مع انتصاف فصل الصيف وتزامنا مع تزايد الطلب على المياه في هذه الفترة وانطلاق موسم الصيف تعرف مخزونات السدود التونسية تراجعا في كميات المياه المجمعة والتي لا تتعدى 35.9 % .
نسبة امتلاء دون المتوسط
تشير الإحصائيات الصادرة عن الإدارة العامة للسدود والأشغال المائية الكبرى التابعة لوزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري أشارت الأرقام إلى أن نسبة الامتلاء العامة بالنسبة إلى جميع السدود التونسية والبالغ عددها 36 سدا وصلت إلى غاية يوم 16 جويلية الحالي نسبة 35.9 % مما يعني بلوغ طاقة خزن تقدر بـ 849.240 مليون متر مكعب . ومقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية فقد شهدت المخزونات العامة زيادة بـ 193.040 مليون متر مكعب متجاوزة مستوى المعدلات المسجلة خلال السنوات الثلاثة الماضية والمقدرة بـ 791.550 مليون متر مكعب.
سدود الشمال في المقدمة
استنادا إلى ما عرفته مناطق الشمال من وفرة في الأمطار خلال الموسم الحالي 2024 / 2025 فإن نسبة الامتلاء العامة لمجموع السدود المتواجدة بهذا الإقليم والبالغ عددها 22 سدا تبلغ حاليا 42.1 % . غير أن عددا من السدود تتجاوز الكميات المخزنة بها هذا الرقم وهي تقارب نسبة الامتلاء القصوى على غرار سد بربرة ( 98.3 % ) والزرقة (86.1 % ) والكبير ( 71.2 % ) والمولى ( 69.8 % ) وبني مطير ( 69.7 % ) والبراق بنفزة ثاني أكبر السدود التونسية والذي يمثل المخزون الاستراتيجي لمياه الشرب ( 53.7 % ). في حين سجل سد سيدي سالم الذي يعد أكبر خزان مائي على المستوى الوطني كمية خزن تقدر بـ 191.082 مليون متر مكعب مما يمثل نسبة امتلاء عامة بـ 32.9 %.
عجز في إيرادات المياه
بلغت الإيرادات الجملية للسدود وإلى غاية 16 جويلية 969.257 مليون متر مكعب مقابل 1.769.111 مليون متر مكعب كمعدل لنفس الفترة وهو ما يمثل عجزا يقدر بـ 799.855 مليون متر مكعب ومع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة وقلة التساقطات فإن منسوب جريان الأودية والمجاري والروافد نحو السدود آخذ في التقلص شيئا فشيئا وقد يصل الأمر إلى توقفها تماما خلال شهر جويلية وكامل شهر أوت القادم مما يعني المزيد من تقلص مخزونات السدود التونسية.
التعويل على سدود الشمال
على عكس سدود الشمال لم تشهد مخزونات سدود الوطن القبلي والوسط زيادة ملحوظة حيث بلغت نسبة الامتلاء العامة بسدود الوطن القبلي وعددها 6 سدود 25.8 % في حين لم تتجاوز حدود 11.7 % بسدود الوسط البالغ عددها 8 . ويعود ذلك أساسا إلى قلة التساقطات المطرية خلال الموسم الحالي وهو ما تسبب في تدني مخزونات مجموعة من السدود إلى مستوى الصفر وأصبحت خارج الخدمة على غرار سد سيدي عيش بقفصة ( 0 % ) والهوارب بالقيروان ( 0 % ) والبرك ( 0.7 % ) حيث لا تضم هذه السدود الثلاثة مجتمعة سوى على 100 ألف متر مكعب فقط مما يتجه إلى الاعتماد على سدود الشمال للقيام بعمليات تحويل المياه باعتماد الضخ لتلبية الحاجيات من مياه الشرب والري للمناطق التي تشهد تراجعا في مخزوناتها المائية بالسدود.
ضرورة التوقي من حرائق الغابات
إضافة إلى تزايد الطلب على مياه الشرب ومع بداية توافد السياح وعودة التونسيين المقيمين بالخارج وما يرافقه من ارتفاع قياسي على استهلاك الماء واعتبارا للتحولات الجوهرية نتيجة التغيرات المناخية التي تشهدنا بلادنا من سنة إلى أخرى وما سببته من ارتفاع جنوني للحرارة فاقت المعدلات العادية بأكثر من 10 درجات مائوية ، تمثل حرائق الغابات نزيفا متواصلا للموارد المائية بتونس ناهيك وأنه خلال الصائفة الماضية فقدت تونس وفي يوم واحد 950 ألف متر مكعب من المياه خلال وهو ما يضع الإدارة العامة للسدود والأشغال المائية الكبرى التابعة لوزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري أمام حتمية تأمين تزويد نقاط المياه لمجابهة حرائق الغابات.
مشاريع جديدة لتحلية مياه البحر والمياه الجوفية
مع تراجع حصة المواطن التونسي من المياه إلى 460 متر مكعب سنويا وهو ما جعل بلادنا تصنف ضمن دائرة البلدان تحت خط الفقر المائي ( أقل من 1000 متر مكعب سنويا ) ، ومن أجل إنعاش مواردها المالية تراهن تونس على مشاريع تحلية المياه لإنعاش مواردها المائية ومواجهة الآثار السلبية المترتبة عن تغير المناخ والتوسع العمراني ، يتم حاليا إنجاز مشاريع مائية جديدة لتخزين المياه كمورد استراتيجي لمدة تصل إلى 4 أو 5 سنوات لفائدة القطاع الفلاحي أو لمياه الشرب وهي تتمثل في وإحداث سد ملاق العلوي بولاية جندوبة ( 277 مليون دينار) بطاقة استيعاب تقدر بـ 195 مليون متر مكعب وسد “الدويميس ” و “السعيدة ” و ” القلعة الكبرى ” ، والاستعداد للانطلاق في إنجاز كل من سد ” خلاد ” بتبرسق من ولاية باجة بتكلفة 150 مليون دينار وبطاقة خزن تقدر بـ 27 مليون متر مكعب والرغاي” بغار الدماء من ولاية جندوبة . كما تتضمن المشاريع إنجاز 15 محطة لتحلية المياه الجوفية وهو ما سيساهم في الرفع من نسبة حصة المواطن التونسي من المياه بـ30 % بحلول سنة 2030.