37.1 C
تونس
12 أغسطس، 2025
وطنية

في وجوب تلازم قانون المالية بمخطط التنمية

مع الاقتراب تدريجياً من الثلاثية الثالثة من السنة، تتسارع الخطى نحو الانتهاء من صياغة النسخة النهائية لمشروع قانون المالية للسنة المقبلة، الذي يحمل تحدياً أساسياً يتمثل في ضرورة التلازم والتكامل مع المخطط التنموي الوطني.

وقد شدد رئيس الجمهورية مؤخراً على أهمية هذه العلاقة التي لا يمكن فصلها، باعتبارها شرطاً حيوياً لاستكمال البناء المؤسساتي الجديد الذي تسعى تونس إلى تحقيقه، إذ إن هذا البناء يستلزم تنزيل روح الدستور على أرض الواقع، من خلال ربط السياسة المالية بالأهداف التنموية الكبرى للبلاد، وليس الاقتصار على إعداد قانون مالي تقليدي يقتصر على الأرقام والإيرادات.

و في هذا السياق، تتجلى أهمية الربط بين قانون المالية والمخطط التنموي في كونه يضمن توجيه الموارد بشكل استراتيجي يدعم المشاريع الكبرى، ويعزز النمو الاقتصادي ويرسخ العدالة الاجتماعية. ويمنع هذا التكامل التشتت في الإنفاق العام أو تبديد الموارد على برامج غير متسقة مع الأهداف الوطنية.

كما يساهم في تعزيز التنسيق بين الوزارات والمؤسسات المختلفة، ويخلق رؤية موحدة واضحة تتيح متابعة تنفيذ السياسات بكفاءة وفعالية و يوفر ايضا هذا التلازم إطارا للتقييم الدوري للإنجازات، مما يساعد على تصحيح المسارات وضمان أن تتحقق التنمية المستدامة المرجوة. وفي ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها بلادنا، يصبح من الضروري أن يتحول قانون المالية إلى أداة ديناميكية تدفع البلاد تأبى ان تكون مجرد وثيقة رقمية تقليدية.

هاهاها صح، كثرت “يبدو”! خليني أعطيك نسخة فيها تنويع أكثر، توازن بين التقديم والتوضيح بأسلوب أكثر تنوعًا:

ويبدو ا،ذ تنزيل أركان الدولة الاجتماعية ركيزة لا غنى عنها لتحقيق العدالة والاستقرار الوطني في تونس و لا يمكن لهذا الهدف لا يمكن أن يتحقق من خلال الشعارات فقط، بل يتطلب إجراءات مفصلة ضمن المخطط التنموي الوطني تشمل قطاعات التعليم، والصحة، الحماية الاجتماعية، وفرص العمل، مع وضع جداول زمنية واضحة لمتابعة التنفيذ.

ومن جهة أخرى، يأتي قانون المالية كأداة تنفيذية حيوية لترجمة هذه الخطط إلى واقع ملموس عبر تخصيص الموارد المالية اللازمة لدعم السياسات الاجتماعية. في المقابل، كانت الاعتراضات السابقة تركز على المخاوف المتعلقة بالتوازنات المالية العامة، مثل العجز المتزايد في الميزانية وتصاعد الدين العمومي.

وقد بات من الضروري تبني رؤية متوازنة تجمع بين الطموحات الاجتماعية والقدرات المالية للدولة. ويستلزم ذلك إجراء إصلاحات هيكلية، وتعزيز فعالية التحصيل الضريبي، وترشيد الإنفاق مع الحفاظ على مبادئ العدالة الاجتماعية، لتجنب تفاقم العجز وضمان استدامة التمويل، مما يسهم في تحقيق تنمية شاملة ومستقرة.

و لعل من الضروري اليوم التسريع باستكمال الصيغة الأولية لمخطط التنمية 2026-2030 أو على الأقل ضبط ملامحه الكبرى، حتى لا تنفصل أولويات التخطيط التنموي عن الخيارات المالية التي سيتضمنها مشروع قانون المالية لسنة 2026.

إن الإطار المرجعي لأي سياسة مالية متوازنة ينبغي أن ينبني على رؤية واضحة المعالم، تترجم في برامج ومشاريع تتماشى مع منوال تنموي ، وإذا كانت الميزانيات السابقة تُنتقد أحيانًا لانفصالها عن أهداف تنموية فعلية، فإن الفرصة ما تزال قائمة لتجاوز هذا الإشكال من خلال التلازم في الإعداد بين الوثيقتين، بما يضمن التكامل في الرؤية والنجاعة في الإنجاز.

و يُعدّ تحقيق التلازم بين إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2026 ومخطط التنمية 2026-2030 تحدّياً بالغ الأهمية، لكنه ليس خالياً من الصعوبات، فمن أبرز التحديات التي تعيق هذا التناسق غياب التمويلات الضرورية الى جانب ضعف التنسيق أحياناً بين الهياكل الحكومية المعنية بالمالية والتخطيط، و ما تتطلبه عملية إعداد المخطط من مشاورات قطاعية وجهوية معمّقة، تستغرق وقتاً ولا تتماشى دوماً مع الأجندة الزمنية الصارمة لإعداد قانون المالية. كما أن تعدّد الأولويات والضغوطات الاقتصادية والاجتماعية قد يُفضي إلى تقديم حلول ظرفية في قانون المالية بدل ترجمة خيارات استراتيجية بعيدة المدى.

لكن رغم هذه التحديات، فإن الحاجة إلى تجاوزها تبدو ملحة أكثر من أي وقت مضى. فاقتصاد مثقل بالمديونية وبنسب نمو ضعيفة لا يمكن إنعاشه من خلال موازنات معزولة عن التخطيط. المطلوب اليوم إرادة سياسية واضحة لفرض نسق عمل منسجم بين الوزارات، واعتماد روزنامة تنطلق من المخطط كمرجع، ليُبنى عليه قانون المالية لا العكس.

وفي هذا السياق، تلوح فرصة تاريخية أمام تونس: أن تجعل من الإعداد المتزامن لمخطط التنمية وقانون المالية مناسبة لترسيخ تقاليد جديدة في الحوكمة، تؤسس لتناسق السياسات العمومية ووضوح التوجهات الكبرى. إنها فرصة لإرساء قاعدة صلبة لانطلاقة اقتصادية متماسكة، تؤمن الانتقال من مرحلة إدارة الأزمات إلى مرحلة استشراف الحلول وتحقيق النمو المرجو.

Related posts

رئيس الدولة يدعو للتحسّب “للمحاولات الإجرامية التي يُرتّب لها من يريد ضرب الاستقرار داخل البلاد خاصة في أفق تنظيم الانتخابات الرئاسية”

Na Da

بسبب “التضييقات مسلطة على المحامين أثناء أدائهم لمهامهم”: هيئة المحامين تقرر حمل الشارة الحمراء

Na Da

مدينة العلوم تنظم ملتقى علميا حول اللغة العربية و اقتصاد المعرفة

yosra Hattab

Leave a Comment