32.8 C
تونس
9 يوليو، 2025
عالمية

في ظل حرب ينفذها الجيش الاسرائيلي والمستوطنين:هل تتحول الضفة الغربية المحتلة الى منطقة غير صالحة للعيش؟

طالب أعضاء في الكنيست ووزراء إسرائيليون من حزب الليكود بضم الضفة الغربية المحتلة، بينما أنذر الجيش الإسرائيلي بهدم أكثر من مائة منزل في طولكرم. ويتواصل القتل للفلسطينيين سواء من الجيش الاسرائيلي او قطعان المستوطين في مخيمات الضفة بالتزامن مع الاقتحامات اليومية للقرى والبلدات في الضفة الغربية.

وقد دعا وزراء من حزب ليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء الماضي إلى ضم الضفة الغربية المحتلة قبل عطلة البرلمان (الكنيست) في نهاية الشهر، فيما قوبل هذا الاقتراح بتنديدات واسعة النطاق من جميع دول الشرق الأوسط وخارجه. وأصدروا عريضة قبل اجتماع نتنياهو الأسبوع المقبل مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إذ من المتوقع أن تتركز المناقشات على اتفاق محتمل لوقف إطلاق نار مدته 60 يوما في غزة وإطلاق سراح الرهائن مع حركة حماس.ووقع على العريضة 15 وزيرا في الحكومة الإسرائيلية وأمير أوحانا، رئيس الكنيست.

ولم يصدر بعد رد من مكتب رئيس الوزراء. ولم يوقع وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، المقرب من نتنياهو منذ فترة طويلة، على العريضة. وهو موجود في واشنطن منذ يوم الاثنين لإجراء محادثات بخصوص إيران وغزة. وكتبوا في العريضة “نحن الوزراء وأعضاء الكنيست ندعو إلى تطبيق السيادة الإسرائيلية والقانون الإسرائيلي على الفور على يهودا والسامرة”، الاسم الذي اطلقه الوزراء على الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967. وأشاروا في عريضتهم إلى إنجازات إسرائيل الأخيرة ضد كل من إيران وحلفائها والفرصة التي أتاحتها الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة ودعم ترامب.

وجاء في العريضة أن الهجوم الذي قادته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 أظهر أن مفهوم إقامة تكتل تجمعات يهودية ودولة فلسطينية جنبا إلى جنب يشكل تهديدا وجوديا لإسرائيل وذكرت العريضة أنه “يجب إكمال المهمة وإزالة التهديد الوجودي من الداخل ومنع وقوع مذبحة أخرى في قلب البلاد”.

تعد معظم الدول المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، وكثير منها يعزل المناطق الفلسطينية عن بعضها البعض، انتهاكا للقانون الدولي. ومع إقامة إسرائيل المزيد من المستوطنات ومدها للطرق، تزداد الضفة الغربية تقسيما مما يُقوض الآمال في أرض متصلة جغرافيا يمكن للفلسطينيين إقامة دولة ذات سيادة عليها. وزاد السياسيون الإسرائيليون المؤيدون للاستيطان جرأة مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، والذي اقترح تهجير الفلسطينيين من غزة.

وقوبل هذا الاقتراح بتنديدات واسعة النطاق من جميع دول الشرق الأوسط وخارجه. حيث أعربت وزارة الخارجية السعودية عن “إدانة المملكة واستنكارها لتصريحات مسؤول في سلطات الاحتلال الإسرائيلية، يدعو إلى فرض السيادة على أراضي الضفة الغربية في فلسطين، في انتهاك لقرارات الشرعية الدولية”. كما جددت الرياض موقفها “الثابت في دعم الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه المشروعة وفقا لقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967”.

بدورها أدانت مصر التصريحات الإسرائيلية الداعية لضم الضفة الغربية المحتلة، ووصفتها بأنها ”منافية للقانون الدولي”، مشيرة إلى أنها “تهدف إلى ترسيخ الاحتلال غير الشرعي للأراضي الفلسطينية وتقويض حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة بالضفة الغربية وقطاع غزة.

كما أعرب الأردن عن “رفضه القاطع وإدانته” للدعوات الإسرائيلية إلى ضم الضفة الغربية وأدانت الخارجية الأردنية بـ”أشد العبارات التصريحات الخطيرة الصادرة عن أعضاء في الحكومة الإسرائيلية، وآخرها تصريحات وزير العدل الداعية إلى فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة”.

في الاثناء تتواصل العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ بداية هذا العام، وتحديدا في مخيمات طولكرم، وجنين، والفارعة. الوضع صعب جدا، وهناك دمار واسع، لا سيما في مخيم جنين، الذي لم يعد صالحا للعيش. فقد نزح تقريبا جميع سكان المخيم، أي أكثر من عشرين ألف شخص.

الوضع ذاته ينسحب على طولكرم حاليا، هناك إعلامات بهدم نحو 102 مبنى، يسكنها أكثر من 2500 فلسطيني. إضافة إلى ذلك، تم هدم أكثر من ألف منزل في مخيمي جنين وطولكرم. عدد النازحين في شمال الضفة، بحسب وكالة “الأونروا”، يقدر بحوالي خمسين ألفا.

وصار الوضع صعبا للغاية، خاصة انه هناك حصار خانق ، كما أن هذه المناطق تتحول فعليا إلى أماكن غير قابلة للعيش، في إطار سياسة إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين والسيطرة على مزيد من الأراضي لصالح الاستيطان. وهذه السياسة تنفذ بشكل منهجي من قبل السياسيين في إسرائيل، والجيش، والمستوطنين.

وتتحدث الاحصائيات عن نزوح شبه كامل من مخيم جنين ، حوالي 100% من السكان، أي نحو 20 ألف شخص. ومن مخيمات طولكرم، هناك نحو 30 ألف نازح. هؤلاء موزعون بين بيوت أصدقاء، جمعيات، مدارس، أو عائلات، لكنهم فعليا دون مأوى، وأجبروا على النزوح قسرا. بعضهم نزح إلى داخل مدينتي جنين وطولكرم، وآخرون إلى مدن قريبة مثل نابلس، طوباس، ومناطق أخرى في شمال الضفة. لكن هناك حركة نزوح مستمرة، وما يجري في لا يحظى بالتغطية اللازمة.

تشير كل التقارير من الضفة الغربية ان ما يجري هناك هو حرب وعمليات عسكرية واسعة، تعيق حتى حرية التنقل، إذ يوجد اليوم نحو 960 حاجزا عسكريا إسرائيليا، مما يعوق حركة الناس وحتى وصول الصحفيين. ومنذ بداية العام، قتل 167 فلسطينيا، غالبيتهم من شمال الضفة. كما تم تنفيذ آلاف حالات الاعتقال، وبلغ عدد المعتقلين منذ 7 أكتوبر أكثر من 15 ألفا، معظمهم من غزة، ولكن أيضا من الضفة.

وقد حول المستوطنون الضفة إلى ساحة رعب، تحت حماية الجيش الإسرائيلي اذ يوميا، تسجل اعتداءات على الطرق، المنازل، حرق للحقول والسيارات، وإطلاق نار. الهدف هو الترهيب والتهجير وفرض واقع جديد في الضفة. ومنذ 20 شهرا، قتل المستوطنون 26 فلسطينيا، ونفذوا 5000 اعتداء، بينها عمليات حرق، أدت إلى تهجير نحو 1200 فلسطيني. المستوطنون يشكلون خطرا كبيرا، وهم محميون من قبل الجيش الإسرائيلي.

وقد تنافست الصحف والمواقع العبرية على تداول (وتنقيح) التقرير المنشور في “وول ستريت جورنال” عن الخطة الإسرائيلية -المدعومة أمريكيا- لإنشاء سلطة فلسطينية جديدة في الضفة الغربية، تحل محل سلطة محمود عباس، وتقوم على “النموذج القبلي” المستلهم من تجربة الإمارات العربية المتحدة، في سياق مساعي تطوير مشروع التطبيع الإبراهيمي الشامل بالشرق الأوسط.

ووفقا للصحيفة الأمريكية المعروفة، فإن المبادرة السياسية التي تحمل ملامح تحوّل جذري في المشهد الفلسطيني، بدأت تتبلور في مدينة الخليل التي يسعى عدد من قادتها البارزين، وعلى رأسهم الشيخ وديع الجعبري، إلى الانفصال عن السلطة الفلسطينية، وتأسيس “إمارة محلية” تمثل سكان المنطقة وترتبط مع إسرائيل بمعاهدة خاصة في إطار الاتفاقات الإبراهيمية. وقد نُقل عن الشيخ الجعبري قوله “لن تكون هناك دولة فلسطينية – ولا بعد ألف عام”، مضيفًا: “لم تجلب منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية سوى الفقر والعنف والفساد، والمؤكد أن القيادة المحلية الأصيلة ستكون أفضل بكثير”. 

ويوضح التقرير أن المبادرة تستمد زخمها من قناعة “استخباراتية” بأن المجتمع الفلسطيني ليس كيانًا متجانسًا كما يبدو، بل تمزقه اختلافات ثقافية وقبلية عميقة تتعرّى في المدن الكبيرة التي تخضع لسيطرة عائلات وقبائل مركزية تتمتع بسلطات اجتماعية وسياسية كبيرة، وتستطيع كل منها -إن توفرت الظروف الملائمة- أن تعمل كقيادة أو “إمارة” محلية بديلة.

وتنقل المصادر العبرية عن “وول ستريت” وعن مسؤولين إسرائيليين “شاركوا مؤخرا في محادثات سرية مع شيوخ وزعماء قبائل من أنحاء الضفة الغربية”، أن السيناريو المطروح يتمثل في “اعتراف سياسي بالإمارات المحلية” مقابل سيادة إسرائيلية كاملة على المنطقة “ج” والمناطق غير المأهولة في المنطقة “ب”. وتتضمن المبادرة أيضًا إنشاء منطقة صناعية مشتركة بين إسرائيل والخليل، تغطي مساحة تزيد عن 1000 دونم بالقرب من الجدار الفاصل، “ستوفر فرص عمل لعشرات الآلاف من العمال الفلسطينيين”، على حد تعبير “بعض شيوخ القبائل المنخرطين في المحادثات مع مسؤولين إسرائيليين”. وتكشف رسالة موجهة إلى وزير الاقتصاد الإسرائيلي ‘نير بركات’ عن تفاصيل تتضمن “إطلاق برنامج تجريبي لدخول ألف عامل من منطقة الخليل إلى إسرائيل، مع زيادة تدريجية وصولًا إلى 50 ألف عامل”. 

وتتعهد وثيقة المبادرة التي تزعم الصحيفة الأمريكية أن شيوخ الخليل قدموها لحكومة النتنياهو بـ “الاعتراف بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي، وإنشاء إمارة محلية مستقلة تمثل سكان الخليل والمناطق المحيطة بها -على غرار الإمارات الخليجية المعتمدة على الزعامة القبلية- في مقابل أن تعترف إسرائيل بهم كممثلين شرعيين للشعب الفلسطيني في المنطقة”. كما يتعهدون بعدم التسامح مطلقًا مع “إرهاب العمال”، ويرفضون صراحةً نظام “مكافأة الشهداء على النقيض من الترتيبات الحالية للسلطة الفلسطينية”.  

ووفقا لصحيفتي “معاريف” و “يديعوت أحرونوت”، فإن المبادرة تلقى ترحيبًا في أوساط اليمين الإسرائيلي الذي يرى فيها “فرصة لتفكيك السلطة الفلسطينية تدريجيًا، دون إحداث فراغ حكومي أو الحاجة إلى تنازلات إقليمية من جانب إسرائيل”، كما تلقى تشجيعا من “قيادات المستوطنين”، وعلى رأسهم “يوسي داغان” رئيس مجلس السامرة (الاسم اليهودي للضفة الغربية) الذي اعترف بمشاركته مع شيوخ الخليل في صياغة المبادرة معتبرا إياها “فرصة ذهبية لبناء تحالفات محلية مع القبائل العربية الرافضة للسلطة الفلسطينية وحماس”. ومن بين عديد التعليقات التي اقتبسها الإعلام الصهيوني على “مبادرة أو خطة إمارات الضفة”، اختم البوست بتعقيب “أوهاد تال” رئيس الفصيل الصهيوني الديني في الكنيست: “القومية الفلسطينية خرافة تكذّبها الفجوات الثقافية والقبلية بين عرب نابلس وعرب رام الله والخليل. لقد فشلت اتفاقيات أوسلو عمليًا، وبات من الضروري تفكيك السلطة الفلسطينية الإرهابية وفرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على يهودا والسامرة (الضفة الغربية)”.

Related posts

رئيس حزب جزائري يدعو إلى البحث في أسباب عدم دخول بريكس

محمد بن محمود

إستشهاد قياديين في حماس في غارة إسرائيلية فجر اليوم

Na Da

52862 شهيدا و 119648 مصابا في غزة منذ بداية العدوان

Na Da

Leave a Comment