35 C
تونس
8 أغسطس، 2025
وطنية

اثر لقاء رئيس الجمهورية بوزراء: العدّ التنازلي لتركيز المجلس الاعلى للتربية انطلق

يبدو أن اللقاء الأخير الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيّد بوزراء يمثلون قطاعات ذات الاهتمام بمجالات التربية والتعليم والتكوين قد أعطى الانطباع بتسريع الخطوات نحو تركيز المجلس الأعلى للتربية.

وقد انعقد اللقاء بقصر قرطاج يوم الإثنين المنقضي، وضم كلا من وزير التربية، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي، ووزير التشغيل والتكوين المهني، ووزير الشباب والرياضة، ووزير الشؤون الدينية، ووزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، ووزيرة الشؤون الثقافية. وتركزت مضامين الاجتماع على مسألة إصلاح التعليم والتكوين، بوصفها أولوية وطنية تتطلب رؤية استراتيجية، وآليات مؤسساتية واضحة.

تنصيص على احداث المجلس

واعتبر رئيس الجمهورية خلال هذا الاجتماع أن التنصيص على إحداث المجلس الأعلى للتربية والتعليم في الدستور لم يكن قرارا عرضيا، بل خيارا شعبيا نابعا من قناعة جماعية بأن هذا الهيكل يمثّل إحدى أهم واجهات الإصلاح الوطني، مشيرا أشار إلى أن تونس شهدت عبر تاريخها محطات متعددة حاولت من خلالها النهوض بالقطاع التربوي، ولكن تلك المحاولات لم تنجح في إرساء إصلاح شامل ومتوازن.

واعتبر رئيس الجمهورية أن المشروع التربوي القادم يجب أن يشمل كل المراحل التعليمية دون استثناء، وأن تكون مخرجاته منسجمة مع حاجيات المجتمع والتحولات الاقتصادية والاجتماعية. وشدد على أن أي انحراف أو خلل في صياغة هذا المشروع ستكون له كلفة ثقيلة على الأجيال القادمة، مشيرا إلى ضرورة الانطلاق في التأسيس لمنظومة متكاملة تبدأ من التربية وتصل إلى التشغيل، مرورا بالثقافة والتكوين والرياضة.

في هذا السياق، عاد الحديث مجددا عن المجلس الأعلى للتربية، الذي نُظم بمقتضى المرسوم الصادر منذ حوالي سنة، ويمثل هذا المجلس هيئة دستورية تتولى إبداء الرأي في الخطط الوطنية الكبرى في مجال التربية والتعليم والتكوين المهني والبحث العلمي وآفاق التشغيل.

يتكون المجلس من أربعة هياكل رئيسية، هي رئاسة المجلس، والهيئة العليا، وهيئة الخبراء، وهيئة التقييم. وتشمل رئاسة المجلس تناوبا بين سبعة وزراء يمثلون القطاعات ذات العلاقة، بحيث تدوم نيابة كل وزير ستة أشهر. ويُسند الإشراف على الجلسة الافتتاحية للوزير الأكبر سنا.

وتتكون الهيئة العليا، باعتبارها الهيكل الأعلى داخل المجلس، من الوزراء السبعة المعنيين، وسبعة أعضاء من ذوي الكفاءة والخبرة، ورئيس هيئة الخبراء، ورئيس هيئة التقييم، وممثل عن النقابة الأكثر تمثيلا في القطاع التربوي. وتُعهد لهذه الهيئة مهمة إبداء الرأي الوجوبي في مختلف السياسات والخطط الوطنية المتعلقة بالتعليم والتكوين والتشغيل. كما يمكن أن تتعهد تلقائيا بمسائل تدخل ضمن مشمولاتها، وتبدي رأيها في مشاريع السياسات في أجل لا يتجاوز ستين يوما، ينخفض إلى ثلاثين يوما في حالات الاستعجال.

وتعتمد الهيئة العليا في أشغالها على ما يُعرض عليها من تقارير صادرة عن هيئة الخبراء وهيئة التقييم، ويمكنها إحداث لجان دائمة أو مؤقتة أو مجموعات عمل متخصصة، على أن تصادق أيضا على برنامج العمل السنوي للمجلس ومشروع ميزانيته.

وتضم هيئة الخبراء أربعة عشر عضوا من ذوي الكفاءة العالية والخبرة التي لا تقل عن خمس عشرة سنة، على أن تشمل وجوبا متفقدين بيداغوجيين متقاعدين. وتُكلف هذه الهيئة بإعداد الدراسات والمقترحات التي تتصل بالسياسات التربوية، بناء على طلب الهيئة العليا، ويمكن لها أن تقدم مبادرات واقتراحات في مجال الإصلاح التربوي.

أما هيئة التقييم، فتضم تسعة أعضاء من ذوي الخبرة التي لا تقل عن عشرين سنة. وتتمثل مهامها في تقييم الخطط والبرامج العمومية المرتبطة بعمل المجلس، وذلك بناء على طلب من الهيئة العليا.

قرب تركيز المجلس

وتندرج كل هذه المكونات ضمن رؤية جديدة لإرساء آلية تشاركية، ذات بعد مؤسساتي، تساهم في بلورة سياسة وطنية متماسكة في المجال التربوي، حيث تستند إلى تشخيص عميق للواقع التربوي في تونس، وإلى إدراك لحجم التحديات التي تواجه المدرسة العمومية والجامعة ومراكز التكوين.

وفي هذا السياق، تبرز مؤشرات عديدة تدل على أن تركيز المجلس بات قريبا، كان اولها التصريحات التي أدلى بها وزير التربية خلال الدورة الرئيسية لامتحانات الباكالوريا، حين أكد أن المجلس الأعلى للتربية سينطلق قريبا في أشغاله، فور الانتهاء من الامتحانات الوطنية، وذلك بعد حصوله على الضوء الأخضر من رئيس الجمهورية.

ثاني هذه المؤشرات أن المرسوم المتعلق بإحداث المجلس صدر منذ ما يقارب السنة، وهي مدة زمنية تسمح بالإعداد الفني واللوجستي لانطلاق المجلس، سواء على مستوى ضبط تركيبة الهياكل، أو اختيار الكفاءات، أو إعداد شروط العمل الملائمة.

ثالثا، فإن عقد اللقاء الأخير بقصر قرطاج في هذا التوقيت، وبحضور كل الأطراف الوزارية المعنية مباشرة بالمجلس، يعطي انطباعا واضحا بأن الخطوات العملية انطلقت فعليا، وأن المرحلة القادمة ستشهد صدور القرارات التنفيذية التي تمهّد لانعقاد أولى اجتماعات المجلس بعد تسمية اعضائه المحددين بالصفة في المرسوم.

كما تلوح في الأفق استحقاقات كبرى تتصل بواقع المنظومة التربوية، وفي مقدمتها العودة المدرسية والجامعية، والإعداد المسبق لمخططات إصلاحية هيكلية، كما تتزايد الحاجة إلى تنسيق استراتيجي بين وزارات التربية والتعليم العالي والتكوين المهني والشباب والثقافة، لمجابهة التحديات الجديدة مثل الانقطاع المدرسي، وهشاشة التشغيل، وتراجع التحصيل العلمي و غيرها من التحديات الاخرى.

و تتعالى منذ فترة أصوات المهنيين والخبراء والمجتمع المدني المطالبة بتفعيل هذا المجلس، باعتباره فضاء يسمح بتوحيد الرؤى، وضبط الأولويات، ومتابعة تنفيذ البرامج الوطنية التربوية.

وينظر إلى تفعيل المجلس الأعلى للتربية على انه يمكن ان يكون فرصة جديدة لإصلاح المنظومة التعليمية، بشكل يستجيب لحاجيات التلاميذ والطلبة والمتكونين، ويراعي طبيعة التحديات التنموية المطروحة أمام الدولة.

Related posts

حالة الطقس هذه الليلة

Moufida Ayari

الحماية المدنية : 6 وفيات و 288 اصابة خلال الـ 24 ساعة الفارطة

yosra Hattab

وزارة التجارة تحدد أسعار البيض والدجاج والغلال

رمزي أفضال

Leave a Comment