20.9 C
تونس
19 أبريل، 2024
حوارات سياسة

حمة الهمامي : ” الشعب التونسي هو الاَلية الديمقراطية والقوة الأساسية القادرة على اسقاط المنظومة “

حاورته يسرى حطاب

من المتعارف عليه أن الفعل السياسي في مفهومه البسيط هو قدرته على نزع الغموض عن كل المواطنين بالقدر الكفيل الذي يجعلهم قادرين على قراءة ما يحيط بهم. والغموض هو حالة من الارتباك  يفقد فيها الفاعلون السياسيون مقود الحياة السياسية ويفقدون فيها الإجابات الواضحة عن وضع شائك لا يتحكمون في تفاصيله، هذا هو حال المشهد العام في تونس اليوم فوضى و انعدام الحد الأدنى من الوضوح ،و للإجابة عن قليل من كثير كان لـ 24/24 الحوار التالي مع أمين عام حزب العمال حمة الهمامي

هل أحاطكم غازي الشواشي علما بالمبادرة التي قدمها لاتحاد الشغل؟

في بادئ الأمر يجب الإشارة الى انه لا وجود لتفاصيل مبادرة فعلية من المبادرات التي سمعنا عنها مؤخرا، غازي الشواشي لم يُعلم تنسيقية الأحزاب الديمقراطية بهذه المبادرة، و لم يطرح أي تفاصيل لهذه المبادرة على الخُماسي، حتى مبادرة منظمات المجتمع المدني هي في الحقيقة مازالت مجرد مشاريع سيتم بلورتها و تأطيرها  في قادم الأيام، ولذلك حزب العمال لا يمكن ان يتحدث و يُبدي الرأي في مبادرة مازالت غامضة ، و لكن في ظل هذا الوضع الخانق من الطبيعي ان نرى مبادرات، و مناورات و حتى تدخلات أجنبية ستكون لها يد في بعض القرارات، كل القوى المؤثرة في الشأن التونسي ستعمل بشكل أو باَخر على البحث عن التموقع في حل الأزمة و في ما بعدها.

وفي هذا الظرف الاستثنائي حذر أمين عام حزب العمال من كثرة ما وصفها بالمشاورات والمناورات والمبادرات، مؤكدا أن حزب العمال يعتبر أن المنطلق الحقيقي للحل هو ما يريده الشعب التونسي وليس تسويات تحت أي ضغط لاعادة نفس المنظومة.

ماهي الأولويات المستعجلة للخروج من هذه الأزمة؟

حزب العمال يرى في هذه اللحظة الراهنة كثرة الحديث عن الاَليات في غياب البرامج، مع العلم ان هذه الاَليات لن تجدي نفعا، ولسائل أن يسأل ما معنى اَليات؟

الاَليات كثيرة و مختلفة و من بينها المناداة بتنحية رئيس الجمهورية أو استبداله ، و لكن من قال أن ذلك حل يتغابى، و خير مثال أن رئيس الجمهورية قيس سعيد رفض نظام ما قبل 25 جويلية و استند في ذلك على المساندة الشعبية و لكن هذه الاَلية زادت في تدهور الأوضاع و أصبح هو ذاته يُكرس لنظام ديكتاتوري أشد خطورة من الذي سبقه، و هناك أيضا من يُنادي بحوارات و لكن حوارات حول ماذا؟ مع من؟ و بالتالي يجب تجاوز كل هذه الاَليات العقيمة و الانغماس فورا في تقديم و تطوير البرامج ، مع الرفض و بشدة ان تكون البرامج من رحم نفس الخيارات التي فشلت وساهمت في تدمير تونس ومن قبل من تسببوا في الوضع الحالي، ولذلك يجب ان يكون البرنامج في قطيعة مع ما سبق  لأن الشعب التونسي اليوم يئن من تدهور أوضاعه، البلاد التونسية غارقة في المديونية و الظلام، لابد من برنامج يوحد التونسيين ، و يكون محور تعبئة للطبقة السياسية المعنية بالتغيير و المهتمة بإنقاذ تونس و إخراجها من هذا الوضع المأسوي، و هذه القوى وحدها قادرة على تكليف حكومة مؤقتة لتنفيذ هذا البرنامج ذو البعد الديمقراطي و الاقتصادي الاجتماعي، و هذه الحكومة وحدها ستكون لها الصلاحيات لتُهيأ مناخ سياسي جديد عبر قانون انتخابي جديد و من ثمة تنظيم انتخابات و اطلاق نقاش مجتمعي حول الدستور.

قراءتك للوضع الراهن؟

البلاد تعيش أزمة حادة غيرمسبوقة، اقتصاديا، اجتماعيا، سياسيا، و حتى ديبلوماسيا، رئيس الجمهورية  قيس سعيد أزاح المنظومة السابقة التي تقودها حركة النهضة ليستبد بالسلطة، نحن في مرحلة ما قبل الانفجار لأن غلاء الأسعار و فقدان المواد الأساسية ، شح الموارد، و البطالة و غليان الشارع جميعها تصب في تعفن الوضع و انهيار الدولة، و الصراع القائم بين رئيس الجمهورية قيس سعيد وحركة النهضة سببه السلطة ومن يحكم،  ليس من أجل الخيارات فـ قيس سعيّد يواصل في نفس الخيارات السابقة، و بان بالكاشف أنه ابن المنظومة ولم يكن يوما من الأيام  ثوريا  ولا ثائرا . ومن هذا المنطلق   أؤكد بأنه سيسقط كما سقط سابقيه ابتداء ببورقيبة وهروب بن علي وانتهاء منظومة حركة النهضة.

هل يرى حزب العمال حلول بديلة للخروج بالبلاد من الأزمة؟

يقدم حزب العمال برنامجا يتكون من 10 نقاط ذات طابع اقتصادي و10 نقاط ذات طابع اجتماعي ويعتبرها الحد الادنى لأي برنامج انقاذ وسيتم طرحه على القوى التقدمية والديمقراطية، وهو برنامج يتطلب حسب تقديري التفاف الشعب التونسي حوله وفرضه على السلطة ويكون ذلك بقيادة وتأطير القوى الديمقراطية والتقدمية التي يجب ان تتحد لبلوغ نفس الهدف.

أولا : يجب ان يتم  تعليق تسديد المديونية لمدة 3 سنوات، يليها تأميم القطاعات الاستراتيجية والتجارة الخارجية وتجارة الجملة لضرب الاحتكار وتوفير المواد الضرورية، الغاء الاتفاقيات غير المتكافئة وعلى رأسها اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، ادماج الاقتصاد الموازي، الايقاف الفوري للتوريد العشوائي وتحديد قائمة في الحاجات الأساسية،  ارساء منظومة مالية وطنية سليمة من خلال بنك مركزي وطني غير مستقل ونواة بنكية عمومية هدفها الاستثمار، وضع خطة لمقاومة الفساد واسترجاع اموال الدولة لدى الخواص والشركات والتي قدرها الخبراء بحوالي 12 الف مليار من المليمات، ارساء نظام جبائي عادل وتصاعدي حسب الدخل والثروة، اقرار ضريبة استثنائية على الشركات والثروات الكبرى  والحد من الانفاق غير المنتج في الادارة والمؤسسات العمومية،  ايقاف الحوافز المالية والجبائية للشركات ومنح الاستثمار التي ظلت دون نتيجة تذكر ومطالبة الشركات غير المقيمة بعدم تحويل ارباحها لمدة ثلاث سنوات.

أما الإجراءات الاجتماعية التي يقترحها حزب العمال فهي :

مضاعفة الأجر الادنى على ان لا يقل عن 1000دينار،ومنحة للمعطلين عن العمل مع منحهم مجانية التنقل والعلاج وتحسين ظروف عيش المتقاعدين وضمان ظروف عيش كريمة للرياضيين والفنانين والمبدعين القدامى، مع تمكين الشباب في الارياف من مقاسم فلاحية ومساعدتهم على استغلال الارض جماعيا عن طريق التعاونيات ووضع الضيعات الدولية تحت ادارة العمال المنتجين مباشرة، و ارساء تعليم واحد وصحة واحدة متساوية ومجانية لكامل الشعب التونسي، بالإضافة الى توفير المياه الصالحة للشرب واعتماد سياسة مائية بعيدة النظر تأخذ بعين الاعتبار المخاطر المناخية، و  تحسين النقل العمومي وتوقير السكن اللائق، ناهيك التخفيض في الاسعار وتجميد الاسعار المواد الاساسية في مستوى معقول، مع  مجانية العلاج  و الولادة للنساء الحوامل وتوفير المحاضن ورياض الاطفال البلدية وفي مؤسسات العمل، توفير الاليات الضرورية لحماية النساء من العنف وتطبيق القانون المتعلق بنقل العاملات والعمال الفلاحيين،  الغاء ديون الفلاحين والبحارة الصغار والحرفيين وتوفير المساعدة اللازمة لتطوير انتاجهم وحماية المؤسسات الصغرى والمتوسطة من الانهيار، أخيرا  وضع خطة عاجلة لحماية المحيط وتوفير ظروف عيش سليمة لكافة المواطنين وخاصة في الاحياء الشعبية والمناطق الداخلية.

هل ان صراعكم مع النهضة صراع حول الهوية أو البرامج؟

لن نتحالف مع حركة النهضة لعدة أسباب لأن حركة الإخوان المسلمين معادية لمصالح الشعوب العربية والإسلامية، كقوى حليفة في الأساس لأميركا ولقوى الاستعمار الأجنبي، ولأنها تتلون و تدعي الفصل بين الدعوي والسياسي و هي كذبة قديمة، يعود تاريخها إلى حسن البنا في أربعينيات القرن الماضي، وهي مبطنة لتتقاسم أدوار وخدمة أهداف سياسية، والنهضة ليست حركة مدنية كما تروج، وهو ما تؤكده مواقفها من عديد الأحداث، أبرزها قضية المساواة بين الذكر والأنثى في الميراث الذي عارضته النهضة بشدة، ناهيك العديد من الاختيارات الواضحة و التي تم كشفها علنا ، و بالتالي صراعنا مع النهضة كمنظومة فاسدة أرهقت و أثقلت كاهل التونسيين على جميع المستويات ، مارست سياسة الغنيمة ، فقرت الناس و نهبت الدولة ، سنطالب بالمحاسبة الى اَخر رمق.

هل يمكن الحديث اليوم على تعبئة الشارع في ظل تشتت المعارضة؟

في بداية الامر من الضروري الإشارة الى أن التاريخ يُجيب ، أما بخصوص هذا الاختلاف بين المعارضات لا أراه تشتتا ، لان المتعارف عليه في كل أنحاء العالم وجود تعددية في المعارضة ، و حزب العمال عندما يتحدث عن الشارع لا يعني بذلك الأحزاب و المجموعات التي تظل في نهاية الأمر أقلية ، بقدر ما نتحدث عن مئات الالاف من التونسيات و التونسيين الذين خرجوا للشارع سنة 2010 و سنة 2011،  و الذين سيخرجون مرة أخرى طال الزمان أو قصر ، و هؤلاء لن يستشيروا أي حزب عندما يقررون الانتفاضة لأن تحركهم سيكون تلقائي نتيجة الشعور بالغبن و الضيم و القهر الذي الحقه به الحكام، و هنا يأتي دور الأحزاب لتأطير هذه التحركات، خلاصة القول الشعوب لا تخنع أبدا ، تمر بفترات احباط و لكن تنهض من جديد للدفاع عن كيانها، و حاليا الشعب التونسي هو الاَلية الديمقراطية و القوة الأساسية للتغيير و فرض الإصلاحات.

ماهي أهم تحركاتكم في الفترة القادمة؟

سينظم حزب العمال احتجاجا يوم 14 جانفي الجاري مع الأحزاب الاجتماعية وبصفة مستقلة عن جبهة الخلاص وعن الحزب الدستوري الحر. ونجدد التأكيد على أن حزب العمال يدعم اسقاط كامل المنظومة بكل أوجهها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لأنه من حق الشعب التونسي التمرد على الفقر والبؤس.

موقف حزب العمال من المحاكمات التي طالت العديد من الشخصيات؟

أعبر عن تضامني مع كل من يتم تتبعهم بموجب المرسوم 54 ومن بينهم الناشط الحقوقي العياشي الهمامي وايضا نتضامن مع كل من احمد نجيب الشابي رئيس جبهة الخلاص ورضا بلحاج القيادي في جبهة الخلاص ونؤكد دعمنا المتواصل ودفاعنا عن حرية التعبير.

هل اليسار في تونس في ظل ما يشهده من انقسامات قادر على اثبات بصمته؟

اليسار التونسي صمد لأكثر من قرن وهاهنا أقصد اليسار السياسي، المرأة التقدمية، الشباب التقدمي، النقابي، و حتى المنعرج الذي عرفه الاتحاد العام التونسي للشغل في سبعينات القرن الماضي كان بفضل اليسار التونسي، و رغم اننا في ثورة 2011 كنا ضعاف في الميزان العام الا أننا حاولنا بكل الوسائل التعبير عن مطالب المقهورين و المكلومين، ناهيك ان الميزان حينها لم يكن في تونس فقط بل في المنطقة ككل ،حيث كان هناك استهداف واضح لليسار و قطع الطريق من حوله، في المحصلة حزب العمال كان و سيظل وفيا لمبادئه اذ لم يرتكب أي أخطاء تذكر في المحطات الكبرى و الرئيسية التي مرت بها تونس ، و نحن اليوم نحاول استعادة مكانتنا بين عموم أبناء الشعب التونسي من خلال تقديم برامج عملية حقيقية تُلبي حاجيات الفقراء و المهمشين.

Related posts

عصام الشابي: “الانقاذ في كنف السيادة الوطنية” ضروري

root

رئيسة الوزراء الإيطالية في زيارة عمل لتونس

Na Da

إيطاليا تعارض ترشيح سفير إسرائيل الجديد لدى روما

Ichrak Ben Hamouda

Leave a Comment