38.2 C
تونس
22 أغسطس، 2025
وطنية

أمام تفشي الجرائم السيبرانية: الحل في حسن التوعية

مع الانتشار غير المحدود للانترنات اصبح الفضاء الالكتروني بيئة خصبة لارتكاب جرائم متعددة تقوم على التحيل و القرصنة و السطو ما يضاعف الحاجة الى التوعية الى جانب الردع.

و بحسب الارقام الرسمية فإن عدد الجرائم الالكترونية خلال العام المنقضي ناهز الـ20 ألف وسجل الرقم ارتفاع بنسبة 10 بالمائة مقارنة بسنة 2023 وذلك بسبب انفتاح المؤسسة الاقتصادية على الانترنيت وأنظمة الذكاء الاصطناعي والخدمات الرقمية.

و أدى انتشار شبكات الانترنت وأنظمة الاتصال وأجهزة الكمبيوتر الى ظهور ما يعرف بالجرائم الالكترونية او السيبرانية وقد تم مؤخرا اصدار بطاقات ايداع بالسجن ضد تلميذ رسب في اختبار باكالوريا 2025 لكنه يشتبه في كونه اخترق منظومة اعلامية تربوية تخص الاعداد و تلاعب ببيانات تهم 12 تلميذا.

و تحذر وكالة الامن السيبرني بشكل متواتر من حيلات تصيد يقع ضحايا العديد من المواطنين الذين قد لا يجدون من طريقة لاسترجاع حقوقهم نظرا لخضوعهم الى عمليات تحيل معقدة و مركبة و متشابكة.

شبكات منظمة

وتنجح وحدات الأمن في الكشف عن شبكات منظمة تمتهن هذه الأفعال وتستغل ضعف الثقافة الرقمية لدى فئات واسعة من المواطنين، إذ تتعقب العناصر المشبوهة عبر مسارات مالية معقدة وتفكك خيوط عمليات متشعبة تمتد عبر عدة دول.

وتبين التحقيقات أن بعض هذه الشبكات تدير مراكز نداء غير مرخصة تستعمل كغطاء للحصول على بيانات حساسة من ضحايا أجانب ثم توظفها في سحب الأموال وتحويلها عبر وسطاء مقابل عمولات بسيطة.

ويكشف حجز الحواسيب والمعدات الرقمية عن حجم النشاط المحترف لهذه المجموعات التي توظف البرمجيات الخبيثة وتقنيات الهندسة الاجتماعية لاستدراج الأفراد وإقناعهم بالكشف عن معطياتهم الخاصة.

ويعتمد بعض المجرمين على انتحال هويات شخصيات معروفة أو أقارب مزعومين للتواصل مع الضحايا عبر منصات مثل واتساب أو فيسبوك، حيث يطلبون مساعدات مالية عاجلة أو يدّعون أنهم يملكون فرصا مغرية للاستثمار أو العمل، وهو ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى خسائر مالية جسيمة وضياع بيانات شخصية يصعب استرجاعها. وتؤكد التقارير أن عددا متزايدا من الشباب التونسي أصبح عرضة لمثل هذه الأساليب بحكم قلة الوعي بخطورة مشاركة المعلومات أو الضغط العاطفي الذي تمارسه الرسائل المضللة.

وتتسع دائرة الجرائم السيبرانية لتشمل الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت، إذ تتعامل الجهات الأمنية والقضائية مع قضايا تورط فيها أفراد أو شبكات تستهدف القاصرين من خلال إغوائهم وإقحامهم في أنشطة إباحية يتم تصويرها وتبادلها مقابل مبالغ مالية أو بهدف الابتزاز.

 وتشكل هذه الجرائم تهديدا مزدوجا للأمن المجتمعي وللنفسية الفردية، وتفرض على العائلات متابعة سلوك أبنائها الرقمي وتوجيههم نحو الاستخدام الآمن للتكنولوجيا.

كما تمثل قرصنة الملكية الفكرية وإنتاج النسخ المقلدة من البرمجيات أو الأعمال الرقمية أحد أبرز أشكال الانتهاك الذي يلحق الضرر بالمبدعين ويضعف سوق الابتكار.

 وتتعمد بعض الأطراف إعادة نشر أو بيع منتجات رقمية دون إذن أصحابها، مما ينعكس سلبا على الاقتصاد الرقمي الوطني ويخلق مناخا غير آمن للمستثمرين في مجالات التكنولوجيا والإعلام.

ويبرز ضمن هذا السياق خطر التلاعب بالبطاقات المصرفية والنقود الإلكترونية، حيث يتم نسخ أو تزوير هذه الوسائل واستعمالها في عمليات شراء أو سحب غير قانونية، وهو ما يدفع البنوك والمؤسسات المالية إلى تطوير أنظمة مراقبة أكثر دقة وقدرة على التعرف السريع على الأنشطة المشبوهة. ويشير خبراء الأمن الرقمي إلى أن عمليات التزوير هذه غالبا ما تنفذ عبر شبكات إجرامية عابرة للحدود، مما يصعّب مهمة تتبعها ويجعل التعاون الدولي أمرا ضروريا.

ضرورة نشر الثقافة الرقمية

وتطرح هذه التحديات المتنامية سؤالا جوهريا حول سبل التصدي الفعال للجرائم السيبرانية، حيث لا يكفي الاعتماد على الردع القانوني فقط، بل يستوجب الأمر نشر ثقافة رقمية واسعة النطاق تشمل المؤسسات التعليمية ومراكز التكوين المهني والمجتمع المدني. وتعمل بعض الجمعيات على تنظيم ورشات للتوعية تستهدف فئات عمرية مختلفة وتشرح بأسلوب مبسط طرق الحماية من الاحتيال الرقمي وأهمية التثبت قبل مشاركة أي بيانات شخصية على الشبكة.

وتلعب وسائل الإعلام دورا محوريا في هذا المجال من خلال تقديم محتوى تحسيسي يعرض أمثلة واقعية لضحايا هذه الجرائم ويوضح الخطوات التي كان يمكن اتخاذها لتفاديها، مما يسهم في خلق وعي جماعي يحد من فرص نجاح المخططات الإجرامية، ويعزز هذا الوعي قدرة الأفراد على رصد المؤشرات المبكرة لعمليات الاحتيال مثل الروابط المشبوهة أو الرسائل التي تطلب معلومات مالية بشكل عاجل.

ويشدد الخبراء على أن الوقاية تبدأ من المستعمل نفسه، فكل فرد يتحمل جزءا من المسؤولية في حماية بياناته من خلال اتباع ممارسات بسيطة مثل استعمال كلمات مرور قوية وتغييرها دوريا، وتجنب الدخول إلى المواقع غير الموثوقة، والحرص على تحديث البرامج والأجهزة بشكل مستمر. كما يعد التثبت من هوية المتصل أو المرسل قبل الاستجابة لأي طلب أمرا أساسيا لتجنب الوقوع في الفخ.

ويؤكد المختصون أن التطور التكنولوجي، رغم ما يحمله من فرص للنمو والابتكار، يفتح الباب أمام أشكال جديدة من المخاطر، مما يفرض على الدول والمجتمعات أن تبقى يقظة وأن تستثمر في بناء قدرات دفاعية قادرة على مجاراة سرعة الابتكار لدى المهاجمين.

Related posts

وزيرة الأسرة والمرأة تعطي إشارة انطلاق توزيع 403 إشعارا بالموافقة على تمويل دفعة جديدة من المشاريع النسائيّة بمختلف ولايات الجمهوريّة بقيمة 5.5 مليون دينار

رمزي أفضال

تونس تدين بأشدّ العبارات العد_وان الصهيو_ني على قطاع غزّ_ة

Moufida Ayari

الطقس هذه الليلة

Moufida Ayari

Leave a Comment