حاورته يسرى حطاب
تشهد الساحة السياسية العديد من التجاذبات في ظل غليان الشارع التونسي الذي أصبح ملاذ الاطياف السياسية على اختلاف توجهاتها للتعبير عن غضبها و رفضها لما اَلت اليه الاوضاع الاقتصادية و الاجتماعية من تدهور غير مسبوق.. هذه النقاط و غيرها تجدونها في الحوار التالي مع الوزير الاسبق ناجي جلول :
هل نجح رئيس الجمهورية فعلا في محاربة الفساد؟
البلاد التونسية تمر بمرحلة صعبة ,تونس تعيش فترة سوء حوكمة و ادارة ,ما نعيشه من ازمات يبدو انها مفتعلة على غرار شح و فقدان المواد الأساسية و من ثم ضخها في السوق بأثمان مرتفعة , و هذا الخطير ,و الهدف من ذلك رفع الدعم تدريجيا , و هذا ما خلق ازمة ثقة ستنعكس سلبا في قادم الايام , لان الشعب التونسي عرف عبر التاريخ رجل دولة يُدعى الهادي نويرة , كان كلما زاد في تسعيرة احد المواد بـ5 مليم ,كان يُحيط الناس علما بذلك. مؤخرا معظم الاسعار في تونس تتم ليلا و هذا ما حطم سقف الثقة بين الحكومة و المواطنين ,الشعب التونسي تائه بين ازمة ثقة من جهة و أزمة سيولة من جهة أخرى. حكومة فاشلة, لا تهتم لا للتعليم , و لا النقل , و لا الصحة , أعظم انجازاتها خلاص أجور الموظفين اخر الشهر.و الكارثة هي ايهام الناس بمشاريع فاشلة على غرار الشركات الاهلية التي فشلت في كل انحاء العالم , بيد ان طغيان الجانب الايديولوجي على الجانب السياسي لدى رئيس الجمهورية.
– دعوت الى تكوين جبهة لـ “مسار تصحيحي” ماهي مكوناتها و اهدافها؟
نحن الان في مرحلة انقاذ الدولة التونسية , و وجهنا الدعوة الى كل المنظمات و الاحزاب باستثناء الممولة من الخارج الى التكتل من اجل مشروع واحد, الا و هو تأخير هذه الانتخابات اسقاط مشروع البناء القاعدي ,لأن مشروع البناء القاعدي يحمل في طياته نهاية الدولة التونسية, هو عكس توجه بناء الدولة الوطنية, الدولة التونسية التي سعت عبر التاريخ الى بناء دولة مركزية, من خلال القضاء على القبلية و العروشية ,و الجهوية و لكن هذا التمشي سوف يُعيدها و اتعس مثال على ذلك دولة الصومال التي تعيش فوضى منذ 40عاما نتيجة البناء القاعدي ,مشروع البناء القاعدي هو مشروع متكامل و هناك تيار عالمي اليوم يُنظر له, و يسمى بتيار ما بعد الدولة و يبدو ان قيس سعيد, منخرط في هذا الطريق. ,
هل يسعى رئيس الجمهورية الى الغاء دور الاحزاب ؟
لا بد من الاشارة الى ان البناء القاعدي يتزامن مع الغاء الوسائط و التي هي الأحزاب رئيس الجمهورية يسعى الى نسف دور الاحزاب و المنظمات , لان بن علي لما رحل تواصلت مؤسسات الدولة نظرا لوجود وسائط تجمع بينها و لكن في ليبيا سقط القذافي فهيمنت الفوضى على البلاد الى حدود اليوم, و السؤال المطروح اليوم هو الدولة التونسية ما بعد قيس سعيد.
-ما الجدوى من تأجيل الانتخابات؟
لو يتم تأجيل الانتخابات لمدة 6أشهر مع اطلاق حوار وطني حقيقي حول قانون انتخابي يحفظ الدولة التونسية , يتم انتخاب برلمان يقوم هذا الاخير باختيار الدستور الذي يراه خيرا لتونس
.
ما المطلوب من الرئيس اليوم؟
ابناء الشعب التونسي اليوم بحاجة الى خطاب مُفعم بالأمل, خطاب يُحفز على العمل , و ينشر الطمأنينة بين الناس ان هذه المرحلة الصعبة ستمر و ستكون بلادنا خير رغم الصعوبات, عوض خطاب الشيطنة و الاستهزاء و الحط من قيمة رجال الاعمال والسياسيين الذي لم يؤدي الا الى احباط الشعب و فقدانه للأمل في غد افضل.
المطلوب من قيس سعيد, اليوم مصارحة الشعب, لان الكأبة سيطرت على الكل و التوجس اصبح خبزهم اليومي, لان الخطاب حول الغرف المغلقة و المحتكرين و المتآمرين حفظه جل التونسيين و التونسيات و ملوه, الناس تنتظر خطاب انجاز و مستقبل , مصالحة وطنية و شرعية لأنك الرئيس الشرعي و المنتخب للبلاد التونسية , و كل من يُحاول الاطاحة بشرعية الرئيس يلعب بالنار.
المطلوب من قيس سعيد اتمام ملف السوق المتوسطية للشغل وبالشراكة مع الاتحاد الاوروبي للحد من نزيف الحرقة.
هل من حلول فعلية للخروج من الازمة الاقتصادية ؟
الحلول موجودة و متاحة وظاهرة للعيان كما قال رئيس حزب افاق تونس عملية الاصلاح يمكن ان تكون بجرة قلم , مثال ادماج مكونات السوق الموازي الى الاقتصاد الرسمي و سيكون ذلك ضخ للدماء في الجسم الاقتصاد التونسي المريض و المنهك ,لتكن مصالحة مع “الكناطرية” ,, و ستنتعش السوق المالية, كما يمكن الغاء الرخص و فتح ابواب الاستثمار و النجاح اما الشباب عوض ان يموت بالبحر.
بالإضافة الى ضرورة تمكين الجيش من ادارة كل من وزارتي التجهيز و الاسكان و الفلاحة و وزارة أملاك الدولة …..مشروع تحلية مياه البحر.
هناك بلدان تريد الاستثمار في بلادنا, سهل الاجراءات و شجع الصين و غيرها من البلدان
يمكن انشاء عاصمة جديدة بشوارع نظيفة و بناء جميل و عصري تستقطب من خلالها السياح و تكون واجهة للبلاد , حيث يمكن انشائها بين سوسة و القروان و يتم ربطها بمطار النفيضة .
– كيف تتم بلورة هذا الكلام على مستوى حزبكم؟
لدينا مشروع في حزبنا لحل الأزمة الاقتصادية في 6 أشهر و ذلك بـحل الأشغال الكبرى لمجابهة معضلة البطالة مع فتح السوق أمام الاستثمارات الأجنبية يمكن أيضا انشاء محطات تحلية مياه في الجنوب و لحزبنا أيضا جملة من الحلول للتنمية و كمثال تطوير الصناعات بالاعتماد على الموارد الاساسية للبلاد و هي كثيرة فولاية تطاوين لها ثاني مخزون عالمي في الجبس و مخزون عالي للرخام و مخزون هام من رمل “السليك” و مخزون لا بأس به من المياه الباطنية قادر على تطوير الانتاج. لا بد ايضا الاهتمام بالموانئ الترفيهية لاستقطاب السياح واستغلال الطاقات البديلة. و العودة الى البحر باعتباره اساس للثروة و اخيرا التصدي لهجرة الادمغة, و تحفيزها على البقاء الابتكار و الخلق و الابداع.
ماذا سينتج القانون الانتخابي ؟
اذا ما تم إنجاز الانتخابات التشريعية القادمة بناء على القانون الانتخابي الجديد فسيكون البرلمان الحالي أسوأ من السابق وسيكون مشتتا.
هل رئيس الجمهورية عاجز عن التغيير ام يرفض التغير اصلا؟
رئيس الجمهورية له صلاحيات تشبه “صلاحيا جنكيز خان” و هي صلاحيات مطلقة و اسطورية لم يتمكن أي سياسي عبر التاريخ جمعها بين يديه ,السلطة التشريعية , السلطة القضائية , السلطة التنفيذية و حتى الروحية منها, فلماذا لا يقوم بتفعيل القوانين و امضاء المراسيم المستعجلة من اجل الاصلاح الذي طريقه واضح وضوح الشمس العالم في طريقه الى التغيير , اين تونس من ذلك, بُعيد الحرب الروسية الاوكرانية, جل بلدان العالم في طريقها الى تحديد توجهاتها واختيار حلفاءها ,كل هذا و البلاد التونسي تائهة و في عزلة تامة, تونس تتفاوض مع صندوق الدولي الذي هو بالأساس ملك للأمريكان هذه الدول الماحة ليست مؤسسات خيرية لأنهم يشترطون في معاملاتهم تركيز الاسس الديمقراطية, و بالتالي في ظل رفض الديمقراطية لن يمكنونا من القروض ,الازمة بين المغرب و الجزائر اين تونس منها؟ تونس لطالما كانت مثال يُحتذى بها في الحنكة الديبلوماسية .البلاد تعيش انعزالية خطيرة غير مسبوقة .
هل ستستطيع المعارضة تغيير و لو جزء من المشهد السياسي ؟
حركة النهضة و مشتقاتها تحكي على انقلابي و تنادي بحكومة في المهجر ,هذه ليست أولويات التونسيين , الذين هم في امس الحاجة الى مصالحة وطنية حقيقية ,بحاجة الى حوار وطني حقيقي يصب في متطلبات الواقع التونسي ,و تضميد جراحه,
تقييمك لحكومة نجلاء بودن؟
الحكومة الحالية اطلقت علها في مناسبات سابقة اسم الحكومة النائمة لأنه فعليا ليست لنا حكومة, ليست هناك سياسة , و ادعو الى اقاتها في اقرب وقت لأنها اصبحت مشكل و عائق في حد ذاتها.
موقفك من دور الاتحاد العام التونسي للشغل في الفترة الاخيرة ؟
الاتحاد ضعف و تأثر بما مرت به البلاد من أزمات, كغيره من المؤسسات و المنظمات , و لكن لازالت له قوة القرار و القدرة على التعبئة , الاتحاد يتعامل بحذر مع المحيطين به لأنه يعي خطورة المرحلة, المنظمة الشغيلة تتابع حالة اللامبالاة التي بلغها الشعب التونسي ,كما انها تعيش مشكل داخلي بالإضافة الى غياب حكومة قوية يتعامل معها , و لكن رغم ذلك مازال اقوى منظمة اجتماعية في البلاد.
