يرى العديد من المهتمين بالشأن العام أن المرحلة القادمة في تونس ستكون و يتوقعون خريفا احتجاجيا نتيجة تفاقم الشعور بالإحباط من أن المشهد السياسي الجديد مع الرئيس قيس سعيّد “فشل” في إيجاد الحلول الاقتصادية و الاجتماعية، فيما يتوقع آخرون إجراءات فعلية لترميم حجم الخراب الذي خلفته الأزمة الاقتصادية و الاجتماعية على التونسيين …هذه النقاط و غيرها تحدثت فيها 24/24 مع أحمد نجيب الشابي :
تقييمك للوضع العام في البلاد اليوم ؟
الوضع العام متدهور ,بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية و الاجتماعية التي لم تشهد البلاد مثيلا لها من قبل و التي تُهدد بانهيار الكيان الاجتماعي , أزمة سياسية غير مسبوقة ,و في المقابل رئيس الجمهورية غير مُبال للمجتمع التونسي بقواه الحية و بأحزابه السياسي و بالمجتمع المدني ,يُواصل املاء ارادته عبر الاعتماد على سلطة الدولة العميقة ,ناهيك الإجراءات الأخيرة التي اتخذها و التي تُنير طبيعة هذا النظام و تكشف تمشيه و أهدافه, قانون انتخابي يُحاصر الأحقية في الترشح التي باتت تقتصر على من يستطيع كسب التزكيات المحلية ,مرسوم 54 و ما يحمله من قمع على وسائل الاتصال الالكترونية, و ثالثا ايقافات بالجملة في حق شخصيات وطنية و التنكيل بها في التحقيق على غرار , رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي و رئيس الحكومة الأسبق علي العريض, و بالتالي رئيس الجمهورية ينتهج سياسة الاستهداف في حق رموز الحركة السياسية و الاجتماعية التي تتجرأ على نقده و رفض مساره .
موقفكم من القانون الانتخابي الجديد؟
نحن نرفض رفضا مطلقا لهذا القانون العقيم و الذي تفرد بصياغته رئيس الجمهورية كالعادة, لما يحمله في طياته من اقصاء و تعسف حرية المترشح و تقييده , عبر اجباره على الترشح في الدائرة التي يُقيم بها ,إضافة الى صعوبة تطبيق الشرط المتعلق بتوفير 400 تزكية و هذه في نهاية المطاف شروط تعجيزية , مع تمكين الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من صلاحيات مُطلقة ,خلاصة القول هذا القانون غير صالح للمشاركة الانتخابية بالإضافة الى انها انتخابات ساقطة قبل بدايتها, هو مجرد قانون يُكرس بناء النظام القاعدي , و من المرجح ان يتم مقاطعة هذه الانتخابات مقاطعة كلية لا سيما بعد رفضها و تقريبا من كل القوى السياسية باستثناء حزب التيار الشعبي و حركة البعث و حركة تونس الى الأمام.
هل حافظ القانون الانتخابي على مكتسبات المرأة في الحياة السياسية؟
القانون الانتخابي الجديد أنسف مبدأ التناصف الذي أقره دستور 2014 الذي مكن المرأة من قفزات ضوئية , التناصف في تونس قفز في مستوى البلديات أكثر من ألمانيا ,عدد النائبات في المجلس النيابي المنحل محترم جدا و فيه تمثيلية واسعة للمرأة و لكن هذا المرسوم عاد بالمرأة الى النقطة الصفر عما كانت عليه, و سينعكس ذلك سلبا في قادم الأيام.
هل من توضيح حول تصريحك بان طرح ملف التسفير فقط من اجل الهاء الرأي العام عن مشاكله الحقيقية ؟
فتح ملف التسفير في هذا الوقت بالذات الغاية منه ,الهاء الناس عن قضاياهم الحقيقية عن فقدان المواد الأساسية من حليب و زيت نباتي و سكر و قهوة و اساسيات حياتية يومية , اليوم المواطن التونسي يواجه الأمرين من أجل تحصيل قوت يومه حتى الماء مفقود و هذه في حد ذاتها نكبة للدولة ضف الى ذلك غلاء الأسعار انهيار المقدرة الشرائية , في المقابل رئيس الجمهورية يفتعل الازمات السياسية لتوجيه الاهتمام نحوها و ابعاد الناس عن معاناتهم الاقتصادية و الاجتماعية ,و هذا في حد ذاته خورٌ لان الشعب التونسي اليوم أولوياته اجتماعية حياتية بالأساس , و لذاك أعتقد انه يجري ضد التيار لان التيار الَاَن يهرول بأقصى سرعة نحو احتدام أزمة سياسية و اجتماعية و لن يكون لها حل , سوى العودة الى النظام الديمقراطي ,و تشريك كل الأطراف السياسية لحلحلة الأمور و انقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان .
قراءتك لعلاقة رئيس الجمهورية بالوسائط الاجتماعية؟
من طبيعة التفكير الشعبوي , الغاء الوسائط التي تُمثل المجتمع و عن طريقها تتم صياغة قرارات المستقبل, و تعويضها بشخصية القائد الملهم , الذي يُنصب نفسه حامي الحماة , و يسعى لاقناع الناس انه الراعي و ايهامهم بالحقيقة المزورة , و كمثال الشعب الحقيقي ليس من رفض التصويت بل الأقلية التي صوتت و ساندت المسار ,فهذه العلاقة المباشرة ,هي التي يتأسس عليها النظام الحالي و هي تصورات خرافية ,لم تثبت في أي عصر و لن يكون لها مستقبل في تونس , و الجدير بالذكر وجود عدة مؤشرات تدل على استهداف الاتحاد العام التونسي للشغل في “رأسه وهيئاته” من قبل السلطة الحالية, و المسألة مسألة وقت لا غير و الأيام ستثبت ذلك .
كيف تقييم بوادر انفراج العلاقة بين الرئيس واتحاد الشغل ومنظمة الأعراف؟
انا شخصيا أرى ان ملامح وجهي كل من نورالدين الطبوبي و ماجول لخصت كواليس اللقاء الذي جمعهما برئيس الجمهورية قيس سعيد، لأنه لو تم تقديم العزاء لهما لقبلا به ,وجوه مُكفهرة , مُصفرة ,مع غياب التصريحات الإعلامية ,دون التعليق على مواضيع الساعة رغم أهميتها الكبرى ,بحيث ان قراءتي الذاتية ترجح ان هناك ممارسة للتهديد يتوخاها قيس سعيد تجاه المنظمات الاجتماعية.
الاتحاد العام التونسي للشغل تحمل مسؤولية أن يُمضي على هذه الاتفاقية ,و الواضح ان هذا الاتفاق لا يتماشى مع حقيقة الواقع الاجتماعي ,من حيث ارتفاع الأسعار و تزايد نسب التضخم ,و بالتالي الأمور لا تتساوى , تونس في ازمة تتطلب التضحية , و هذا صحيح , و لكن لا بد ان نُضحي جميعنا في اطار التشاور دون أن يُضحي بعضنا بالبعض الاخر, لأنه لا أعلم الى أي مدى يُعتبر قرار الاتحاد من باب التضحية الشعبية ,و قد لا يكون ذلك ,مع العلم اني شخصيا و هذا موقف مشترك في الجبهة نتحفظ على تقييم أداء و مواقف الاتحاد الحالية تُجاه الأزمة السياسية , و الازمة الاقتصادية الاجتماعية , نحن مع انقاذ البلاد و مع التضحية الجماعية طوعا و ليس اكراها . وسنرى مدى قدرة هذا الاتفاق في امتصاص غضب التونسيين و هل سيصمد أمام تفاقم التدهور الاقتصادي و الاجتماعي.
بعد مرور أكثر من عام هل يمكن الحديث اليوم على توحيد صفوف المعارضة؟
المتعارف عليه اليوم بين الأحزاب هو أننا بلغنا مستوى وحدة الهدف، و هذا الأساس , كلنا نعمل على نفس الاتجاه هذا في حد ذاته مكسب هام لم يكن موجود في السنة الماضية , وحدة الصف بالغة الأهمية و ستكون لها تأثيرات كبرى في قادم الأيام ,المهم اليوم هو تصويب الجهد في نفس الاتجاه على الرغم من التفرقة , هناك نظرة تفاؤلية المعارضة تتقارب في التشخيص في العمل في التصويب و في الهدف و لما لا قريبا التنسيق من أجل تحركات شعبية مشتركة.
فيما تتمثل اهم برامجكم في الأيام القادمة؟
بالنسبة لي الشارع التونسي منكمش على نفسه فيما يتعلق بالحياة السياسية، لا مع المعارضة و لا مع رئيس الجمهورية , كان في بادئ الامر مع قيس سعيد و لكنه نفض يديه فيما بعد, الشارع مهموم و مُنكب على وضعه الاقتصادي و الاجتماعي مع العلم أنه مُرجح للانفجار في وجه السلطة.