31.2 C
تونس
2 أغسطس، 2025
اقتصاد

ملامحه الكبرى تتضح… قانون المالية الجديد يواجه تحديات

تتبلور تباعا الخطوط الكبرى لمشروع قانون المالية لسنة 2026، في وقت تستمر فيه ضغوط المالية العمومية ، ما يجعل من هذا المشروع اختبارا حقيقيا لمدى قدرة الدولة على إرساء توازن بين ضرورة الإيفاء بالتزاماتها الاجتماعية من جهة، وبين الحفاظ على التوازنات العامة والتقليص من عجز الميزانية من جهة ثانية.

ملامح قانون المالية الجديد

وبحسب مسار تقدم الاعداد، و ما تكشف عنه رئاسة الحكومة من فينة إلى اخرى،تعكس مضامين المشروع التوجّه نحو تعزيز البعد الاجتماعي للدولة، من خلال إجراءات تستهدف الفئات الهشة وذات الدخل المحدود، في إطار سعي مستمر لإرساء العدالة الاجتماعية، والتقليص من الفوارق الاقتصادية والمجالية، وتحسين القدرة الشرائية لشريحة واسعة من المواطنين.

وتقوم فلسفة المشروع على تدعيم دور الدولة في حماية الفئات الضعيفة، عبر تخصيص اعتمادات إضافية للبرامج الاجتماعية، ومزيد تطوير آليات الإحاطة، مع التركيز على الإدماج الاقتصادي كحلّ هيكلي للحد من التهميش، من خلال تسهيل النفاذ إلى التمويل والمرافقة الفنية، خاصة لفائدة النساء والشباب في الجهات الداخلية.

وتتجه الحكومة نحو فتح آفاق جديدة في التشغيل، وذلك عبر تسوية عدد من الوضعيات الإدارية العالقة، والتخطيط لانتدابات مدروسة خلال السنة القادمة، تهمّ قطاعات حيوية تشكو من نقص في الموارد البشرية، على غرار الصحة والتعليم.

وتُراهن الحكومة على التنمية الجهوية كرافعة أساسية للنمو، إذ يُتوقّع أن تعتمد توجهات قانون المالية على نتائج أعمال المجالس المحلية والجهوية ومجالس الأقاليم، التي ساهمت في بلورة مخطط التنمية 2026-2030.

وتُدرج الحكومة ضمن أولوياتها دعم الاستثمار العمومي، باعتباره عنصرا محفّزا للاستثمار الخاص، خاصة في ظل الظرفية الاقتصادية التي تتطلب تحريك الدورة الاستثمارية. ويُنتظر أن يتضمن المشروع آليات مرافقة للشركات الأهلية والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، بما يساعدها على الصمود والابتكار والنمو.

وتنطلق الإصلاحات الكبرى المرتقبة من قناعة بأن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر، وأن منظومة الصحة والنقل والتربية بحاجة إلى مراجعة جذرية، تشمل الهيكلة والحوكمة وجودة الخدمات، ويُنتظر أن تُرصد اعتمادات خاصة لتفعيل هذه الإصلاحات، رغم الضغوطات المالية التي تواجهها الدولة.

وتُعوّل الحكومة على الطاقات المتجددة كمجال استثماري واعد، قادر على خلق مواطن شغل جديدة، وتقليص التبعية الطاقية، وتحقيق تحول بيئي واقتصادي نوعي، ما يستدعي تحفيز القطاع الخاص على دخول هذا المجال، وتبسيط الإجراءات الإدارية والجبائية المتعلقة به.

وتكتسي مسألة إدماج الاقتصاد الموازي أهمية قصوى في المشروع الجديد، باعتبارها أداة مزدوجة لتعزيز الموارد الجبائية، وتوسيع القاعدة الاقتصادية الرسمية، مع ضرورة مراعاة خصوصيات هذا القطاع، عبر تمكينه من الانتقال التدريجي والمنظّم نحو الاقتصاد المنظم، وتقديم حوافز للالتزام الجبائي.

وتُراهن الحكومة على أن يكون قانون المالية لسنة 2026 بوابة لتنزيل مخطط التنمية الجديد، وأن يشكّل أرضية انطلاق لمشاريع كبرى في مجالات الطاقات، والماء، والبنية التحتية، والتعليم الرقمي، بما يعيد الأمل في قدرة الدولة على قيادة التغيير.

تحديات بالجملة

وتُطرح في هذا السياق تحديات حقيقية تواجه إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2026، في ظل ما تعرفه المالية العمومية من ضغوط مزمنة، ناجمة عن ارتفاع النفقات، وتقلص المداخيل الذاتية، وتنامي خدمة الدين، إضافة إلى حاجة عدد من المؤسسات العمومية إلى دعم متواصل.

وتُعد كلفة الأجور والدعم وخدمة الدين من أبرز أوجه الإنفاق التي تضغط على الميزانية، حيث تتطلب الدولة موارد مالية ضخمة للإيفاء بالتزاماتها الجارية، ما يضع الحكومة أمام معادلة معقدة بين ضرورة التحكم في التوازنات، والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي.

وتواجه الحكومة أيضا صعوبات في تعبئة الموارد الخارجية، ما يجعل من التعويل على المداخيل الجبائية الداخلية خيارا أساسيا، لكنّه محفوف بالصعوبات، في ظل تراجع النشاط الاقتصادي.

وتقتضي هذه الوضعية اعتماد مقاربة واقعية في إعداد المشروع، تأخذ بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية، دون الإخلال بالمبادئ الاساسية للدولة الاجتماعية، وهو ما يتطلب إجراءات مبتكرة، وتدابير دقيقة.

و تتصاعد الانتظارات بشأن عرض المزيد من تفاصيل المشروع، وخاصة ما يتعلق بفرضيات التمويل، والموارد المنتظرة، وكيفية تغطية العجز، ومدى واقعية الأرقام المعتمدة، تجنبا للوقوع في سيناريوهات سابقة أثبتت عدم نجاعتها.

و كان نواب من لجنة المالية و الميزانية قد دعوا سابقا الى مشاركة أوسع للفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين في النقاش، حتى لا يكون المشروع مقطوعا عن الواقع، ولكي تتطابق الأرقام المعلنة مع الأثر الفعلي على حياة المواطن.

وتُطرح أسئلة جدية حول مدى قدرة قانون المالية الجديد على استعادة ثقة المواطن في دور الدولة، وفي خياراتها الاقتصادية، خاصة في ظل ما تعيشه البلاد من أزمة ثقة وتراجع في الانخراط الاجتماعي في البرامج العمومية.

و تجدر الاشارة إلى مشروع قانون المالية سيكون في صدارة اولويات البرلمان في مفتتح دورته البرلمانية الرابعة التي تنطلق في غرة أكتوبر الماضي، و سيكون لمشروع قانون المالية المقبل اهمية خاصة خاصة و انه الاول بعد تفعيل نظام المجالس و مشاركتها في اعداد مخطط التنمية.

Related posts

والي القصرين يُعاين اخلالات بمركب فلاحي بسبيطلة

Na Da

رسميا: زيادة في تعريفة أطباء القطاع الخاص

Na Da

جلسة عمل بين رئيس الاتحاد ورئيس منظمة الأعراف الفرنسيةواجتماع لمجلس المؤسسات التونسية الفرنسية

رمزي أفضال

Leave a Comment