12.9 C
تونس
18 ديسمبر، 2024
حوارات

عصام الشابي :”الانتخابات التشريعية القادمة ستكون بلا روح بمثابة المأتم الانتخابي بلا منافسين و لا جمهور”

يرى العديد من الخبراء ,أن تزامن الاحتجاجات في عدد من مدن البلاد, يُعبّر عن معاناة المواطنين, واستشراء الفقر والبطالة, محذّرين من انفجار عام ومن انهيار الوضع الاجتماعي والسياسي الذي بات وشيكا, رغم ان السلطة تسعى الى طمأنة الشارع بكل الوسائل و قطع الطريق امام المعارضة كي لا تستثمر في غضب المواطنين ..حول هذه المواضيع الاَنية و غيرها كان لـ24/24 الحوار التالي مع عصام الشابي :  

كيف تفسر واقع المشهد السياسي اليوم؟

بلادنا تمر بأزمة خطيرة غير مسبوقةꓹ تنذر  بكل العواقب الوخيمة نتيجة الفشل الذريع لمنظومة 25جويلية ꓹ في إدارة دواليب الدولة و استنباط الحلول العمليةꓹ المواطن التونسي يئن تحت وطأة لهيب الأسعار و تحت وقع انهيار مقدرته الشرائية ꓹ تحت وقع فقدان المواد الأساسية من الأسواق , و تحت وقع اليأس, حتى أصبحت العائلات التونسية تُغامر و تركب قوارب الموت بصورة جماعية نساء , رجال و أطفال, نتيجة الواقع المتأزم و كعنوان لاستفحال حالة اليأس, و فقدان الثقة في المستقبل , و نحن كحزب جمهوري نقول أن  المسؤول عن ذلك دون سواه :  هو رئيس الجمهورية قيس سعيد, و الذي خير استغلال الصعوبات التي تمر بها البلاد, و قام باختطاف المسار الانتقال الديمقراطي , و انقلب على الشرعية و بالتالي ارتهان الحياة السياسية ,و الحياة العامة و الدولة , و هذا الوضع جعل من تونس مع الأسف مضْرب أمثال للفشل السياسي و الاقتصادي.

قراءتك للوضع العام ؟

بلادنا اليوم مهددة بانفجار اجتماعي، جميع دول العالم ,المؤسسات المالية العالمية و التي تُعنى بأوضاع الدول الاقتصادية و المالية ,تضع تونس في طليعة الدول التي يهددها خطر الإفلاس و الانهيار الاقتصادي, و ذلك في ظل استمرار التعاطي بسياسة الهروب الى الأمام, والانكار التام لهذه الأزمة و لتداعياتها الاجتماعية الخطيرة, و في المقابل قيس سعيد يحتكر كل السلطات بين يديه ,كل اهتمامه ينصب في إيجاد نظام سياسي جديد, يكون على قياسه, طوع بنانه  لتكريس و فرض سيطرته و انفراده بالحكم , مع الغاء كل مؤسسات الديمقراطية و التعديلية و الرقابية ,مع خرق حرية الاعلام و التعبير, ساعيا الى تنظيم انتخابات فاقدة لكل المعايير الدولية , في مناخ غير انتخابي و غير ديمقراطي , تُحيط به أزمة خانقة ,تحت اطار دستور ضرب كل مقومات الديمقراطية التي اقرها دستور 2014 و الذي كان وليد الثورة التونسية, دستور جديد ألغى فيه مبدأ التفرقة و التوازن  بين السلط , و كل رقابة لأعمال السلطة التنفيذية ,و الغى فيه السلطة القضائية و دورها, و قام مؤخرا بطريقة أحادية  تغيير قوانين المنافسة الانتخابية ,و نسف القانون الانتخابي بمرسوم فردي , و بذلك أجهز نهائيا على الديمقراطية التعددية التي تقوم على التعددية الحزبية و دورها في تأطير المواطنين ,و المساهمة في الحياة العامة , بتقديم الحلول و البرامج و الرؤى و التنافس حول الانتخابات, رئيس الجمهورية قام بتقليم البرلمان عبر الغاء كل سلطاته ,و ها هو بصدد الاتجاه نحو انتخابات, شعارها اقصاء الأحزاب و النخبة, ليجعل من البرلمان المرتقب غرفة رجع صدى لإرادته و سياسته الأحادية.

البلاد التونسية على أبواب انفجار اجتماعي , سياسة الهروب الى الامام وصلت الى نهايتها , و ما لم تتوفر إرادة وطنية صادقة لإنقاذ البلاد و العودة الى المسار الدستوري و الديمقراطي , فانه سيكون ما لا يحمد عقباه و سيخلف هذا الانفجار جراح ربما سنكون غير قادرين على لملمتها و سيكلف المجموعة الوطنية كلفة باهظة.

قراءتك للمرسوم الانتخابي و مدى تأثيره على المشهد السياسي في قادم الأيام؟

 المرسوم عدد 55 و المتعلق بالقانون الانتخابي ,هو وسيلة للقضاء نهائيا على المنافسة الانتخابية ,الغاء كلي للعملية التنفسية القائمة على البرامج و على دور الأحزاب في تأطير و تعبئة الرأي العام ,و العودة الى انتاج برلمان فارغ من الخبرات و الطاقات و الكفاءات , يقتصر دوره على تنفيذ قرارات رئيس الجمهورية , في تونس لن يكون هناك برلمان و لا حياة برلمانية ,و لا أغلبية تحكم , و لا كُتل برلمانية ,اختيار قيس سعيد على نظام الاقتراع على الافراد في دورتين ,على مستوى المعتمديات, هو سيفرغ العمل البرلماني , هذا القانون سينتج برلمان متكون من 161 نائب لا سياسي بينهم , كيف ستكون برامجهم, سيتم فقط الاعتماد على الجهويات و العروشية ,و على النفوذ المحلي و المال الفاسد الذي سيقتحم العملية الانتخابية من الباب الكبير, ناهيك عملية التزكيات التي فرضها المرسوم الانتخابي , ستعمق التضييق في حرية الترشح , بالإضافة الى بند سحب الوكالة من النواب و الذي سيظل سيف مسلط على رقاب هؤلاء النواب اذا ما خرجوا عن قواعد بيت الطاعة ,خلاصة القول ان  انتخابات 17 ديسمبر القادم بقيادة رئيس الجمهورية قيس سعيد ستكون المحطة الأخيرة للمسار الانقلابي وفي غلق قوس الديمقراطية و محاولة إرساء نظام فردي ,أشبه بنظام الجماهيرية الاشتراكية الليبية العظمى , نظام يقوم على مبدأ من تحزب خان و اللجان في كل مكان, هذا هو البرنامج و هذه هي الخطة التي يسعى الى اتمامها قيس سعيد و التي نرفضها شكلا و مضمونا و ندعو جميع المواطنين الى رفضها و مقاطعتها كما قاطعوا الاستشارة الالكترونية , و الاستفتاء , و بدوري أتوقع انها ستكون انتخابات بلا روح ستكون بمثابة المأتم الانتخابي بلا منافسين و لا جمهور.

الى ماذا يرمي المرسوم 54؟

ان مسار إرساء نظام مغلق و ديكتاتوري يقتضي بلوغ مرحلة تكميم الافواه, لأن في مناخ الحرية لا يستطيع المستبد ان يواصل طريقه, و المسار الديكتاتوري عموما يتدرج في ضرب المربعات مربعا تلوى الاخر و المرسوم 54 يُعتبر المحطة الأخيرة لافلاس النهج السياسي لمسار 25 جويلية الذي أصبح يضيق ذرعا بالرأي الَخر و بحرية التعبير و يعمل على اسكات كل الأصوات و تجريم كل ما يمت بصلة الى العمل الحر و ذلك بتسليط أقصى العقوبات البدنية و المالية ,السالبة للحرية على من يُخالفون الرأي.

كيف ترى دور الاتحاد العام التونسي للشغل في هذه المرحلة ؟

كل الاتفاقيات التي تُبرم مع الحكومة ,تُساههم في تهدئة الأوضاع و إرساء هدنة اجتماعية مُرحب بها , بيد أن تقييمها و نجاحها هي من شأن الاجراء و العمال و النقابيين  و المنخرطين صلب المنظمة الشغيلة ,أما على مستوى الشأن الوطني أرى ان الاتحاد اختار ان يرتد الى المربع الاجتماعي  يقتصر دوره على المفاوضات الاجتماعية و بالتالي تخلى عن دوره الوطني في كل ما يتعلق بالشأن العام , بخصوص الدستور اختار بأن لا يكون له دور في الدفاع عن دستور الجمهورية الثانية و ترك الاختيار مفتوح الى منخرطيه و قواعده, الاتحاد  خرج عن دائرة التأثير في المسار السياسي الوطني ,و ارتضى لنفسه ان ينحصر دوره في المربع الاجتماعي  .

هل نجحت المعارضة في توحيد صفوفها؟

المعارضة التونسية على اختلافها و اختلاف توجهاتها نجحت في توحيد الهدف , وهو رفضها للانقلاب و تمسكها بإرساء نظام ديمقراطي و انقاذ البلاد من هذه الازمة السياسية و تداعياتها ,لكن وحدة الصف لم تحقق بعد, اليوم عندما نرى هذا الاجماع  الوطني على مقاطعة الانتخابات المهزلة  بين القوى الديمقراطية و القوى السياسية الحية في البلاد ,نفهم ان المعارضة تتقدم بخطى ثابتة , هذه القوى تؤكد على تمسكها بالديمقراطية و معارضتها لنهج الانقلاب, ناهيك العمل على عزل هذا المسار داخليا و خارجيا و خير دليل على ذلك ما صدر عن المحكمة الافريقية لحقوق الانسان والشعوب التي اعتبرت ما حدث في البلاد التونسية ,انقلاب , و اعتبار الأمر 117 مُخالف لدستور الجمهورية و الزم الدولة بالعودة الى الديمقراطية ,هذا القرار على غاية من الاهمية ,يسحب الشرعية كاملة عن مسار 25 جويلية و لا يمكن لانصار الرئيس ان يتعللوا كالعادة لان هذه الامر صادر عن محكمة حقوقية  افريقية حرة و تونس عضو فيها.

المطلوب من المعارضة اليوم مواصلة عملها الميداني  و المبدئي ,هناك تكتلات و جبهات تُناضل من اجل العودة الى المسار الديمقراطي .

موقفكم مما يحصل اليوم من اعتقالات ؟

نحن نرفض رفضا قطعيا ما تنتهجه  سلطة الانقلاب  من سياسة القبضة الحديدية والحلول الأمنية في مواجهة تنامي الحركات الاجتماعية في ظل عجزها التام عن معالجة الازمة الاقتصادية وتداعياتها

كما نُسجل الارتباك والتضارب في رواية وزارة الداخلية و الجهات المسؤولة للأحداث بين تفنيد رواية الاهالي و ابقاف رئيس بلدية المكان ومنح عائلة الضحية رخصة مشروع وصولا الى مباشرة الايقافات في صفوف شباب المنطقة ،ونُدين اعتماد وزارة الداخلية خطابا قديما متجددا قوامه التهديد وتلفيق التهم بما يؤشر لعودة دولة البوليس و ممارساتها المنبوذة.

كما نُحمل منظومة 25 جويلية وخطابها الشعبوي الأجوف  المسؤولية الكاملة عن تدهور الاوضاع العامة في البلاد وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بما تنطوي عليه من مخاطر خروجها عن السيطرة وتهديدها  للسلم الاهلية .

Related posts

عصام الشابي : “مبادرة اتحاد الشغل في اقتصارها على منظمات المجتمع المدني ستكون منقوصة و بلا حلول”

yosra Hattab

مصطفى عبد الكبير يدعو الدولة إلى مراجعة كل الاتفاقيات المتعلقة بملف الهجرة

سنية خميسي

رئيس اللجنة التأسيسية لبنك الإستثمار الافريقي : 22 دولة توافق على عضوية بنك الاستثمار الإفريقي.. وتونس معنية بالانضمام

محمد بن محمود

Leave a Comment