37.2 C
تونس
19 أغسطس، 2025
دولي

محاولات تنصيب سمير حليلة بإيعاز صهيوني-أمريكي: مخطط مشبوه لفرض وصاية على غزة

في خضمّ حربٍ مدمّرة على غزة، تكشف تقارير إسرائيلية عن تحركات سرّية تقودها أطراف صهيونية وأميركية لتنصيب رجل الأعمال الفلسطيني سمير حليلة حاكماً على القطاع، تحت غطاء إدارة اليوم التالي. المبادرة، المدعومة من لوبيات خارجية مثيرة للجدل، تسعى لإزاحة المقاومة وتجاوز السلطة الفلسطينية، وفرض قيادة جديدة مقبولة دولياً لكنها مرفوضة وطنياً. حليلة، المعروف بعلاقاته الواسعة مع دوائر المال والسياسة الغربية، يُروّج له كوجه مدني لإعادة الإعمار، لكن خلف الكواليس تدور صفقات مشبوهة تمسّ سيادة غزة وخيارات شعبها. المخطط يواجه رفضاً قاطعاً من الفصائل، ويُنظر إليه كإعادة إنتاج لوصاية استعمارية بأدوات ناعمة.

وكشف موقع شومريم (الحراس) للتحقيقات الاستقصائية، وصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيليين عن محاولات إسرائيلية لتنصيب إدارة جديدة في قطاع غزة تدور في الشهور الأخيرة خلف الكواليس. في محورها هذه المرّة رجل الأعمال الفلسطيني سمير حليلة.

ووفقاً لمسؤولين على صلة بتفاصيل الموضوع، فضلاً عن وثائق قُدّمت لوزراة القضاء الأميركية، يدور الحديث عن محاولة لتنصيب حاكم على قطاع غزة يعمل برعاية الدول العربية، ويكون مقبولاً في الوقت ذاته من إسرائيل والولايات المتحدة، ويتيح تعيينه في نهاية المطاف التوصل لصيغة بشأن اليوم التالي للحرب، في كل ما يتصل بمسألة السيطرة على قطاع غزة وإدارته.

ومساعي تنصيب سمير حليلة تقودها جهات عدّة، أبرزها لوبي مثير للجدل، يقف على رأسه إسرائيلي يُدعى آري بن ميناشي ويعمل من كندا. بحسبه، فقد اكتسبت مبادرته زخماً في الأسابيع الأخيرة، وخصوصاً إثر اجتماعات عُقدت في الولايات المتحدة واتصالات أجراها حليلـة في مصر للتداول في مسألة التنصيب.

حليلـة، المقيم في رام الله، درس وتخصص في الاقتصاد، ويُعد شخصية سياسية واقتصادية معروفة في السلطة الفلسطينية. سيرته الذاتية تزخر بمناصب عليا في السلطة إلى جانب شبكة علاقات تجارية واسعة.

في عام 2005 شغل منصب الأمين العام للحكومة الفلسطينية، ثم نائب وزير الاقتصاد والتجارة، ورئيس مجلس إدارة المعهد الفلسطيني لأبحاث السياسات الاقتصادية، مروراً بعضوية مجلس إدارة مركز التجارة الفلسطيني، والمدير العام لشركة باديكو (PADICO) – وهي أكبر شركة قابضة في أراضي السلطة، وليس نهايةً برئاسته البورصة الفلسطينية. يُعرف حليلة بقربه الشديد من رجل الأعمال الفلسطيني–الأميركي الملياردير بشار المصري، الذي أسس مدينة روابي الفلسطينية، وتربطه علاقات جيدة مع الإدارة الأميركية، برئاسة دونالد ترامب.

وثائق وزارة القضاء الأميركية تُظهر أن بن ميناشي سُجّل بصفة لوبي لصالح حليلـة قبل عدة أشهر، وأن الهدف المعلن للحملة هو التأثير على صناع القرار الأميركيين لدعم حملة ترشيحه حاكماً لغزة. أساس المبادرة يستند إلى أن جميع الأطراف الفاعلة تفضّل أن تُدار غزة بواسطة شخصية فلسطينية تعمل برعاية الولايات المتحدة وجامعة الدول العربية.مسار تنصيب سمير حليلة بدأ العام الماضي في نهايات ولاية الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، غير أن الزخم الذي حرّك المبادرة حدث بعد عودة ترامب إلى سُدّة البيت الأبيض في 20 جانفي.

وتشير وثائق أخرى، قُدمت الأسبوع الماضي، إلى أن بن ميناشي أجرى محادثات حول الموضوع مع أطراف في قطر والسعودية ومصر.

خدم في الموساد وتورط في إيران-كونترا

بن ميناشي، مولود في إيران وخدم في الاستخبارات الإسرائيلية، يُعد شخصية متلوّنة ومتناقضة مثيرة للجدل؛ إذ ارتبط اسمه بقضايا بارزة بعضها سلبية. في أوائل الثمانينيات، ارتبط اسمه بما يُعرف بـقضية إيران–كونترا (التي عقدت بموجبها الحكومة الأميركية تحت إدارة الرئيس رونالد ريغان اتفاقاً مع إيران لتزويدها بالأسلحة لاستخدامها في حربها مع العراق، لقاء إطلاق سراح أسرى أميركيين احتُجزوا في لبنان). على خلفية تورطه في هذه القضية، حُوكم ميناشي في الولايات المتحدة قبل تبرئته. في وقت لاحق، هاجر إلى أستراليا وبعدها إلى كندا، وقد عمل سابقاً في الموساد، وكذلك إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه يتسحاق شامير.

ومنذ تسجيله في الولايات المتحدة بصفة لوبي، عمل ميانشي لصالح أطراف عدة، بينها رئيس زيمبابوي السابق روبرت موغابي، والمجلس العسكري في ميانمار، وغيرهما. أمّا قائمة عملائه الحاليين فتشمل، وفقاً لوثائق وزارة القضاء، كلاً من: قيرغيزستان، الكونغو، فانواتو، رئيس بوركينا فاسو، والحكم العسكري في السودان، وغيرهم.بن ميناشي أكد في مقابلة مع شومريم تفاصيل دور حليلة، موضحاً أن مبادرة تنصيب رجل الأعمال الفلسطيني مهمة له على المستوى الشخصي، وليس محض صفقة أو تسوية، باعتبار ذلك أمراً جيّداً لليهود، كما وصفه. وبحسبه، فإن المبادرة تُدفع قدماً مع مسؤولين رفيعي المستوى في الإدارة الأميركية، وأن النية هي أن يعمل حليلـة برعاية جامعة الدول العربية، وخصوصاً مصر والسعودية، ما سيحل عملياً مسألة الاعتراض الإسرائيلي على دخول السلطة الفلسطينية رسمياً إلى غزة، ومشاركتها في إدارة القطاع.بن ميناشي أكد أن الأسابيع الأخيرة شهدت تقدّماً ملحوظاً، دون الخوض في التفاصيل. لكن الوثائق التي قدّمها في الولايات المتحدة تكشف أن خطته تتضمن نشر قوات أميركية وعربية في غزة، واعتراف الأمم المتحدة بوضع خاص للقطاع، واستئجار أراضٍ من مصر لإقامة مطار وميناء في سيناء، والحصول على حقوق تنقيب عن الغاز قبالة سواحل غزة، وغيرها.

أما سمير حليلة نفسه، والذي كان في عمّان على ما يبدو لعقد اجتماعات في هذا الخصوص، فقد بدا أكثر تحفظاً خلال مقابلته مع شومريم؛ إذ أوضح أن المبادرة وُلدت بفكرة من بن ميناشي، الذي جاء من كندا للقائه وعرض الفكرة عليه فقبلها. وبشأن تمويل أنشطة الضغط على صناع القرار، قال: المال لم يكن يوماً المشكلة، مضيفاً أنه دفع حتى الآن 130 ألف دولار لبن ميناشي لهذا الغرض، في إطار عقد تبلغ قيمته نحو 300 ألف دولار.

من دون بقاء حماس في غزة

يؤكد سمير حليلة أن الخطوة الأولى الضرورية هي التزام الأطراف بوقف إطلاق نار دائم وإنهاء الحرب؛ إذ بحسبه، فقط حينها يمكننا الحديث عن اليوم التالي، وعندما يحدث ذلك، يرى نفسه بمثابة مدير المشروع لإعادة إعمار غزة. وتشمل خطته إدخال كميات كبيرة من المساعدات، لا تقل عما بين 600 و1000 شاحنة يومياً، وفتح ما لا يقل عن أربعة أو خمسة معابر حرة للبضائع التي لا تستطيع إسرائيل تقييدها.

في المقابل، يضيف أن هناك حاجة لإعادة فرض القانون والنظام في القطاع؛ إذ بحسبه على الناس أن يشعروا بأن ثمة سلطة – ليست سلطة السلطة الفلسطينية ولا حماس – بل سلطة ينبغي احترامها، ويؤكد أن القطاع لا يمكن أن يظل مليئاً بالسلاح من بقايا حماس أو الجهاد، لأن الناس بحاجة للشعور بالأمان في منازلهم. المرحلة التالية، وفق حليلـة، ستكون ضخ أموال هائلة في القطاع. وحسب تقديره، تتطلب إعادة الإعمار استثمار 53 مليار دولار؛ إذ يقول: لقد حددنا دول الخليج المستعدة للاستثمار، لكن ينبغي أيضاً أن تضخ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مبالغ كبيرة.سمير حليلة يكرر أن شيئاً لن يتقدّم قبل إنهاء الحرب، لكنه أبدى بارقة أمل. ففي الأيام الأخيرة، كما يقول، يبدو أن إسرائيل وافقت لأول مرة على مناقشة إنهاء الحرب وليس مجرد وقف إطلاق نار مؤقت، وذلك بالتنسيق مع الولايات المتحدة. ويستمد حليلـة أقواله من تصريح المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، الذي قال أخيراً خلال لقاء مع عائلات الأسرى الإسرائيليين إن الخطة ليست لتوسيع الحرب، بل لإنهائها. نعتقد أنه يجب تحويل المفاوضات إلى صيغة الكل أو لا شيء: إنهاء الحرب وإعادة جميع الأسرى في الوقت نفسه – هذه هي الطريقة الوحيدة.

Related posts

غادر مركز الايقاف سيرا…الإفراج عن رئيس كوريا الجنوبية المعزول.

صابر الحرشاني

غدا : قيس سعيد يلبي دعوة الرئيس الصيني

محمد بن محمود

إرتفاع وتيرة المعارك في خان يونس

Walid Walid

Leave a Comment