في مشهد مهيب امتزجت فيه كلمات الشاعر أبي القاسم الشابي ” حماة الحمى يا حماة الحمى .. هلموا هلموا لمجد الزمن” بكلمات الشاعر سعيد المزين ” فدائي فدائي فدائي … يا أرضي يا أرض الجدود ” وقف جمهور مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي بكل خشوع وإجلال للنشيدين الوطنيين الفلسطيني والتونسي في سهرة كان عنوانها الرئيسي “فلسطين”.
جمهور غفير جدا من مختلف الشرائح العمرية تحول إلى مدينة الثقافة لحضور “سهرة التضامن مع الشعب الفلسطيني” و للتعبير عن مساندته للشعب الأبيّ اثر الاعتداءات الغاشمة التي يتعرض إليها منذ يوم 7 أكتوبر الجاري من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي ، خاصة وأن عائدات هذه السهرة التضامنية التي نظمها مسرح أوبرا تونس تحت إشراف وزارة الشؤون الثقافية وبالتنسيق مع الهلال الأحمر التونسي ستخصص كمساعدات إنسانية وصحية للشعب الفلسطيني .
بكلمات مؤثرة جدا تعبر عن مساندة الشعب التونسي المطلقة للقضية الفلسطينية استهلت الممثلة جميلة الشيحي والإعلامي الحبيب جغام هذه السهرة قبل أن يفسحا المجال لكورال الأطفال “سيدي سامي” ليغني بكل براءة وحماس مصحوبا بالكورال الوطني وأصوات أوبرا تونس وبقيادة المايسترو فادي بن عثمان أوبيرات “الحلم العربي”.
أمام فرقة موسيقية متكونة من 65 عازفا و95 منشدا وشاشة عملاقة مررت عليها صور من فلسطين ومن وقفات المساندة التي احتضنها شارع الحبيب بورقيبة على مدار هذا الأسبوع، توسط كورال الأطفال ركح مسرح الأوبرا ملتحفون بالكوفية الفلسطينية، ليمرروا رسالة إلى كل العالم وإلى أطفال فلسطين مفادها أن القضية الفلسطينية هي القضية الأم التي توارثتها الشعوب العربية أجيالا وراء أجيال ..
أما الفقرة الثانية من هذه السهرة التضامنية التي واكبتها وزيرة الشؤون الثقافية الدكتورة حياة قطاط القرمازي ووزير التربية السيد محمد علي البوغديري ومستشار رئيس الجمهورية وليد الحجام وأعضاء من السفارة الفلسطينية في تونس، فقد أثثتها الفنانة درصاف الحمداني في حين قاد المايسترو كمال الفرجاني الأوركسترا، وعلى صوت أجراس الكنائس وصورة القدس التي أضاءت المكان تميزت الحمداني بإحساسها المرهف في أداء أغنية ” زهرة المدائن ” للسيدة فيروز ، قبل أن تفسح المجال للكورال الوطني وأصوات أوبرا تونس لأداء أغنية لتوفيق زياد والتي تقول كلماتها ” يا شعبي يا عود الند .. يا أغلى من روحي عندي … إنا باقون على العهد .. إنا باقون ” .
ولأنه فنان مسكون بحب فلسطين وملتزم بالقضية الفلسطينية وبأوجاع الشعب الفلسطيني وهمومه هزّ صوت الفنان لطفي بوشناق جدران مسرح الأوبرا بأغنية “خليك صامد يا فلسطيني”، قبل أن يشحذ الهمم ويوجه رسالة مفعمة بالسلام من خلال أغنية “أنا العربي”.
مارسيل خليفة، أحد أهم الفنانين العرب الملتزمين بالقضية الفلسطينية، كان الغائب الحاضر عن هذه السهرة، حيث أرسل مارسيل فيديو قصير عبّر خلاله عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني الأبي . ولمارسيل خليفة، أدى الكورال الوطني وأصوات أوبرا تونس أغنية “إني اخترتك يا وطني” كلمات علي فودة .
بفستان من التراث الفلسطيني، أطلت الفنانة لبنى نعمان مرتدية العلم الفلسطيني لتشدو بأشهر ما غنت الفنانة الفلسطينية الراحلة ريم البنا ” احكي للعالم” من كلمات سميح القاسم ،ولسيد الشعر والكلمة محمود درويش رددت لبنى نعمان صحبة الحضور أحد أبرز قصائده أو بالأحرى قصيدة التحدي في وجه الموت ” على هذه الأرض ما يستحق الحياة”.
سهرة التضامن مع الشعب الفلسطيني لم يلب ندائها فنانون من تونس فحسب وبل ومن العالم العربي، حيث رحبت الفنانة الأردنية مكادي نحاس بالدعوة التي وجهت إليها، وببساطتها المعهودة وصوتها الملائكي أطربت الحضور بأغنية ” يا ظلام السجن خيّم” للشاعر “نجيب الريس”. ومن التراث الفلسطيني غنت مكادي نحاس ” يا عمي يابو الفانوس” و”يما مويل الهوى” قبل أن تتميز بصوتها الساحر في “الهي أعدني إلى وطني” لمحمود درويش .
في بداية الحديث عن هذه السهرة قلنا أن عنوانها الرئيسي “فلسطين” ولأن عنوانها فلسطين، لم يكن أفضل من أن يكون مسك ختامها نشيد “موطني” بصوت مكادي نحاس.
سهرة التضامن مع الشعب الفلسطيني لم يكن حدودها جدران وركح مسرح أوبرا تونس فقط، حيث تم دعوة الحضور إلى عرض مضيء للعلمين التونسي والفلسطيني وللكوفية الفلسطينية وخريطة فلسطين على برج مدينة الثقافة .