تعتبر آفة المخدرات من أكبر المصائب التي ابتُليت بها المجتمعات في السنوات الأخيرة، فهي مكمن الداء و السبب الرئيسي لانقسام المجتمع وانتشار الجرائم و بث الفوضى بكافة أنواعها ومسمياتها فالمدمن قد يلجأ الى القتل أو السرقة او ارتكاب الفواحش بعد أن يفقد بوصلة التوازن العقلي ولذلك فهو يتصرف ويسعى لإشباع غرائزه وشهواته دون اعتبار للتبعات والعواقب و لا يخفى على أحد انتشار السم الابيض “الكوكايين ” الذي بات يهدد مجتمعنا بُعيد ارتفاع الكميات من غرامات الى كيلوغرامات لتبلغ مؤخرا طن تم احباط وصوله الى بلادنا بعد أن تمت الشرطة الاكوادورية من تفكيك الشبكة المدمرة ببلادها و هنا لسائل أن يسأل ماذا فعلت السلطات التونسية ازاء ذلك ؟ و لماذا هذا الاستخفاف الملحوظ بأمن مجتمعنا المهدد بالكوكايين ؟ و هل أصبحت بلادنا سوق نشيطة للمخدرات البيضاء و منطقة عبور لها ؟
عدم فهم تنقيح قانون عدد 52
و لمزيد من التوضيحات تحدثت 24/24 الى المحامي رمزي مبارك المختص في جرائم تبييض الاموال و المخدرات الذي أكد أن مشكلة المخدرات شغلت المجتمعات في العالم أجمع و انه من بين الأسباب التي ساعدت على ارتفاع نسبة دخول المواد المخدرة إلى تونس هو سوء فهم التنقيح 2017 لأن المستهلكون تصوروا وأن التنقيح الجديد للقانون بموجبه لم يعد يعاقب على استهلاك المواد المخدرة ( وهو غير صحيح لأنه في حالة العودة يعاقب بأشد العقوبة) ( القانون يخدم وضعية من ضبط مستهلكا للمرة الأولى فقط )
مما جعل الطلب على المواد المخدرة بجميع أنواعها يزداد يوما بعد يوم، وهو ما شجع المروجين على مزيد طلب هذه المواد من جميع مصادرها وخاصة من مروجي الحدود ( ليبيا والجزائر ) والمروجون الدوليون والوسطاء خاصة عبر المطارات والموانئ البحرية وأصبح سوق الترويج في تونس كبير جدا ويحتوي على العديد من المواد المخدرة ( كثرة أنواع المواد المخدرة : قنب هندي، زطلة ، هيروين ، كوكايين ، اكستازي، التنابر وهو نوع جديد من المواد المخدرة يشبه الاكستازي في شكل حبوب صغيرة الحجم تلصق على لسان المستهلك وتتميز بطول فترة النشوة مقارنة بالحبوب الأخرى وسميت بالتنابر لكونها تلصق على اللسان )
إذن هناك علاقة عضوية بين ارتفاع نسبة المستهلكين وارتفاع نسبة الترويج للمواد المخدرة و بقي المستهلك يضن أن القانون لم يعد يعاقب على الاستهلاك وهو غير صحيح كما قلنا، ومروج يسعى لتلبية رغبات السوق لكون المواد المخدرة أصبحت مطلوبة بجميع أنواعها.
و اضاف الاستاذ مبارك أنه على المستوى العملي أصبحت هناك عدة إشكاليات في توجيه التهم لمستهلكي المخدرات، بنفس العقلية التي أوضحنا لفكرة عدم المعاقبة على الاستهلاك ، أصبح ضبط المستهلكين يحملون كميات كبيرة مقارنة بما دارج قبل تنقيح 2017 ، إذ قبل هذا التاريخ كان يضبط المستهلك حامل لما يستهلك فقط، أما الآن يقع ضبط المستهلكين حاملين لأكثر من قيمة استهلاكهم، مما يجعل النيابة العمومية وبالاعتماد على المحجوز ( كثرة المحجوز) لا يحيل المتهم على أساس جريمة الاستهلاك أو المسك بنية الاستهلاك ، بل يحيل على تهمة الترويج لمادة مخدرة، وهنا تكون الصدمة لكون المحال أمام النيابة يضبط مستهلكا ( التهمة جنحة ) ويجد نفسه يحال على التحقيق بتهمة الترويج لمادة مخدرة ( التهمة جناية )
الجنحة يحاكم فيها من 16 يوم إلى 5 سنوات ، في حين الجناية يحاكم من 5 سنوات إلى الإعدام قانون 1992 قانون خاص بالمخدرات أحكامه خاصة.
لو تتوسع النيابة العمومية في بحثها سيتم ايقاف نصف السياسيين والفنانين و المشاهير و الاعلاميين بتهمة ترويج و استهلاك الكوكايين
في ذات السياق اكد الناشط السياسي و عضو مركز الشفافية و الحوكمة المعز الحاج منصور لـ24/24
ان مادة الكوكايين كانت حكرا على ابناء الطبقة الثرية و لا يختلف اثنان على أماكن البؤر النشيطة في ترويج و استهلاك الكوكايين التي ظلت حبيسة المنتجعات السياحية الكبرى و الملاهي الليلية الفاخرة المتواجدة بضاحية قمرت و سوسة كما تتوزع في بعض القصور الفاخرة و لا ننسى قضية ابن المحامي حسن الغضبان الذي تم تهريبه الى دبي و من هناك نشر فيديو صرح من خلاله ان الكوكايين. يتم استهلاكها في القصبة و هنا بيت الداء فالعديد من التونسيين يتحدثون في جلساتهم الخاصة ان بعض الوزراء و رؤساء الحكومات في تونس يستهلكون الكوكايين مما خلق تصدعا فلماذا الاستغراب من تطور نسبة دخول الكوكايين من غرامات محدودة الى كيلوغرامات اذا كان اصحاب السعادة و السلطة يتلذذون مما جعل من الدولة التونسية بلاد مستباحة.
و ما نراه اليوم من اثارة و قيل و قال حول قضية الكوكايين التي يتراوح سعرها بين 250 د و 320د للغرام الواحد لا يعبر الا عن فك قيود النيابة العمومية التي تحررت نوعا ما و تمكنت في الآونة الأخيرة من ايقاف بعض المشاهير من الفنانين و أؤكد من هذا المنبر انه لو تتوسع النيابة العمومية في بحثها سيتم ايقاف نصف السياسيين و الفنانين و المشاهير و الاعلاميين عندها فقط ستتوضح الرؤية و سيعرف الشعب التونسي حجم الخراب الذي حل بمجتمعنا نتيجة القيادة المستهترة و الضعيفة
و الشحنة الاخيرة التي تم ضبطها بالأكوادور تحيلنا الى التساؤل كم من الشحنات مرت قبلها ؟
كم من السموم مرت من هناك باتجاه ارضنا كم من الشباب دمرت بضاعتهم و كم من العائلات شُردت بسببهم حيث اصبحت مادة الكوكايين مقياس لقيمة الملهى فاذا كان صاحب العلبة الليلية يوفر المخدر الابيض ستجد فضاءه يعج بالزبائن و الطلب متزايد و ان كان لا يوفر الكوكايين فستجد الاقبال يكاد يكون ضعيف لان دائرة المستهلكين تتوسع يوما بعد يوم و سوق المخدرات الخفية تكبر شيئا فشيئا في غياب واضح للأجهزة الأمنية التي تم اخضاعها لأمر السياسيين مثلما حصل مع مدير عام الفرق المختصة كمال القيزاني عندما قام بتطويق اكبر العلب الليلية للإطاحة بشبكة ترويج للكوكايين على ملك احد رجال الاعمال المعروفين آنذاك في سنة2017 و بعد توفر جميع المعلومات قامت القوات الخاصة بالمداهمة لكن بمكالمة هاتفية من يوسف الشاهد رئيس الحكومة وقتها أمر القيزاني بالتراجع على الفور و من ثمة تم ايقافه و احالته على التقاعد الوجوبي وهناك تقارير رسمية تثبت ذلك.
خلاصة القول تشابك بين السياسة و المخدرات قي تونس هذا امر ثابت و تشابك بين الثراء الفاحش و السموم البيضاء و هذا أمر مؤكد و هذا يحيلنا على دولة المافيا.
و اكبر دليل على ذلك المصنف الخطير الايطالي الجنسية الذي مكث بيننا 11 عام من وفر له الحاضنة من مكنه من الصلاحيات ليحل بيننا كل هذا الوقت؟ و الأهم من ذلك من استفاد ؟ولماذا تم التخلي عنه في هذا الوقت بالذات؟ و كان الاجدر البحث في معاملاته مع القيادات الأمنية الكبرى في تونس و رجال الأعمال و رجال السياسة النافذين.
تم تهميش ادارة مكافحة المخدرات عمدا و غياب الارادة السياسية وراء استباحة تونس من قبل تجار الكوكايين
و في ذات الصدد و لتوضيح الرؤية من الجهة الامنية تحدثت 24/24 لمحمد البلدي المكلف بالأعلام صلب النقابة الوطنية للأمن الذي بين أن ادارة الشرطة العدلية عمرها أكثر من 50 عام و لكنها لازالت مهمشة الى حدود هذه اللحظة حيث تم تشتيت الكفاءات المختصة في مكافحة المخدرات و تسخيرهم للعمل في الميدان ضمن فرق الأمن العمومي للطرقات .نعم ضباط مختصين يتم كشف وجوهم و يتم تكليفهم بالمراقبة في محطة برشلونة حتى أنه يتم تسخيرهم للعمل في سوق الدواب و في الملاعب في وقت هم أهل اختصاص في مكافحة المخدرات و حماية حدودنا من هذه السموم و خلاصة القول أنه تم تهميش فرقة مقاومة المخدرات عمدا و قتل روح المبادرة نعم كفاءات تستغيث لأنها لا تعمل صلب اختصاصها و ترى امام أعينها بلادنا مرتع للمجرمين و المهربين و المافيا حتى انهم طالبو في وقفات احتجاجية امام وزارة الداخلية اما بالعمل الجدي و اما النقلة و نسيان ادارة اسمها مكافحة المخدرات اليوم الاعوان صلب ادارة الشرطة العدلية يعانون التهميش على جميع المستويات حتى أبسط وسائل العمل غير متوفرة هل يعقل ان يتم ملاحقة المتورطين و حماية حدودنا بسيارة منتهية الصلوحية في بعض الأحيان يتم دفعها دفعا يدويا لتعمل هل يعقل ان نكافح و نحبط عمليات ترويج السموم دون أجهزة حديثة .
وأضاف أنه ” الجدير بالذكر ان جميع التجهيزات الموجودة على الحدود و في الموانئ البحرية و في المطارات لا تواكب تطور الفكر الاجرامي و حيل المافيا الحديثة في ادخال المخدرات زد على ذلك التواطئي مما اضعف الحلقة الأمنية و جعل منها عنصر غير مجدي “على حد قوله
وأكد محدثنا : “لدينا ضباط مختصين من احسن الكفاءات قاموا بدورات تكوينية بألمانيا و الولايات المتحدة الأمريكية في مجال مكافحة المخدرات و لكن يعملون بسوق المنصف باي و يعملون بالطرقات العامة في وقت ترتع فيه المافيا ببلادنا “.
خلاصة القول تهميش ادارة الشرطة العدلية و فرقة مكافحة المخدرات طوال 10سنوات يعتبر السبب الرئيسي لجعل بلادنا سوق نشيطة للكوكايين و مرتع للمافيا اما اضعاف الحواجز الأمنية من حيث المعدات و الطاقات البشرية .
و شدد محدثنا على ان تشتيت أفكار الامنيين و تقسيمهم و عدم توفير الامكانيات اللوجستية و المادية و المعنوية حتى من حيث المقر مشيرا انه الى حدود الساعة لم يتمكن اعوان الشرطة العدلية من الاستقرار بالمقر الجديد و مازالوا مشتتين في غياب كلي لتدخل السلطات المعنية.
و عقب أنه باسم ادارة الشرطة العدلية و مكافحة المخدرات خصوصا و باسم الأمنيين عامة اقول :”ان لدينا من الزاد البشري و من الطاقات الحديدية القادرة على نسف كل ما تخول له نفسه المساس من نسيج مجتمعنا و من سلامة وطننا وشعبنا و لكن تنقصنا الارادة السياسية و الاهتمام اللازم و الدفع الايجابي لتحقيق ذلك .”
يسرى بن حطاب