات و تكوين الرياضيين بهدف خلق فرص التشغيل و الحد من البطالة خاصة في صفوف اصحاب الشهائد العليا في الاختصاصات الرياضية.
و على المستوى الثقافي ثمة ذكر لعدد من المشاريع و البرامج الثقافية من بينها مراجعة مجلة حماية التراث و تحيين القوانين ذات الصلة لتستوعب التراث المادي و غير المادي و اطلاق حملة رقمية لتوثيق 500 موقع اثري و ارساء نظام انذار مبكر لحماية المواقع و المتاحف و تكوين مختصين في الترميم و احداث سلك لانفاذ التشريعات.
ويتضن الخيار المتعلق بدعم الاستثمار و تحسين تنافسية القطاعات الاقتصادية مشاريع و برامج جديدة تم تبويبها ضمن 3 اهداف رئيسية وهي، دفع الاستثمار الخاص و تحسين مناخ الاعمال و النهوض بالمؤسسات الصغرى و المتوسطة، و تعزيز فاعلية و اداء الادارة و تحسين هيكلة المؤسسات العمومية، و تطوير القطاعات الاقتصادية و تعصير البينة الاساسية.
دفع الاستثمار
يعتبر الاستثمار ركيزة اساسية لبناء اقتصاد وطني و قوي و ذلك من خلال احداث المشاريع الخاصة بما يدعم خلق الثروة و توفير فرص الشغل و تعزيز الابتكار و التجديد و الارتقاء بالقدرة التنافسية للمنتجات و الخدمات الوطنية اضافة الى مساهمته في خلق ديناميكية تنموية شاملة.
و سيتم خلال السنة المقبلة الاشتغال على عدد من البرامج من بينها استكمال مراجعة المنظومة التشريعية و المؤسساتية للاستثمار و ذلك بهدف معالجتها و ملائمتها مع الاولويات الوطنية في مسعى الى بناء اطار استثماري يضمن التوازن بين ضرورة جذب الاستثمار و حماية المصالح الوطنية مع تدعيم الشفافية و الحوكمة الفعالة مما يعزز مكانتها على الساحة الدولية كبيئة استثمارية جاذبة و مستقرة.
كما تم ضبط 4 محاور استراتيجية كبرى ستكون الركائز الاساسية للاصلاحات في مجال مناخ الاعمال في سنة 2026 وهي اصلاح منظومة الخدمات اللوجستية و التجارة عبر الحدود، و التحول الرقمي لمنومة الاستثمار، و النفاذ الى التمويل و تنويع مصادره اضافة الى تطوير العرض العقاري للاستثمار.
وسيتم خلال العام المقبل ايضا تفعيل الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمؤسسات الصغرة و المتوسطة عبر اطلاق حزمة متكاملة من المبادرات و البرامج و الاصلاحات الموجهة لدعم هذا النسيج الاقتصادي الحيوي، و تشمل هذه الجهود تعزيز الاطار القانوني و المؤسساتي و توسيع اليات التمويل و الضمانات و تطوير خدمات الاحاطة و المرافقة و تحسين النفاذ الى الاسواق الداخلية و الخارجية و دعم تدويل المؤسسات و تشجيع الابتكار و التحول الرقمي و البيئي بما يساهم في تحسين مناخ الاعمال و رفع تنافسية المؤسسات الصغرى و المتوسطة على المستويين الوطني و الدولي.
و ضمن محور الاستثمار سيتم تركيز الجهود ايضا على تسريع انجاز المشاريع الكبرى الخاصة باعتبارها محركا اساسيا للنمو الاقتصادي و دعامة لخلق الثروة حيث سيتم تكثيف التنسيق مع شركة مشروع المدن الرياضية العالمية بوخاطر لانجاز الدراسات الفنية النهائية للبنية التحتية و الموافقة النهائية عليها كما سيتم خلال سنة 2026 مواصلة التنسيق بين المتداخلين بخصوص مشروع ربط المرفأ المالي بالشبكات و المرافق الخارجية.
و سيتم ايضا ارساء مقاربة لاستقطاب الاستثمارات الاجنبية المباشرة تهدف الى مضاعفة قيمة الاستثمارات الاجنبية المباشرة لتبلغ 4 مليارات دينار و دفع القطاعات ذات القيمة المضافة العالية و استقطاب مؤسسات صناعية بهدف رفع نسبة الادماج الاقتصادي و تعزيز ادوات الاتصال المباشر بالمستثمرين .
هيكلة المؤسسات العمومية
ويعلن مشروع الميزان الاقتصادي تعزيز فاعلية و اداء الادارة و تحسين هيكلة المؤسسات العمومية في اتجاه تطوير الخدمات المسداة و تعزيز تنافسية المؤسسات العمومية من خلال تعميق مبادئ التسيير الناجع و ارساء الشفافية و النزاهة و محاربة الفساد التي تعتبر شرطا اساسيا لدفع مسيرة التنمية.
ومن المنتظر ان تتم في سنة 2026 تسوية وضعيات التشغيل الهش بالوظيفة العمومية و تشمل الدفعة الثانية من الاساتذة النواب و الدفعة الاخيرة من عملة الحضائر و المتعاقدين و العرضيين.
و بخصوص هيكلة المؤسسات العمومية سيتم تدعيم اليات مقاومة الفساد بالمؤسسات و المنشآت العمومية و مواصلة العمل على تنفيذ برنامج اصلاح المؤسسات و المنشآت العمومية، ومواصلة النظر في برنامج اصلاح المؤسسات و المنشأت العمومية عن طريق الاندماج او الحذف و ذلك في اطار تطبيق سياسة الدولة المتمثلة في ارساء هيكلة ادارية ناجعة و ترشيد النسيج المؤسساتي للدولة و الحد من خلق مؤسسات محدودة الصلاحيات دون ان يكون لها دور فاعل في خدمة الصالح العام.
كما سيتم العمل خلال سنة 2026 على تركيز قاعدة بيانات لمتابعة اداء المؤسسات و المنشآت العمومية باقتناء منظومة معلوماتية لتركيز قاعدة بيانات تتماشى مع حاجيات الهياكل المكلفة بالمتابعة و الاشراف على المؤسسات و المنشآت العمومية بكلفة 676 الف دينار اضافة الى اعداد دراسات لاعادة هيكلة عدد من المؤسسات و المنشآت العمومية و اعداد ادلة اجراءات تتعلق بتطوير التصرف في المنشآت و المؤسسات العمومية و حوكمتها.
تطوير القطاعات الاقتصادية
وضمن الباب الثالث ايضا يتضمن مشروع الميزان الاقتصادي عرض لابرز المشاريع و البرامج المتعلقة بتطوير القطاعات الاقتصادية و تعصير البنية الاساسية و تحديدا في مجالات الصناعات المعملية و الطاقة و المناجم و السياحة و الصناعات التقليدية و التجارة و تكنولوجيات الاتصال و النقل و الخدمات اللوجستية و البنية الاساسية للطرقات و السكن و التهيئة العمرانية و المسائل العقارية.
ومن بين هذه البرامج و المشاريع المتعلقة بالصناعات المعملية تعتمد الاهداف المرسومة للسنة المقبلة على التجديد و التطوير و التأهيل للارتقاء بمستوى انتاجية و تنافسية القطاع حتى يضظطلع بدورة في مجال التشغيل و التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و تطوير سلاسل الانتاج و توطين الصناعات التحويلية بمناطق وجهات الانتاج.
و في قطاع المناجم سيتم التركيز على دعم الاستثمار في انتاج المشتقات الفسفاطية ذات القيمة المضافة العالية خاصة الحمض الفسفوري العادي و المنقي و ثلاثي و احادي الفسفاط و ثاني و احادي فسفاط الامونيا و ذلك تماشيا مع الطلب العالمي و تغطية حاجيات السوق الوطنية سيما في القطاع الفلاحي.
ومن المنتظر أن تشهد سنة 2026 مختلف الاصلاحات الرامية الى النهوض بقطاع السياحة و الصناعات التقليدية و التي سيتم تضمينها بمخطط التنمية و تنفيذ برامج اخرى من بينها دعم صورة الوجهة السياحية التونسية بالداخل و الخارج باستثمارات جملية تقدر بـ38 مليون دينار و انجاز دراسة حول تشخيص الوضع الحالي للموانئ البحرية و سبل تطويرها ، فيما تندرج اولويات قطاع التجارة في تنمية الصادرات و تعميق الاندماج الاقتصادي و التجاري، و احكام التصرف في الواردات و انفاذ اليات الدفاع التجاري، و ضمان حسن تسيير السوق و حماية المستهلك، وحوكمة منظومة الدعم الى جانب تنمية التجارة الالكترونية.
و يسعى قطاع تكنولوجيات الاتصال الى تحقيق الادماج الاجتماعي الرقمي و المالي ورقمنة الخدمات الادارية و ضمان تقريبها لجميع الفئات الاجتماعية في كافة المناطق ، وسيتواصل العمل خلال العام المقبل على تحقيق عدد من الاهداف من بينها الرقمنة الشاملة على مستوى مؤسسات الدولة و هياكلها مركزيا و محليا، لاو مزيد تطوير البنية التحتية الرقمية مع العمل على ضمان حق جميع الفئات في النفاذ الى شبكات الاتصال و الانترنات ذات التدفق العالي، و تطوير مختلف مجالات الاقتصاد الرقمي من خلال تطوير الاطر القانونية و الترتيبية المنظمة للقطاع و تحسين مناخ الاعمال.
دعم اسطول النقل
و على مستوى النقل سيتركز العمل في السنة المقبلة على مزيد دعم اسطول النقل العمومي و مجالات البنية الاساسية من خلال دعم المشاريع المعطلة و التي تشهد تأخيرا في الانطلاق او في تقدم التنفيذ، وسيتم خلال 2026 تنفيذ الاقتناءات الجديدة المبرمجة بالنسبة لاسطول النقل.
و سيتم ايضا العمل على تحقيق الاهداف الاستراتيحجية للنهوض بقطاع السكن من خلال عدد من الاجراءات و البرامج من بينها توفير مقاسم مهيئة للفئات الاجتماعية من ذوي الدخل المحدود عبر اقتناء الوكالة العقارية للسكنى لاراضي على ملك الدولة الخاص او على ملك الجماعات المحلية بسعر تفضيلي، و اعتماد الية الكراء المملك و الية البيع بالتقسيط من قبل الباعثين العقاريين.
و يتعلق الجزء الاخير من مشروع الميزان الاقتصادي بدعائم التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و يتضمن عدد من المشاريع و البرامج التي تم تبويبها في مجالات تتعلق بتحديث المنظومة الامنية، و تعزيز مشاهمة الدفاع الوطني في مساندة المجهود التنموي، و دور المنظومة العدلية في تحقيق التنمية، و تعزيز الاشعاع الخارجي لتونس و الارتقاء بالتعاون الدولي .
ومن بين المشاريع في هذا المجال مواصلة العمل على حماية الحدود و التصدي للارهاب و التهريب و الجريمة المنمة و الهجرة غير النظامية و المساهمة في تأمين النقاط الحساسة و الحفاظ على الامن ىو حماية مواقع الانتاج.
و يمكن القول إنّ تفاصيل الميزان الاقتصادي ليست مجرد أرقام جامدة أو مؤشرات تقنية، بل هي مرآة تعكس توجّهات الدولة وخياراتها في إدارة الاقتصاد الوطني، فهي تمثل بالنسبة للمشرّعين في مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم أداة ضرورية للرقابة والتقييم وصياغة مقترحات التعديل و مقترحات القوانين على أسس واقعية، بما يضمن تحقيق العدالة في توزيع الموارد وتوجيه الاستثمارات نحو الأولويات التنموية. أما بالنسبة للمواطن، فإن فهم مضامين الميزان الاقتصادي يمكّنه من متابعة الشأن العام بوعي أكبر، وتقدير مدى استجابة الدولة لتطلعاته في التشغيل وتحسين قدرته الشرائية وجودة الخدمات. بذلك، يصبح الميزان الاقتصادي وثيقة مشتركة بين الدولة ومواطنيها، تؤسس لحوار مبني على المعطيات لا على الانطباعات.
previous post